اخواني واخواتي .....
انا استمتع عندما اقرأ لكلمات هذا الكاتب .....
ونقلت ما استمتعت به لكم .....
سحر الكلمة
في العشرة الزوجيّة
بقلم: م. عيسى المسكري
[COLOR="Blue"]للكلمة أهمية عظمى في حياتنا الزوجية
ولها مغزاها العاطفي ومدلولها الاجتماعي ومحتواها الوجداني وتلعب دورا مهما في تنمية علاقاتنا الاجتماعية والأسرية
والكلمة جواز سفرك إلى عالم المودّة ومكان استقرارك في وطن المحبّة وسبيل فراقك ورحيلك حيث الشوق والانتظار فمهما ازدادت الآلام العاطفية بين الزوجين ستبقى الكلمة الطيبة هي البلسم الشافي على جروح أحزاننا والمرهم الدافئ على أوجاع همومنا.
ومن بين أجواء هذه الكلمة يتدفق المعين الخير والمنبع الصافي فتنتعش القلوب وتطمئن الأفئدة وتسكن الجوارح وتعرّش في سماء المتحابين سحابة الدفء.. والأمن.. والأمان.
الكلمة الدافئة
والكلمة الدافئة تحمل أنينا وحنينا تتجلّى في حنايا العشرة الزوجية فقد كان النبيّ يلاطف زوجته عائشة بكلمة فيها من العطاء المتشبع بالحنان فيقول: «ياعائش« وهو استعمال عرف عند أهل اللغة بالتدليل.
إنّ هذه النغمة الوجدانية سرّ السعادة الزوجية وبدونها لا تكتمل السعادة ولا تحلو الحياة فلا بدّ أن ندرك أنّ الزوجة كالزهرة إن رويتها بكلماتك الناعمة وألفاظك العاطفية وعاملتها بالرحمة وغمرتها بالحنان تفتّحت وفاحت مسكا.. وعاشت طويلا.. وملأت بيتك وحياتك عطرا وجمالا وإن أهملتها أو قسوت عليها بكلماتك الجارحة ذبلت وماتت قبل أن تمنحك شذاها فالزوجة وردة حلوة تهزّها أعاصير كلماتك القاسية.. ولكنك بكلماتك الطيبة تظلّ سياجها المنيع.. وكهفها الذي تأوي إليه.
أنا أحبّك
يقول فايز سليم في كتابه اللمسة السحرية في السعادة الزوجية: «كلمة أحبّك لها مفعول عجيب وتأثير ساحر في نفس سامعها فهذه الكلمة تفتح آفاق الحياة وتبعث الأمل في النفوس وترسم لوحة السعادة بقلم الحب. وإنّ هذه الكلمة تدفع إلى تحقيق المستحيل لكن الكثير منا يعتبر هذه الكلمة وغيرها من كلمات الحب والغزل شيئا تافها وأمرا ساذجا.. بل يزيدون في ذلك ويعتبرونها من «المراهقات المتأخرة التي لا تليق بأفعال الرجال«.
فلا تتردد في أن تعرب لزوجتك - كلما سنحت الفرصة - عن مدى حبّك لها وإعجابك بها فكم تنتعش الزوجة وترتاح إلى هذه الكلمة وهي عبارة واضحة عن التعبير الصادق عن الحب فتتأكد الزوجة أنها ما زالت الحمامة الساحرة التي استطاعت يوما أن تمتلك قلب زوجها.
ولا تكتفي أيها الزوج بأن تقول: «أنا أعلم أنها متأكدة بأنني أحبها« بل أفصح عن تعبيرك بكلمة واضحة: «أنا أحبّك« فهذه الكلمة الصغيرة لا تكلفك درهما واحدا لكنها تسحر نفس الزوجة وتحمل في ذهنها معاني الحب والوفاء فتتمنى سماعها كل وقت وحين وتجدها تلحّ على زوجها بأن تسمع منه هذه العبارة وتسأله دائما هذا السؤال: هل تحبني؟
عن المقداد بن معد يكرب رضي اللّه عنه عن النبي قال في الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داوود: «إذا أحبّ الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه«.
إنّ التعامل مع القلوب يحتاج إلى الماء المتشبع بالعاطفة التي تروي هذه القلوب المتعطشة حتى إذا رويت اهتزّت وربت وأنبتت من كل أنواع المحبّة والمودّة ما هو بهيج.
الكلمة وتفاوت معانيها
فالناظر في تفاوت معاني هذه الكلمة ومساحة تباينها يجد أن هناك كلمة قد تدخلك في دائرة المتزوجين تقابلها كلمة (طالق) قد تنهي كل ما بنيته وزينته ووضعته في عشّك الآمن لآمالك وأحلامك وقد بين نبيّنا ما لهذه الكلمة من تفاوت وتباين.
فكلمة قد تدخلك الجنة وتسعدك وكلمة قد تدخلك النار وتشقيك.
كلمة قد تهوي بك في النار سبعين خريفا وكلمة صادقة بريئة قد تخلّدك في الجنة وتكون سببا لسعادتك الأبدية.
كلمة ترفعك إلى علّيين فتحشر مع الأنبياء والصالحين وكلمة تزلّك إلى أسفل السافلين مع فرعون وهامان وقارون. كلمة ترسم لك طريق الأمل والشفاء وكلمة تحطمك وتدمرك وتمسحك من الوجود.
ولقد سئل أحد العلماء: «إلى متى تظل تكتب العلم؟« فقال: «لعلّ الكلمة التي فيها نجاتي لم تكتب بعد« ولا يدري الإنسان متى يقول الكلمة فيهدي اللّه بها خلقا كثيرا. ويقول التابعي الجليل عكرمة تلميذ ابن عباس: «إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فيفتح لي خمسون بابا من العلم«.
الكلمة الطيبة صدقة
لا تبخل أيها الزوج بعطائك لأنّ البخل بكلماتك الحلوة أخطر على النفس وأشدّ ضررا على الأفئدة من البخل بالمال فكلمتك الطيبة صدقة لما لها من تأثير في أسر قلب زوجتك وهي سمة من عطائك حيث تنير دروب الحائرين وتفتح آفاقا وجدانية للسالكين.
فقد أخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال النبيّ : «الكلمة الطيبة صدقة«. ولقد سأل الكاتب الاجتماعي محمد رشيد العويد مجموعة من النساء عن موقفهنّ ومشاعرهنّ تجاه كلمات رقيقة طيبة فيما لو صدرت من أزواجهنّ فكانت هذه بعض إجاباتهن:
* سأكون سعيدة وسأردّ على كلامه بكلام أحسن منه.
* أشعر بالرضا لأني أرضيت ربي.. ونلت رضى زوجي.
* ترتفع معنوياتي كثيرا وقد يزداد حبي له أكثر فأكثر
* يختفي إحساسي بالتعب.
دلالات الكلمة
لكلّ كلمة دلالاتها السحرية وأبعادها العاطفية ودورها في إنعاش المحبة والمودّة فبكلمة طيبة تهمس بها في سمع الزوجة تجعلها تشعر كأنها تملك الدنيا وتدفعها للمحافظة على زوجها والتشبث بكيانه وتبقيها في دائرته وتحت حمايته ومملكته مفتخرة بشخصيته وبلطف كلماته وعذوبة ألفاظه ورب كلمة لا تملك الزوجة عند سماعها إلا الفراق من زوجها بل تتمنى له الهلاك والويل والانهيار لأنّ هذه الكلمة خلعت جذور المحبة وأطفأت شعلة المودّة التي كانت تضيء دائما في عشها ومركز ارتقائها وسموّها.
فلسفة الكلمة
تلعب فلسفة الكلمة في حياتنا اليومية دورا مهمّا في تقوية علاقاتنا وغرس بذرة البقاء في أرضنا وفي أجواء سمائنا فكلما فتحت فمك لتتكلم فإن زوجتك تستطيع بمداركها وقدراتها العاطفية أن تشخّص صورتك الحقيقية وما تحمله من حب ولوعة وحنان وبقدر ما تكون كلمتك لطيفة بقدر ما تكون لطيفا في سلوكك فتسعدك هذه الكلمة وتسعد زوجتك وبقدر ما تكون كلمتك قاسية بقدر ما تكون قاسيا فظّا غليظ القلب تترك حسرة وندامة في نفسك واضطرابا وتوترا وقلقا في قلب زوجتك.
فالكلمة هي أنت بحركاتك وسلوكك مهما حاولت أن تتهرب من شخصيتك أو تخفي نبرة صوتك ستبقى فطرتك تفضحك من خلال قسمات وجهك أو فلتات لسانك وفي علم النفس يستطيع الطبيب المعالج من خلال ذبذبات الصوت أن يعرف بواسطة الكلمة (العلّة أو المرض) التي يشكو منه المريض وبخاصة عندما يكون مصابا بالاضطرابات النفسية وانفصام الشخصية كما تأكد أن التنويم كوسيلة لمعرفة المرض يجعل المريض يتحرر من كل كبت فيطلق صوته الطبيعي ومن خلال هذا الصوت يستطيع الطبيب أن يحدد نوع المرض فالعقدة التي يشكو منها الإنسان تجعل كلماته عندما يتحدث عنها وهو نائم مضطربة قلقة غير مستقرة والطبيب يراقب الكلام وعندما يشعر بارتجاف في كلمة معينة يكون قد وضع يده على مفتاح العلّة أو العقدة وبالتالي اكتشاف المرض.
[COLOR="DarkRed"]فوائد الكلمة
ومن فوائد الكلمة الطيبة أنها تحيي الأرض بعد موتها وتزينها بثوب الحسن والجمال وتفرشها ببساط أخضر فتستجيب السماء لتذرف على وجنتيها دموع الفرح وتتساقط قطراتها على الأرض لتكون وعاء لدموعها ومن نتائجها أن تجري الأنهار وتتفتح الأزهار وتخضرّ الأشجار وتتزيّن الثمار فيستظلّ الزوجان بظلال المودّة والحنان.
والكلمة الطيبة شجرة تعطي عطاءها كل وقت وحين يتمتع الإنسان بجمال لونها وحلاوة ثمارها وعذوبة رائحتها وهذا ليس للإنسان فحسب بل للحيوان وللنبات بل للكون كلّه وكل من يعيش في تراب هذه الأرض سوف يصله هذا العطاء المثمر برغم وعر الطريق وبعد مسافة هذه الشجرة وصعوبة الوصول إليها وإذا لم تصلك طازجة في الوقت نفسه ستصلك إمّا معلّبة أو مغلفة أو مثلجة أو مجففة لتبقى عطاء مستمرا وثمارا يانعا للبشرية وللإنسانية.
وهذه قطرة من بحر خصائص الكلمة الطيبة.