في العام الماضي 2003 قام صندوق الحياة البرية العالمي بدراسة للكشف عن وجود أكثر من 70 مادة كيميائية صناعية في دماء 155 متطوعا، وكانت النتائج مرعبة للجميع، وصدمت إحدى المتطوعات لاكتشافها أن جسمها ملوث بثلاثين مادة كيماوية صناعية -على الأقل- منها الكثير من المواد التي منع تداولها في جميع أنحاء العالم منذ أن كانت طفلة! بل إن البحث قد أظهر أن جميع دماء المتطوعين تحتوي على مادة "بي سي بي" التي استخدمت في الفترة ما بين الخمسينيات والسبعينيات في العديد من المنتجات المختلفة كالمحولات الكهربائية والطلاءات والمواد اللاصقة والمنظفات المنزلية، وانتهى استخدامها من جميع أنحاء العالم، إلا أنها لا تزال موجودة في جميع البيئات حول العالم، وتتسبب هذه المادة في ظهور العديد من الأمراض، كما أن لها تأثيرا سلبيا على التطور العصبي والقدرة العقلية للأطفال. كما أظهرت دراسة, أن هناك علاقة بين وجود بعض أنواع المبيدات الحشرية في دم الحبل السري أثناء الولادة، وبين زيادة احتمالات ولادة أطفال منخفضي الوزن أو منخفضي الحجم. وأظهرت الدراسة نشرت في إحدى المجلات العلمية المتخصصة في البيئة أن قرار هيئة حماية البيئة الأمريكية بوقف استخدام بعض أنواع المبيدات الحشرية قد أثر إيجابيا على حجم ووزن الأطفال حديثي الولادة. ولكن كيف تصل هذه المواد الكيميائية القاتلة لأجساد البشر؟ الواقع أن هذه المواد تصل للبيئة بسرعة أثناء تصنيعها أو بعد ذلك، نتيجة لتسربها إلى المياه والتربة أو عن طريق حرق المنتجات التي تحتوي على هذه المواد الكيميائية. وتستطيع هذه المواد المستقرة كيميائيا السفر لمسافات طويلة في الماء والهواء، وتمتصها الكائنات الدقيقة والهائمات النباتية في المحيطات، وتقوم بتجميعها وتركيزها. وبما أن هذه الكائنات تشكل الحلقة الأولى في سلسلة الغذاء، فإنه من السهل أن يصل التلوث إلى أجسادنا مباشرة، أو عن طريق المنتجات الغذائية مثل المأكولات البحرية والدهون الحيوانية الملوثة. إن هناك كثيرا من المؤشرات تشير إلى عجز الجسم عن التخلص من هذه المواد، والتي تظهر في صور متعددة من بينها الخمول والصداع. ويأمل باحثون أمريكيون في وضع فهرس بالمواد الضارة المتراكمة في الجسم البشري، بعد أن نجحوا في رصد آثار للمبيدات الكيميائية والملوثات الأخرى لدى عدد من المتطوعين. ورغم تشبيه العلماء لجسم الإنسان بأنه موقع لردم النفايات، فإن دراسة الملوثات داخله لا تزال متخلفة عن دراسات التلوث في الجو والمياه والتربة، والنفايات الصادرة عن المعامل ومنشآت الطاقة والسيارات، وحتى النفايات الإلكترونية الحديثة. وتأتي المشكلة الكبرى من عدم وجود نظام رقابي جيد لمراقبة إنتاج وتداول هذه المواد دون الخضوع لاختبارات السلامة الصارمة. ويقول أحد الباحثين في هذا المجال: "ليس هناك حيوان أو شخص واحد على الكوكب لم يتعرض إلى المواد الكيميائية الصناعية التي لا تتوافر عنها معلومات السلامة الأساسية.. هذا ما هو موجود في البلاد المتقدمة فكيف الحال بنا؟
وقفة
أيتها البيئة: إذا أشتكيتي بهذه الآلام فكوني قوية على مصارعتها, وقد تصرعك مرة إذا بدرت منك غفلة, فلا تكوني حينئذ جبانة في النهوض كما كنتي جبانة في الوقوع000
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
جريدة البلاد الخميس 14/5/1425ه،
الكاتب د0فهد تركستاني