بعد طرح الأسئلة وتلخيص المشكلة والحل تم الطرح كالآتي :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله اختي الفاضلة
التمهيد الإستشاري
أسأل الله العظيم ان يرزقك الخير كـله وييسر كـل امرك ويرزقك السعادة وراحة البال :
حقيقة بحثت عن أي سبب يجعلك تشعرين بالضيق وسواء الحالة النفسية التي تمرين بها فلم أجد أبداً
فقد سيقت لك الدنيا بأسرها ، فلو نظرنا لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال وهو الذي لا ينطق عن الهوى { مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا }
ويعني : من جمع الله له بين عافية بدنه ، وأمن قلبه حيث توجه ، وكفاف عيشه بقوت يومه ، وسلامة أهله ، فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها
وهذا يجعلك تشكرين الله وتحمديه على نعمه التي لا تحصى ولا تعد والتي اغرقك بها حتى يزيدك الله من فضله
حتى نقاط الضعف في شخصيتك متوافقة تماماً مع زوجك فأنتما منسجمان جدا جدا مع بعضكما من ناحية حب البيت وعدم الاختلاط الكبير مع الاخرين ، فالصعوبة عندما تجتمع زوجة انطوائية لا تنسجم ولا ترتاح للخروج والاجتماعات ، مع زوج عكسها يعشق الخروج والاختلاط والاجتماعات ، فهنا يظهر الفرق وتشعر الزوجة بالضيق
أمــا في حالتك انتما الاثنان متطابقان تماما في كثير من شخصيتكما ولديكما نقاط عديدة جدا جدا مشتركة
حتى اخواتك وسلفاتك لا توجد منهن من تعمل او موظفة لتشعرك انك اقل منها فكلهن ربات بيوت منشغلات بأولادهن وبيوتهن ولا يفرقن عنك بشيئ لتشعري بالنقص ، بل انك متفوقة عنهن جميعا ، فها انتِ تكملين تعليمك في مكان مرموق وستنالي شهادة تؤهلك للعمل مستقبلا ولك زميلات دراسة وتخرجين وتقابلين الطالبات ومستواك فيه ممتاز فهذا يجعلك تفخرين بنفسك فأنتِ ام وطالبة معا واستطعتي التوفيق كل تلك السنين ، والتقصير لابد وان يوجد هذا طبيعي عند كل النساء
الرأي الإستشاري
اختي الفاضلة امورك طيبة ولم ارى منك اي تقصير تجاه بيتك وزوجك واطفالك ، فالزوجة ليست روبوت تنجز كل المهام بنجاح في وقت محدود ، لابد وان تمر اوقات على الزوجة تشعر بعدم الرغبة في انجاز بعض ما عليها ، قد تقصر في الطبخ او التنظيف او غسل الثياب او الاعتناء بأولادها هذا طبيعي جدا ووارد ولا يدل ان الزوجة مهملة او مقصرة لان هذه حالات مؤقتة نتيجة تعب او مرض او فتور الهمة من وقت للآخر وليس ديدنها طوال حياتها الزوجية ، فهذا لا شيئ فيه ولا يدعك تجلدين نفسك بهذا الشكل ولا ان تقللين من شأنها وتفقدين الثقة بنفسك او تنهز ولو لقيد انملة
فالشكوى من مسؤولية الزواج والابناء يشكين منها كل النساء بلا استثناء من تزوجت صغيرة ومن تزوجت كبيرة من عاشت في بيت اهلها مدللة او من كانت معتمدة عليهم في كل شيئ ، ومن كانت مسؤولة عن اخوانها وكل شؤون اهلها ، من تزوجت بعيدة عن اهلها ومن تزوجت قريبة منهم ، من لديها ولد واحد ومن لديها اكثر ، من انجبت اطفالها وراء بعض ومن جعلت بينهم عدد من السنين ، كلهن يشكين بعد الزواج لان مسؤولية الزواج صعبة على الجميع بلا استثناء
ولتعلمي اختي ان شكوى النساء من تعب العمل ومشقته موجودة عند افضل النساء واكملهن والدليل ان ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يثقل عليها رضى الله عنها عمل البيت ومهامه الشاقة المتعبة وهي التي اتى وصفها في الحديث الصحيح بانها من النساء الكاملات
جاء في حيث علي رضي الله عنه { أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى في يدها من الرحى فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً، فلم تجده فذكرت ذلك لـعائشة فلما جاء أخبرته قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم فقال: مكانك، فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ( ألا أدلكم على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا أربعاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين فهذا خير لكما من خادم ) }
و أسماء بنت أبي بكر الصديق تتحدث في الحديث الصحيح عن ما تقوم به من تعب ومشقة وسيرها المسافات البعيدة وهي تحمل فوق رأسها الاثقال لتخدم بيتها وزوجها الزبير
وبالتالي فهذا ادعى ان يشعرك بالراحة والطمأنينة والثقة بالنفس
الله عز وجل عندما قسم العمل جعل عمار البيت وكل ما يخص داخله من شأن المرأة اما خارج البيت فالرجل اقدر عليه ، ولم يعطي الله هذا التخصيص للمرأة الا لعلمه انها قادرة عليه فلم يظلمها عندما جعل الحمل والولادة والارضاع والسهر على الطفل والعناية به من تنظيف واكل وصحة من شأنها بل هذا تقدير لها لان المهام الصعبة الشاقة لا تعطى لاحد الا لمن كان اهلاً لها ولمن شرفه الله بحمل هذه الامانة العظيمة
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « والمرأة راعية عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ » [الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: مسلم، صحيح].
نصائحي لك :
1) احمدي الله واطلبي منه في كل سجود ان يعينك ويقويك على تربية ابنائك والقيام بواجبات زوجك وبيتك على النحو الذي يرضيه عنك
2) هوني على نفسك فأنتِ تضخمين المسؤليات وتلقين باللوم والخطأ على نفسك بشدة فالمشكلة تكمن في الشخصية التي تملكينها فهذه الشخصية مغرمة بالتنظيم والترتيب ، تعشق الدقة وتتضايق أيما تضايق حينما يختلف ترتيب الأشياء أو عندما تجرى الأمور على غير عادتها.
3) أنتِ حساسة إلى درجة كبيرة من أمور لا يتحسس منها الناس في العادة. وتهتمين كثيراً بشكل مقلق بتفاصيل الأمور ودقائقها وتحرصين جداً على اتباع روتين النظام مما قد يؤثر سلباً في تطبيق روح ذلك النظام ويؤثر سلبا على شريكك خاصة لو كان عملي او تلقائي.
4) أنتِ قلقة وبالأخص تعانين من ما يسمى بـ { قلق الإنجاز } فالمشكلة تكمن في طموحك الذي يفوق طاقتك وسعيك للكمال ولكن لا يوجد كمال على وجه الارض نحن بشر حتى اطفالك لو رسمتي لهم طموح كبير جدا ، ومستقبلا ان واجهتك بعض العراقيل التي تواجه اي أم بخصوص تفوق ابنائها فسوف ينتابك القلق والاحباط والاكتئاب وستتعبين وهذا خطا كبير
5) طموحك واحلامك وخططك للتنظيم لا تتوافق وقدراتك فالمفروض ان يوازن الإنسان ويضع خطط تتوافق مع قدراته على القيام بالمسؤليات على قدر طاقته وعلى قدر نفسه وظروفه ووقته
6) مشكلتك ان طموحك لا يرضى الا بكل شئ كامل وحسب ما خططي له فإن حصل خطأ ما او شئ خالف ما خططي له تركتي كل شئ واصبتي بالاحباط وتغيرت الخطة 360 درجة
7) انتِ أم لاطفال فمعرضة جدا لأن تتغير خطتك وانا ضد الخطط لمن في حالتك وقلقك ، عيشي اليوم بيومه
8) تشددك على دقائق الامور وقلقك الزائد وعصبيتك وقلة ثقتك بنفسك وشعورك انك اقل من الاخرين يجعلون زوجك غير واثق بقدراتك ولذلك يوجه لك الانتقادات ، ولو كنتي اكثر مرونة وتلقائية وارتياح وراحة اعصاب فلن يقلق ولن يعلق لانه يعلم قدرتك على القيام بكل الامور دون تشنج او قلق او ارتباك
9) أنتِ تتعاملين مع رغبات أطفالك وكأنها واجبات وأوامر. كما أن فيك الخوف من الوقوع في الخطأ هوني على نفسك وخذي الامور باريحية وتلقائية فشخصيتك غير مسترخية ابداً .
خطوات الحل
شخصيتك لا يصلح لها الجداول والمواعيد المضبوطة والمهام لان عدم اتمامك المهمات التي عليك او حتى عدم انجاز احدها او عدم انهائه كما ترغبين سيصيبك بالقلق والحزن ويؤثر على نفسيتك بالسلب وهذا مالا نريده ، فيجب ان نراعي نمط الشخصية قبل ان نخطط الجدول وننظم حياتنا، فلا يصح ان تكون الطريقة نمطية للجميع بل يجب مراعاة الشخصية ونوعها فلكل شخصية جدول يناسبها حتى لا يزيد الازمة ان لم نستطع الالتزام به
كوني تلقائية واعملي بروح مرتاحة وابتسمي حتى في احلك لحظات تعبك لان المخ لا يستطيع ان يميز بين الابتسامة النابعة عن ضيق او عن فرح ، فعندما تبتسمين ترسل اشارات للمخ بحركة العضلات في الوجه وعندها تفرز هرمونات تبعث الراحة فعلا لنفسك وجسمك
حددي اولوياتك وفق ما ترينه مناسب لك ، الان انتي طالبة ارى ان تكملي دراستك وتتفرغي بعد اكمال الدراسة لباقي الهوايات ، ولكن من وجهة نظري ارى الاولويات في :
اشباع اطفالك حب وحنان وعاطفة والتخلص من عصبيتك على قدر ما تستطيعي وبالتدريج لا تجلدي نفسك
تأمين ما يحبه زوجك او ما يسعد حينما يجده ولو امور بسيط مثل استقباله ، تجهيز الطعام قبل وصوله ، تجهيز ثيابه ، الحديث معه بوجه بشوش ، هذه امور بسيطة لكنها ستسعده جدا
العبادة أي الصلاة والذكر اثناء العمل
ارى هذا كافي جدا وهذا يجعلك تقومين به دون عناء ويجعلك تحافظين على ما تقومي به وفي اخر النهار ستجدي نفسك سعيدة لانك انجزتي الكثير .
واخيرا اسأل الله ان ينير قلبك ويشرح صدرك ويسخر لك زوجك ويسخرك له ويرزقكم الخير كله
ختام الإستشارة ونهايتها
جزاك الله خيـرا حبيبتي
كلماتـك رفعت من معنوياتي كثييرا
وباذن الله ساكون افضل من ذي قبل
لاني وجدت فيك الاخت الناصحة المحبة التي لم استطع ان بوح باي شيئ الا لها
ولا امـلك الا ان ادعو الله لك بظهر الغيب
وجعله الله في موازين حسناتك كل تغيير للافضل في حياتي
كما اسالك ان تدعو الله باصلاح الحال في الدنيا والاخرة كلما تذكرتني
واخيرا جزاك الله عني كل خير