المتعة الجنسية الكاملة ..حقيقة أم سراب!!؟؟!
منذ أن بدأ ماسترز وجونسون في الستينيات استكشاف مساحة الشهوة وذروة المتعة لدى
الزوجين والأبحاث في هذا المجال لا تتوقف؛ فالأمر لم يعد افتراضات كالتي قدّمها
فرويد، بل اختبارات معملية وجرعات هرمونات، وأدوية وأجهزة مساعدة وأقراص...
وقد زادت حدة الجدل حول شهوة المرأة بعد قرص الفياجرا والثورة التي أثارها،
وبدأت النساء تتساءل: هل يمكن أن تكون هناك فياجرا للنساء؟
المرأة واللذة القصوى:
منذ الستينيات بدأ الحديث المفتوح عن لحظة الشبق لدى المرأة ينتشر في الكتابات
النسوية، وكان الحديث عن المرأة والجسد، والمرأة والجنس محوراً هاماً "لتحرير"
المرأة وتعبيرها عن نفسها وتحقق ذاتها، وهوجمت الثقافة "الذكورية" التي تختزل
المتعة في متعة الرجل، وتتجاهل استمتاع النساء، واعتبرت الأسرة محاولة لفرض
قيود على النشاط الجنسي للمرأة؛ وهو ما جعل منظومة القيم المرتبطة بالعفة موضع
هجوم، وكانت التطورات التكنولوجية تدفع هذا الاتجاه للأمام؛ فقد تم تداول حبوب
منع الحمل على مستوى تجاري واسع، فيما سُمّي حينئذ بثورة أقراص منع الحمل، التي
تزامنت مع الثورة الجنسية في النصف الثاني من الستينيات، لكن 3 عقود من الحديث
المتكرر عن ذروة الشهوة لدى المرأة لم تؤد إلى نتائج مؤكدة!، وحتى الآن لا يوجد
تأكيد علمي يقيني عن كيفية وصول المرأة (بشكل ميكانيكي) للحظة الذروة الجنسية؛
فالأمر أكثر تعقيداً من حالة الرجل التي هي أسهل في الوصف: انتصاب، ثم إنزال
مصاحب لذروة الشهوة … انتهى!
لدى النساء يظل الوضع مختلف.."وتظل العلاقة والسياق الجنسي برمته، والجوانب
العاطفية المحيطة بالجماع -بالنسبة لغالبية النساء- بالغة الأهمية"، لكن هذه
الحقيقة تثير اعتراضين:
- تثير اعتراض بعض النساء اللاتي يطالبن بالوصول للحظة الذروة التي لا يصلن
إليها بسهولة، أو لا يصلن إليها إطلاقاً؛ ومن حق هؤلاء أن يعرفن المزيد عن
كيفية الوصول، وما إذا كان الطب يمكنه المساعدة بأدوات أو عقاقير –إذا كانت
المرأة تشعر بوجود مشكلة- شأنها في هذا شأن الرجل الذي حلّت الفياجرا بعض
مشاكله.
- وتثير أيضاً اعتراض بعض الرجال؛ فهم يرون أن هذا يوحي بأن المرأة أكثر
"عاطفية" واهتماماً بالسياق الجنسي، وهذا يحمل إهانة ضمنية للرجل، ويوحي بأنه
لا يبالي إلا بقضاء وطره، ويؤكد الكثيرون أن هذا غير صحيح؛ فالمتعة الجسدية قد
يتم إشباعها لكن "السَّكن" أكبر من ذلك.. وهو معنى يبحث عنه الرجال أيضاً!!.
قد نكون إذن أمام مشكلتين: النساء تبحث عن المزيد من المتعة الجسدية، والرجال
يبحثون (بعد الفياجرا) عن اللمسة العاطفية.
لا إجابات لا حلول
في عدد مجلة النيوزويك بتاريخ 4/7/2000 أكد ملف حول أبحاث الصحة الجنسية للمرأة
أن الإجابات القاطعة في هذه المساحة ما زالت بعيدة؛ ففيما كان علماء يجتهدون في
دراسة أعصاب المنطقة التناسلية كلها، وتشريح الجهاز التناسلي للمرأة وشهوتها،
هادفين أن يرسموا خريطة دقيقة تكفل للمرأة الوصول لقمة وذروة الشهوة، ما زال
آخرون يرون أن هذا الاتجاه برمته يحاول أن يقيس شهوة وشبق المرأة على الرجل،
وأن هذا طريق مسدود.. فلكل طرف تركيبه.. ويجب دراسة شهوة المرأة بدون إحالة
مستمرة للرجل، أو تمثّل شهوته كنموذج كامن في العقل الباطن يجب أن تلهث المرأة
لمحاكاته.
بل حذر تقرير نُشر في العدد نفسه من التوسع في استخدام العلاج الهرموني، خاصة
في حالة المرأة بعد انقطاع الطمث، وهو ما يراه البعض حلاً لانخفاض الهرمونات
والعزوف عن ممارسة الجنس، وضعف الرغبة الجنسية، وصوّرته المجلات المتخصصة
والسيارة وكأنه الحل السحري لعودة الشباب والحيوية والشهوة للمرأة؛ فقد أكدت
أحدث البحوث أن هذا الاستبدال الهرموني لهرمونات تضْعف -بجرعات خارجية من
الإستروجين- يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية وجلطات الدماغ لدى النساء!.
صناعة الصورة تسويق الدواء
قد يرى البعض أن مطالبة المرأة بمساحة أكبر من الشهوة هو وعي وحاجة حقيقية
تجاهلتها النساء -لأسباب ثقافية- قرون طويلة، وقد يذهب فريق إلى أن صورة المرأة
النشطة جنسياً هي صورة حقيقية غير مفتعلة، تعكس واقع وقدرات المرأة العصرية،
لكن الحديث في هذا الأمر يجب ألا يتجاهل صناعتين تدور في فلكها مليارات
الدولارات، الأولى: صناعة الصورة والجسد، أي صناعة الإعلام، وصناعات الأزياء
والعطور وأدوات التجميل التي تبرز المرأة كجسد نشط يسعى لاجتذاب الطرف الآخر،
وهذا ضمناً يعني أن لديها شهوة متفجّرة تريد أن تشبعها مع الجنس الآخر- بالحلال
أو الحرام حسب الثقافات والأحوال.
والثانية: صناعة الأدوية ،والتي كانت هي المحرك الرئيسي لضجة الفياجرا؛
باعتبارها حلاً سحرياً للرجال.. رغم أن الفياجرا لها مخاطرها.. ولا تصلح لكل
الحالات.. وبدلاً من أن تكون علاجاً لحالات بعينها صارت القرص الأزرق المثالي
للجميع! والنتيجة: إقبال شرائي، وترويج ومكاسب.
هل المرأة تستكشف مساحات المتعة، وتتعرف على خريطة جسدها وشهوتها بدافع من شعور
بنقصٍ تريد استكماله في كل الأحوال؟!!، أم يوضع أمامها مثال – ربما يكون
أسطورياً أو متوهماً ـ لتلك المرأة التي تصل إلى آفاق متعة خيالية؛ فتشعر مَنْ
لا تذوق هذا الإحساس المتخيل بالعار والنقص.. ويشعر الرجل أن شريكته امرأة
باردة!! فيعاشرها "على علتها"!، أو يبحث عن أخرى أكثر "نشاطاً وإغراء
وتجاوباً"!
إن الإعلام وصناعات الدواء، وصناعات منتجات الجسد تضغط على المرأة دفعاً
لشهوتها إيجابًا بأكثر مما كانت الثقافات التقليدية تضغط عليها سلباً.
والسؤال: هل هذا ما تريده النساء؟ كل النساء؟ أم أن مساحة التفرد والخصوصية لكل
امرأة على حدة أكبر بكثير مما نظن؟
وهل لا يوجد بديل –للرجال والنساء معاً- لمعالجة تجاهلنا أجسادنا واحتياجاتها
سوى فضاء موحش تتناوشنا فيه صناعات لا تبحث عن سعادتنا، بل عن نقودنا ..وتعطينا
في المقابل.. سرابًا؟!
منقووول...[/size]
[/align]