الخيانة الزوجية
محمد محمد فريد
أصل الخيانة : التفات الشريك إلى غير شريكه .
وهذا الالتفات يمكن أن يكون :
1- النظرة المحرمة : سواء كانت إلى أشخاص واقعيين أو صور محرمة في المجلات أو التلفاز أو الإنترنت.
2- الحديث المحرم : سواء كان عبر الهاتف أو الإنترنت ، أو الحديث المباشر.
وليس كل حديثٍ بين المرأة والرجل الأجنبي حراماً ، وإنما المقصود : الحديث بنيَّة التمتع المحرم ، مع الخضوع بالقول من أحد الطرفين.
3- اللقاء بقصد المتعة .
4- المواقعة الجنسية .
ورغم اشتراك هذا جميعاً في لفظ الخيانة ( من حيث اللغة والعرف ) إلا أنها درجات من الأهون إلى الأشد .
أسباب الخيانة :
لماذا يخون الرجل ؟
يرى باحثو العلوم الإنسانية أن تزايد الضغوط النفسية ، وضعف الانسجام بين الزوجين في الأفكار والمشاعر ، وفتور العلاقة الزوجية . سببٌ للخيانة من الرجل.
ويمكننا وضع تصورٍ مبدئيٍ للخيانةِ الزوجيةِ أنها لا تنشأ إلا في وجود :
ضعف الدين + خلل في العلاقة الزوجية + إمكانية وجود اضطراب في الشخصية.
ولهذا ينبغي الحفاظ على علاقة زوجية دافئة ، ومستوى إيماني عالٍِ ، تجنباً للوقوع في شرك الخيانة . ولعل من أبرز أسباب حدوث الخيانة ما يلي :
1- ضعف الدين : وهو الركن الأساس في المشكلة ، إذ كل الأسباب التالية لا تستدعي لجوء الإنسان إلى الخيانة ، فقد يستدعي البرود العاطفي بين الزوجين الطلاق ثم الزواج بالثانية ، أما توجه أحد الزوجين إلى الخيانة فلا يكون إلا مرتكزاً على ضعف الدين.
2- العلاقات السابقة قبل الزواج ، لا سيما إذا بلغت حد الزنا .
3- برودة المشاعر بين الزوجين .
4- وجود نموذج للخيانة الزوجية في الأسرة في مرحلة الطفولة .
5- الإهمال : في المظهر ، أو الاهتمام ، أو السلوك.
6- نقص التكافؤ الثقافي بين الزوجين ، فيبحث عن التواصل مع طرفٍ آخر .
7- الإغراء من طرفٍ آخر : سواء كان واقعياً أو متخيلاً ( كالأفلام والروايات التي تنقله إلى عالم وهمي من العلاقة مع المرأة ، لا يجده مع زوجته ، فيبحث عنه مع عشيقة " لا سيما أن هذا النموذج شائع في الأفلام العربية و الأجنبية " ) .
8- الخلافات الزوجية .
9- سوء التوافق الجنسي ، وجهل الزوجين بصور الإشباع المشروع في العلاقة الزوجية .
10- النكد الزوجي بمسبباته المختلفة : الاجتماعية والاقتصادية و الشخصية .
11- إطلاق البصر : سواء في القنوات الفضائية والإنترنت أو الواقع .
12- رفقة السوء .
13- البيئة المختلطة في العمل أو المواقف الاجتماعية .
14- تدخل أطراف خارجية بين الزوجين .
15- بعض اضطرابات الشخصية التي تبحث عن التميز لا سيما أمام الجنس الآخر كالشخصية الهستيرية ، النرجسية ، الحدية .
لماذا تخون المرأة ؟
تشترك مع الرجل في الأسباب ، ويزيد عليها :
1- العنف الجسدي والنفسي الموجَّهُ إليها من الزوج .
2- الانتقام لخيانة الزوج .
الأبناء والخيانة :
لا ينبغي أن نفكر في أثر الخيانة الزوجية على الزوجين دون إغفال طرفٍ مهمٍ هو الأبناء ، إذ تؤدي الخيانة إلى سقوط النموذج بالنسبة للابن ، ويعاني من صراع بين " القيم " التي رباه عليها أبواه وبين " الواقع " الذي يراهما أو يرى أحدهما عليه ، ويستشعر بعمق معنى " الكذب والنفاق " ، ويمكن أن نقسم استجابة الأبناء لحدث الخيانة إلى :
المتألم الواعي : يصدم الابن بمعرفته بالخيانة ، ويعاني من الألم لفقدانه الصورة النموذجية لوالديه أو لأحدهما ، ثم يسعى إلى فهم الأسباب سواء من المخطئ أو من الطرف الآخر ، ثم يتماسك مع ألمه ، وبقاء جرحه في داخله ، ولكن تجربته الأليمة لا تدفعه إلى تقليد الخطأ أو الانتقام من المخطئ .
الغاضب المنتقم : يعاني ، ثم ينتقم من الخائن بممارسته هو للخيانة .
المُجتَر : الذي يعيد تذكر حدث الخيانة بصورة وسواسية مصحوبة بالألم الشديد ، وكأنما توقفت الحياة عند حادث الخيانة .
المُعَمِّم : لنموذج الخيانة على كل الرجال والنساء ، مما يسبب كرهه للعلاقة الزوجية ، وتوقُّفَه عنها .
كيف تواجه خيانة شريكك ؟
هذه الخطوات يشترك فيها الزوج والزوجة ، ولأن الأكثر انتشاراً خيانة الزوج ، فقد صيغت الخطوات بصيغة الخطاب للأنثى .
المرحلة الأولى : صدمة الخبر :
الشعور بالصدمة هو أول ما تحس به المرأة ، وتختلط لديها مشاعر المفاجأة ، والغضب ، والندم على العمر الماضي مع الشريك الخائن ، واحتقار الذات للشعور بالخديعة .. ولا تظهر كل هذه المشاعر المتضاربة لدى كل النساء ، فلكلٍ شخصيتها وطريقة تعاملها مع الصدمة.
وينبغي لك أن لا تبادري إلى التصرف وأنت في هذه المرحلة ، لأنها تحتوي على معلوماتٍ غيرِ محددةٍ ، تنتجُ عنها مشاعرُ متضاربة .
المرحلة الثانية : التثبت والتحديد :
بعد مشاعر صدمة المفاجأة ، وهدأة الانفعال الأولي ، ينبغي أن نبحث عن الأدلة المحددة لطبيعة الخيانة ؛ هل هي خيانة جوالٍ ، أو دردشةٍ على النت فقط ، أم تجاوزت إلى اللقاء ، أم بلغت حد التواصل الجنسي الكامل ؟!
ولابد من التحديد بالأدلة لأنه من الناحية الشرعية : حكمٌ على حادثةٍ يجب فيها التثبت ، إذ الأصل في الشريكِ البراءة ، وإذا لم يكن ثمة دليلٌ فسيكون اتهامك قذفاً لرجل بريء ( حتى ولو كان زوجك ) ، ومن الناحية النفسية : أنه رغم صدمة الخيانة بصورةٍ عامةٍ ، إلا أن الخيانة درجات ، ولا ينبغي أن يكون رد الفعل على المعاكسة الهاتفية كرد الفعل على الزنا الكامل ؟!
وينبغي للزوجة أن تتبع مصادر الأخبار الصحيحة التي يمكنها أن تصل منها إلى أدلةٍ واضحة يمكن أن تواجه بها الزوج أو من يُمثِّلُه فيما بعد .
المرحلة الثالثة : تفسير الأحداث في ضوء خبرتك عن حياتك الزوجية ، وصفات زوجك :
أنت الآن قد حددت ما جرى ، ولكنك لم تفهمي أسبابه . وكثيراً ما يحدث أن تقع المرأة في واحد من صورتين ، كلتاهما خطأ :
1- أن تتهم الزوج بالانحطاط الخلقي ، وفقدان الضمير ، والخيانة المطلقة ، وتنسى كل ما كان من صفاته الحسنة السابقة .
2- أن تشعر بالنقص ، وانعدام القيمة لأنها لو كانت جميلة مُشبِعةً لزوجها لما تركها إلى غيرها .
وكلا الأمرين تطرفٌ في الحكم ، وتحيُّز في الرؤية إما على الذات أو على الآخر.
ولكي تصلي إلى تفسيرٍ مكتمل لابد أن تراجعي ثلاثة جوانب :
• صفاتك الخاصة : الجسمية ، والنفسية ، والاتصالية .
• صفات زوجك النفسية ، وميوله ، ورغباته .
• تاريخ العلاقة الزوجية بينك وبينه ، مع إعادة التقييم الموضوعي (قدر الإمكان ، مع تعذُّر الموضوعية التامة ، ولاسيما في لحظات الانفعال) .
ثم احصري كل الأخطاء التي أثَّرَت على علاقتكم الزوجية سواءً كانت منك أو منه أو من ظروف خارجية ( كتأثير أسرته ، أو أصدقائه ، أو المثيرات المختلفة كالتلفاز والإنترنت .. الخ ) .
المرحلة الرابعة : اتخاذ القرار :
بعد تحديدك الدقيق للمشكلة ، ومعرفتك بأسبابها ، ينبغي أن تتخذي قراراً بما عليك فعله الآن ، وأول سؤال تجيبين عنه : هل يمكن الاستمرار معه ، أم ليس ثمة بديلٌ عن طلب الطلاق ؟
وينبغي التريث في اتخاذ القرار ، والنظر إلى كافة الظروف ، والتفكير في الأبناء ، وكيفية التعامل معهم بعد الطلاق ، وما يمكن أن يُبرَّرَ به طلبك له .
وإذا اتخذت قراراً باستمرار العلاقة فينبغي وضع معايير للحياة الزوجية ينبغي أن تتفقي أنت وزوجك عليها .
كل هذه المراحل الأربع ، ينبغي أن تقومي بها قبل أن تواجهي زوجك بالمشكلة .
المرحلة الخامسة : المواجهة الحكيمة .
• من حق المرأة أن تثأر لنفسها من زوجها المفرط ، ولكن ذلك لن يوصلك إلى ما تريدين.
• لابد من تحديد هدفك من المواجهة ، والأفضل أن يكون الهدف : إيصال رسالة واضحة محددة للزوج بغضبك مما جرى ، وعدم مسامحتك في حق الله وحق نفسك.
• ومرحلة المواجهة بالغة الحساسية ، لأن الموقع غير متوقع بالنسبة للمرأة ، وهي لم تتدرب على مواجهة مثله من قبل ، ولهذا تكثر الأخطاء من الطرفين ، وتزداد الأزمة تعقيداً .
• وعليك أن تبدئي المواجهة بينك وبين زوجك دون تدخل أية أطرافٍ أخرى سواء من أسرتك أو أسرته ، حتى لا يشعر الزوج بأنك تقصدين إحراجه أو فضحَه .
• إذا وجدت من زوجك توبةً واستغفاراً فساعديه على نفسه ، وحددي أنت وهو معايير حياتكما الجديدة بعد هذه التجربة المؤلمة ، وقد يتطلب ذلك تغييراً لبعض سلوكك ( إذا كان هذا سبباً في المشكلة ) ، وزيادةً في إقبالك على زوجك .
• إذا كابر الزوج رغم وضوح الأدلة ، ولم تجدي وسيلةً سوى تدخل الآخرين فليكن على أضيق نطاق ، وأخبري الحكماء من أسرتك أو أسرته.
• ليس معنى طلبك الطلاق أن تمحي كل سنوات عمرك من ذاكرتك ، وأن تنهي علاقتك بزوجك بفضيحة مدوية تترك أثرها على أبنائك ، ويمكنك الحصول على حقوقك ، وإنهاء علاقتك بزوجك دون تطاول متبادل لا يعود على أبنائك إلا بالصراع النفسي بينك وبين أبيهم ، وسقوط نموذجيكما أمامهما .
مواجهة خيانة الإنترنت :
• بعد التأكد من إنشاء الطرف الآخر علاقةً عبر الإنترنت ، لابد من تحديد نوع العلاقة ، ومداها ، قبل اتخاذ القرار .
• البحث عن الأسباب ، فربما لم يكن الأمر أكثر من بحث عن التواصل ، ولا علاقة له في الحقيقة بالرغبة في الخيانة .
• إذا كان الأمر قد بلغ حد " إدمان الإنترنت فلابد من علاج هذا الإدمان سواءً في المنزل أو بمراجعة أخصائي نفسي .
• لابد من ملء فراغ الوقت ، الناشيء عن ترك الإنترنت وعلاقاته ، والبحث عن معانٍ جديدة للحياة بعيداً عن الرغبات السابقة .
الوقاية من الخيانة الزوجية :
الحياة الأسرية السعيدة المتكاملة ، التي يشبع فيها كل طرف حاجاته الجسمية والروحية والعاطفية والاجتماعية ، هي صمام الأمان للأسرة ، وضمانة الوفاء للطرفين ، وفيها يساعد كل طرفٍ صاحبه على أهواء نفسه .
قصة طريفة :
نشب خلاف بين رجل وزوجته، فخشيت المرأة أن يعمد زوجها إلي طلاقه، فذهبت إلي حكيم مجرب، وطلبت منه أن يكتب لها كتابا أو يصنع لها حجابا يعيد إليها محبة زوجه، فطلب الحكيم منها أن تحضر له سبع شعرات من شارب الضبع ليصنع بها حجابا له، فمضت المرأة ورجعت بعد عشرة أيام ومعها الشعرات التي طلبه، فقال لها: وكيف حصلت عليها؟
فقالت: حملت كمية من اللحم، وتوجهت إلي خربة كنت أعلم أنه يعيش فيها ضبع ،وعندما اقترب مني رميت له قطعة اللحم فالتهمها ، وأعدت الكرة ستة أيام، وفي اليوم السابع كان الضبع قد تعود عليَّ فاقتربت منه، ورحت أناوله اللحم وأداعبه بالمسح فوق جبينه وتحت ذقنه حتى أسلم نفسه لنوم عميق على ركبتي، فمددت يدي إلي شاربيه وقلعت شعراته.
فقال الرجل: ويحك !! إن كنت تستطعين تنويم الضبع على ركبتيك، فكيف تعجزين عن تنويم زوجك على مخدتك؟!!