-
سُلْطان بلا سَلْطَنَه
سُلْطان الأباريق!!!
.....................
يُحْكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الإشراف على الأباريق لحمام عمومي،
والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته
ثم يُرْجع الإبريق إلى صاحبنا، الذي يقوم بإعادة ملئها للشخص التالي وهكذا.
في إحدى المَرَّات جاء شخص وكان مستعجلا فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة وانطلق
نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة وأمره بالعودة إليه فرجع الرجل على مضض،
وأمره مسؤول الأباريق بأن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه،
فأخذه الشخص ثم مضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يُسَلّمْ الإبريق
سأل مسؤول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق،
فقال مسؤول الأباريق بتعجب: إذن ما عملي هنا ...؟!
-
إن مسؤول الأباريق هذا يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يَتحَكّمْ وأن يأمر وأن ينهى
مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج الى التعقيد، ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق!
إن سلطان الأباريق موجود بيننا وتجده أحياناً في الوزارات أو في المؤسسات أو
في الجامعات أو المدارس أو في المطارات، بل لعلك تجده في كل مكان تحْتك فيه مع الناس!
-
ألم يحدث معك، وأنت تقوم بإنهاء مُعاملة تخصّك، أن تتعطل مُعاملتك لا لسبب إلا لأنك
واجهت سلطان الأباريق الذي يقول لك: إترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين،
ثم يضعها على الرف وأنت تنظر، مع أنها لا تحتاج إلا لمراجعة سريعة منه
ثم يحيلك إلى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته إلا إذا تكدست عنده المُعاملات
وتجمع حوله المراجعون.. إنه سلطان الأباريق يُبْعَث من جديد!
إنها عقدة الشعور بالأهمية ومركب النقص بالقوة والتحكم بخلق الله!
إن ثقافة سلطان الأباريق تنسحب أيضا على المُدَراء والوُكلاء والوُزراء..
تجدها في مبادئهم حيث إنهم يؤمنون بالتجَهُّم والشدة وتعقيد الأمور ومركزيتها
لكي يوهِموك بأنهم مُهمُّون، وما علموا أن أهميتهم تنبع من كراسيهم أكثر من ذواتهم ...!!
.....................
ولقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد
(اللهم من رَفق بأمتي فارفق به ومن شق على أمتي فشُقّ عليه) ،
ولكنى أستغرب من ميل بعض الناس إلى الشدة وإلى التضييق على عباد الله في كل صغيرة وكبيرة،
ولا نفكر بالرفق أو اللين أو خفض الجناح، بل نعتبرها من شيم الضعفاء!
مع أن هذا التضييق على الناس هو نوع من المكر السىء الذى ذكره الله فى قوله :-
{ اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ .. وَمَكْرَ السَّيِّئِ .. وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ .. فَهَلْ
يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً } [فاطر : 43]---
إنها دعوة لتبسيط الأمور لا تعقيدها ولتسهيل الإجراءات لا تشديدها وللرفق بالناس
لا أن نشق عليهم، ولكم نحن بحاجة للتخلص من عقلية سلطان الأباريق
(وما أكثرهم في هذا الزمان)،
وهَوِّنها وتهون.-
..........
" منقووووووول ,, مما راق لي "