التأهيل التربوي المبكر
( التدخل المبكر )
لذوي متلازمة داون
إرشادات للأهل والمعلمين
إعداد
د. وائل محمد مسعود
أستاذ التربية الخاصة المساعد
جامعة الملك سعود 2002 / 1423 هـ
مقدمة :
تعتبر الإضطرابات الكروموسومية من الأسباب المهمة للتخلف العقلي . ومن أكثر هذه الإضطرابات شيوعاً الحالة المعروفة بمتلازمة داون . حيث تمثل هذه الحالة زيادة في عدد الكروموسومات في الخلية ( 47 ) بدلاُ من ( 46 ) . ويكون الكروموسوم الزائد موجوداً على زوج الكروموسومات رقم ( 21 ) وتعرف هذه الحالة طبياً بإسم ( ثلاثية الكروموسوم 21 ) ( Trisomy 21 ) ، وتتميز هذه الحالة إضافة إلى أنها تعاني من تخلف عقلي ببعض الخصائص الجسمية وبأعراض سلوكية غير صحيحة ومشاكل في التذكر والكلام وإنخفاض في القدرات المعرفية .
ما المقصود بالتأهيل :
التأهيل من المنظور الشمولي يعني تدعيم وتنمية وتطوير قدرات الأطفال المعوقين كي يتمكنوا من الإعتماد على أنفسهم في تلبية إحتياجاتهم الخاصة وأداء وظيفة أو دور يتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم المتبقية وإدماجهم في المجتمع .
كما يشمل مفهوم التأهيل أيضاً مساعدة الطفل وأسرته على مواجهة الآثار السلبية الناجمة عن الإعاقة ( النفسية ، الإجتماعية ، الإقتصادية ) . كما أن التأهيل يعتبر من زاوية أخرى جهد مشترك بين مجموعة من الإختصاصات لتحقيق أهداف التأهيل والوصول بالفرد المعوق إلى أقصى ما تسمح به قدراته وإمكانياته . وتقدم خدمات التأهيل من خلال مجموعة من البرامج هي :
1. برنامج التدخل المبكر .
2. برنامج التربية الخاصة ( التأهيل التربوي ) .
3. برنامج التأهيل المهني .
4. برنامج التأهيل الطبي .
5. برنامج التأهيل النفسي .
6. برنامج التأهيل الإجتماعي .
أهداف التأهيل :
تسعى برامج التأهيل إلى تحقيق الأهداف الثلاثة الآتية :
1. إستغلال وتطوير قدرات وإمكانيات الفرد المعوق المتبقية وتوظيفها إلى أقصى حد ممكن للوصول إلى درجة من الإستقلال الوظيفي والإجتماعي والإقتصادي .
2- مساعدة الفرد المعوق وأسرته على التكيف مع حالة العجز ومواجهة كافة الآثار السلبية ( النفسية والإجتماعية والوظيفية والمهنية ) الناجمة عنها .
3. إدماج الفرد المعوق في الحياة العامة للمجتمع وتمكينه من أن يؤدي دوراً يتناسب مع قدراته وإمكانياته .
التأهيل التربوي :
يعتبر برنامج التأهيل التربوي من أهم البرامج في عملية التأهيل ، ويعني توفير البرامج التربوية الخاصة للأفراد المعوقين في البيئات الأقل تقييداً . وتختلف برامج التأهيل التربوي بإختلاف فئة الإعاقة وبإختلاف درجتها وطبيعة الإحتياجات التربوية الخاصة حيث تتراوح هذه البدائل ما بين التعليم في الصف العادي ( الدمج الشامل ) وما بين التعليم في مؤسسات أو مراكز داخلية .
وهذا يعني أنه كلما كانت الإعاقة شديدة كلما تم التوجه نحو البيئات الأكثر تقييداُ على إعتبار أن هذه الفئة من الأفراد تتطلب توفير بيئات ووسائل وأجهزة وبرامج تأهيلية خاصة وكلما كانت الإعاقة بسيطة ومتوسطة كلما تم التوجه نحو البيئات الأقل تقييداً أي توفير فرص التأهيل للأفراد المعوقين في برامج الدمج في المدارس العادية . ولحسن الحظ فإن هناك دراسات تشير إلى أن نسبة الأفراد المعوقين الذين يجب أن توفر لهم البرامج التربوية في البيئات الأقل تقييداً تصل إلى 97 % من المعوقين ، أي أن ما نسبته 3 % فقط يحتاجون إلى مؤسسات خاصة ( الأكثر تقييداً ) .
الأسس والقواعد التي تقوم عليها عملية التأهيل التربوي :
حتى يكون لعملية التأهيل التربوي دوراً فاعلاً في تحقيق الأهداف فلابد من إتباع الأسس والقواعد التالية :
1. إن كل خطوة من خطوات التأهيل يجب أن تقوم على أسس وقواعد علمية وليس على أسس وقواعد إنسانية . أي أن التأهيل التربوي ليس برنامجاً للرعاية الإجتماعية أو للخدمة الإنسانية تقوم على الشفقة والإحسان والبر بل هو حق من حقوق المعوقين أولاً يقوم على مبادىء وأسس علمية تعتمد التشخيص والتقييم الدقيق لإحتياجات الفرد المعوق التربوية الخاصة وتوفير الأساليب والوسائل لتلبية تلك الإحتياجات .
2. إن كل خطوة من خطوات التأهيل يجب أن تقوم على أسس وقواعد تشخيصية وتفسيرات دقيقة لما هو متوفر من معلومات حول الفرد المعوق وقدراته وإمكانياته وطبيعة إحتياجاته التربوية الخاصة والبرامج التربوية الملائمة لتلبية تلك الإحتياجات .
3. إن برنامج التأهيل يعتمد على توفر الكوادر المؤهلة والمتخصصة التي تقوم بجميع الأدوار المطلوبة لعملية التأهيل .
4. إن عملية التأهيل التربوي يجب أن تقوم على أسس فردية ، أي أن أي برنامج تربوي يتم رسمه يجب أن يلبي الإحتياجات الفردية الخاصة للفرد المعوق مع الإقرار بعدم وجود قوالب واحدة تصلح لجميع فئات الإعاقة أو حتى داخل مستويات الإعاقة الواحدة .
5. يجب أن تقدم برامج التأهيل التربوي بشكل متدرج ومتكامل يسمح بالوصول إلى أقصى ما يمكن للفرد المعوق الوصول إليه من إمكانيات وما تسمح به قدراته .
6. إن التخطيط لبرنامج التأهيل التربوي يجب أن يقوم على أساس ما يتوفر لدى الفرد المعوق من قدرات وليس على أساس العجز الذي يعاني منه . وهنا يجدر القول بأن كل شخص مهما كانت إعاقته ومهما كانت شدتها لابد أن تتوفر لديه قدرات يجب العمل على تطويرها وتنميتها وتوظيفها .
7. ضرورة إشراك ولي أمر المعوق وأحياناً المعوق نفسه في وضع البرنامج التربوي الملائم وكذلك المشاركة في كافة مراحل وخطوات عملية التأهيل . وفقاً لمبدأ الأسرة كشريك في عملية التأهيل التربوية ولا يجب تهميش أو إلغاء دورها .
8. ضرورة متابعة وتقييم كل مرحلة بل كل خطوة من خطوات عملية التأهيل في ضوء ما يترتب عليها من نتائج .
مراحل وإجراءات التأهيل التربوية لذوي متلازمة داون :
تبدأ عملية التأهيل التربوي منذ اللحظات الأولى التي تتم فيها إكتشاف الإعاقة . ولكون الإطفال ذوي متلازمة داون من الحالات التي يسهل إكتشافها بصورة مبكرة جداً قد تبدأ منذ الشهر الرابع في مرحلة الحمل ، لذا فإنه من المفيد جداً والضروري جداً أن تبدأ عملية التدخل التربوي بصورة مبكرة كي تصل إلى مرحلة يكون فيها قد أعد إعداداً جيداً للدخول إلى عالم المدرسة والمراحل اللاحقة .
من هنا يمكننا أن نقسم مراحل التأهيل التربوي إلى التالية :
1. مرحلة الكشف والتدخل المبكر ( ما قبل المدرسة ) .
2. مرحلة المدرسة .
3. مرحلة التأهيل المهني .
4. مرحلة الإندماج في المجتمع .
عناصر ومكونات برنامج التأهيل التربوي :
لضمان فعالية أفضل لبرنامج التأهيل التربوي من أجل الوصول إلى الأهداف المطلوبة فإنه لابد من توفر المكونات التالية :
1. توفر المدارس والمراكز والمؤسسات التربوية الخاصة التي تقدم هذا النوع من برامج التأهيل ، وينظر الآن إلى برامج الدمج كأحد أهم البرامج التي تعتبر أقل كلفة من المراكز الخاصة من جهة وتسمح بقبول أعداد كبيرة من الطلبة المعوقين من جهة ثانية ، شريطة توفر المقومات الطبيعية والإجتماعية الملائمة لكل فئة من فئات الإعاقة.
2. توفر المناهج الملائمة لحالات الأطفال المعوقين كل حسب إحتياجات التربوية الخاصة وإمكانياته وقدراته.
3. إعداد الكوادر المؤهلة والمتخصصة في التربية الخاصة.
4. توفير التجهيزات والوسائل التعليمية اللازمة لتطبيق البرامج التربوية والخطط التعليمية.
5. توفير أساليب وأدوات للقياس والتشخيص والتقييم.
6. توفير البرامج والخدمات التأهيلية المساندة ومتطلباتها من كوادر متخصصة وأجهزة ووسائل مثل خدمات العلاج الطبيعي ، العلاج النطقي ، العلاج الوظيفي .... الخ
مرحلة التدخل المبكر :
يعتبر التدخل التربوي المبكر أحد أهم مراحل التأهيل التربوي لمختلف فئات الإعاقة بشكل عام ولفئة الأطفال المتخلفين عقلياً ومنهم ذوي متلازمة داون بشكل خاص.
وكما تم الإشارة إليه سابقاً فإن حالات متلازمة داون هي حالات يسهل إكتشافها بصورة مبكرة جداً مما يسهل من مهمة وضع برنامج مخطط له للتأهيل المبكر.
وقبل أن نتحدث عن التدخل المبكر لابد من الإشارة إلى مصطلح الكشف المبكر بشكل عام. والكشف المبكر يعني فرز الأطفال الذين يعانون من ضعف أو الذين يشتبه بأن لديهم ضعف أو الذين لديهم قابلية للتعرض لعوامل الضعف أو الخطر.
من الممكن القيام بهذه العملية ( بغض النظر عن عمر الطفل ) أثناء الحمل ومعرفة الخطر قبل الحمل.
والكشف المبكر مرحلة أولية تسبق مرحلة التشخيص وقد تقوم بها الأمهات أو الأباء أو المعلمين. وتتضمن معايير للنجاح أو الفشل في مواقف اختبارية سريعة التي على ضوئها يتم إحالة الطفل إلى المختصين لتشخيص حالته وإتخاذ القرار نهائي بشأن وجود أو عدم وجود حالة ضعف.
إن من السهل الكشف عن الضعف الشديد أو عن وجود حالة متلازمة داون منذ اللحظات الأولى من حياة الطفل.
أما التدخل المبكر فهو إجراء يُعني بتصميم وتنفيذ برامج تأهيل تربوي خاصة لمرحلة الطفولة المبكر وكذلك برامج إرشادية وتدريبية لأسر الأطفال وتقرير أشكال الخدمات المساندة التي يحتاجها الطفل ( علاج نطقي ، أجهزة وسائل مساعدة ، علاج طبيعي ، تدريب سمعي ... الخ ).
إن برامج التدخل المبكر تقدم للأطفال الذين لديهم إعاقة أو الذين هم عرضة لخطر الإعاقة منذ لحظة الولادة أو لحظة إكتشاف الأعاقة أو لحظة التعرف على عوامل الخطر وحتى سن السادسة ( سن المدرسة ).
يتبع..
__________________
كل الشكر والتقدير للمجموعه السعوديه لدعم مرضى الصلب المشقوق على ثقتهم بي وأتمنى للحمله النجاح كما الرياض (احتواء،لأننانحبهم نحتويهم)