الطفل يقضي أمامه 22 ألف ساعة من حياته
التلفزيون والأطفال:أضرار الصحة والسلوك
يعد التلفزيون وكافة الألعاب الإلكترونية مصدراً مؤثراً على صحة الطفل الجسدية والاجتماعية حيث أصبح الصديق الناطق للطفل يتشرب منه سلوكياته وعاداته، بل ان غالبية الأطفال يفضلون تناول وجباتهم الرئيسية أمام شاشة التلفزيون والحاسوب بالتحديد. وفي دراسة نشرتها الاكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أجريت على 1345 طفلاً أوضحت أن مشاهدة التلفزيون لمدة ثلاث ساعات يومياً جعلت الأطفال أكثر عرضة للاصابة بالاضطراب بمقدار 30%، اضافة الى الاصابة بالبدانة لدى بلوغهم سن الرشد بل انهم سيصابون بالكوليسترول، كما ذكر باحثون في الجامعة الوطنية الاسترالية في كانبيرا أن الاطفال الذين يقضون ساعات طويلة في النزل متسمرين أمام شاشة التلفزيون وألعاب الفيديو والحاسوب أكثر عرضة للاصابة بقصر النظر أو ضعفه. وفي دراسة أخرى تبين ان الطفل يقضي 22 ألف ساعة من وقته أمام شاشة التلفزيون عند اكماله للدراسة الثانوية مقارنة مع 11 ألف ساعة فقط في غرف الدراسة.
“الصحة والطب” طرحت قضية تأثير التلفزيون والألعاب الالكترونية على صحة الطفل الجسدية والاجتماعية، وما يترتب عليها من مشاكل صحية كالبدانة، اضافة الى تأثير ذلك على العيون والمفاصل والظهر، كذلك الآثار السلبية التي تعود بها مشاهدة الأطفال للتلفزيون لساعات طويلة على علاقتهم مع الآخرين.
تحقيق: يمامة بدوان
يقول الدكتور أحمد الصراف، استشاري الأمراض الباطنية والقلب اعتاد الأطفال والمراهقون على امضاء أوقات طويلة أمام أجهزة التلفزيون والحاسوب يجري خلالها تناول الحلويات والوجبات السريعة التي يسهل الحصول عليها هاتفياً خلال مدة وجيزة، عكس الاجيال السابقة التي لم تتوفر لديها الأجهزة الالكترونية حيث كانت تتوجه لممارسة الألعاب الرياضية بمختلف أنواعها لامضاء الوقت.
ويشير الى ان الأطفال والمراهقين من سن 8 18 سنة يقضون معظم أوقاتهم أمام التلفزيون وبرامج العاب الكمبيوتر الالكترونية أكثر من أي نشاط آخر عدا النوم حيث انهم يقضون ما يقارب 44 ساعة ونصف الساعة في هذه النشاطات.
ويتابع حديثه عن العلاقة بين مشاهدة التلفزيون والسمنة عند الأطفال قائلاً: ففي الولايات المتحدة ما يقارب 5,30% من الأطفال ما بين 6 11 سنة يعانون من ارتفاع في الوزن، و3,15% يعانون من السمنة، الأمر الذي يفسر نسبة المصابين بداء السكري النوع الثاني بشكل مطرد بين الأطفال.
وذكر الدكتور الصراف ان الدراسات العلمية اثبتت أن السمنة لدى الأطفال تزيد كلما زاد عدد ساعات جلوسهم أمام التلفزيون حيث أظهرت احدى الدراسات العلمية الحديثة ان 50% من الأطفال الذين يستخدمون التلفزيون لأكثر من ثلاث ساعات في اليوم أكثر عرضة للاصابة بالسمنة من الأطفال الذين يقضون أقل من ساعتين في مشاهدة التلفزيون.
كما بينت الدراسة ذاتها ان 60% من الأطفال الذين يعانون من ارتفاع الوزن “مرحلة ما قبل السمنة” يمكن ان يعود سببها لمراقبة التلفزيون بكثرة.
وأضاف: تعمل السمنة على تعريض الأطفال لمختلف انواع الأمراض مثل السكري من النوع الثاني حيث بينت الدراسات العلمية ان انتشار مرض السكري ازداد بين الأطفال بنسبة اربعة أضعاف اي من 4 16% بين أعوام 1982 ،1994 اضافة الى ان مراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة أظهرت ان 60% من الأطفال الذين يعانون من ارتفاع الوزن بين أعوام الخامسة والعاشرة يعانون من وجود عامل خطورة واحد أو أكثر من العوامل المؤدية الى أمراض القلب كارتفاع الكوليسترول وضغط الدم وارتفاع نسبة الأنسولين.
ولفت الى ان بعض الاحصاءات العالمية المتعلقة بالأطفال الذين يعانون من السمنة نتيجة جلوسهم لساعات طويلة أمام التلفزيون اشارت الى وجود علاقة قوية بين السمنة والألعاب الالكترونية عند الطلاب في سويسرا، كما وجد الباحثون في الولايات المتحدة بأنه بين أعوام 1988 1994 26% من الأطفال الذين كانوا يستخدمون التلفزيون لمدة أربع ساعات فما فوق في اليوم كان لديهم زيادة ملحوظة بالدهون الجسدية عن الأطفال الذين يراقبون التلفزيون لمدة أقل، كذلك أجريت دراسة على الأطفال في سن 1 4 سنوات أظهرت بأن احتمال اصابتهم بارتفاع الوزن يزيد بنسبة 6% لكل ساعة مراقبة للتلفزيون في اليوم، أما اذا كان الطفل يمتلك جهاز تلفزيون في غرفته فإن هذه النسبة تقفز الى 31% لكل ساعة مراقبة للتلفزيون.
ويؤكد على أهمية تقليل ساعات مراقبة الأطفال للتلفزيون مع منع تناول الوجبات السريعة والحلويات والمواد الغنية بالدهون خلال مدة استخدام الأجهزة الالكترونية لتجنب الاصابة بالسمنة والتي تؤدي بدورها الى مخاطر الاصابة بالسكر وارتفاع الضغط وأمراض القلب، مشيراً الى أهمية تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة اليومية على الأقل لمدة ساعة كونها تؤدي الى:
* التقليل من ضغط الدم والكوليسترول والسكري.
* زيادة القوة والتحمل.
* تساعد على بناء العظام والعضلات والمفاصل.
* تساعد على التقليل من الوزن.
إدمان الأجهزة الالكترونية
ويوضح الدكتور محمد صفوان الموصلي، ماجستير طب الأطفال ان التلفزيون والأجهزة الالكترونية كالحاسوب والذي أصبح عصب الحياة يعد سلاحاً ذا حدين حيث ساهمت كافة الأجهزة الالكترونية بإشاعة جو من الهدوء في البيت وساعدت الأطفال والكبار على التعلم والاستفادة من القفزات الهائلة في مضمار المعلومات والحضارة، الا انها وعلى الجانب المقابل ساهمت في خلق جيل من الأطفال المدمنين على استخدام هذه الأجهزة مثل التلفزيون والحاسوب والاتاري وغيرها لا هم لهم سوى الجلوس بوضعيات خاطئة تؤثر على الهيكل العظمي.
ويشير الى بعض الحالات من الأطفال الذين تنتابهم نوبات عصبية وهياج في حال اصرار الأهل على ابعادهم عن ممارسة مثل هذه الألعاب بل ان بعضهم يتناول وجبة الطعام وهو يواصل الترفيه عن نفسه وقد ينام الى جانب جهاز التلفزيون أو الاتاري.
وذكر الدكتور الموصلي ان الطفل في مراحل تطوره يحتاج الى قدر كبير من الحركة والرياضة بهدف اكتمال نموه بالشكل الأمثل، الا انه سوف يصاب بالسمنة والترهل عندما يقضي معظم وقته في مشاهدة التلفزيون أو اللعب بالحاسوب، اضافة الى مخاطر هذا الأمر على القلب والشرايين والمفاصل عدا عن الأخطار المحتملة لتطور مرض السكري النوع الثاني عند الأطفال، كذلك الأخطار الناتجة عن المجال المغناطيسي ذي الموجات العالية المنبعثة من الأجهزة الالكترونية على اجزاء الجسم كافة بما فيها القلب والغدد الصماء والمخ وتأثيراته السلبية على عملية تبادل الاوكسجين وثاني اكسيد الكربون في خلايا الجسم والرئة.
ويشدد على أهمية حصول الطفل على فترة استراحة خلال استخدامه للأجهزة الالكترونية كالتلفزيون والحاسوب اضافة الى ضرورة استخدام الشاشة الواقية لجهاز الحاسوب بهدف حماية الطفل من الاشعاعات التي تؤدي الى مخاطر كبيرة على عينيه.
وأشار الى ان ادمان الطفل للألعاب الالكترونية اصبح ظاهرة اجتماعية يتوجب مقاومتها، كما يتوجب توخي الحيطة والحذر في اختيار الالعاب المناسبة من الأفلام حيث ان الطفل قد يعتبر بطل اللعبة قدوة حسنة وقد يندفع بأفعال خطيرة مقلداً ذلك البطل في لعبة مما قد يؤذي نفسه أو الآخرين.
تشنج عضلات العين
وعن مخاطر التلفزيون والألعاب الالكترونية على عيون الأطفال يشير الدكتور اياد جبور، أخصائي أمراض وجراحة العيون، انها عديدة وغالبيتها ناتجة عن مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة من دون أخذ فتراة للراحة، الأمر الذي يؤدي الى اصابة عضلات العين المسؤولة عن وظيفة المقاربة بتشنجات، حيث تشمل الاعراض المصاحبة لهذه الحالة احمرار العين والشعور بالحرقة فيها، وفي احيان أخرى الشعور بالصداع وهي أعراض ناتجة عن الشد العضلي في العضلة الهدبية المسؤولة عن وظيفة المقاربة، بينما يؤدي الاستمرار في اجهاد العضلة الى الاصابة بقصر النظر التشنجي الذي يحتاج فيما بعد الى قصر نظر حقيقي ليحتاج الطفل حينها الى استخدام نظارة طبية.
وذكر ان التلفزيون يعد عاملاً بيئياً يساعد على ظهور قصر النظر. الا ان الأمر يزداد سوءاً اذا كان لدى الطفل عامل وراثي من طرف احد الأبوين، لافتاً الى ان الدراسات العلمية الحديثة أظهرت زيادة نسبة اصابة الأطفال بقصر النظر حيث يوجد ثلاثة أطفال من أصل خمسة يعانون من قصر النظر التشنجي أو قصر النظر.
وحذر الدكتور جبور من مشاهدة الأطفال للتلفزيون لساعات طويلة في حالة الظلام، الأمر الذي يسبب اتساعاً في حدقة العين بشكل منعكس لا ارادياً، فيؤدي بدوره الى اغلاق زاوية الحجرة الامامية للعين أو تضيقها وبالتالي يتسبب ذلك بحدوث نوبات زرق “ارتفاع ضغط العين” لدى المؤهلين لهذه الحالات المرضية.
اما بالنسبة للمسافة الصحية بين الطفل والتلفزيون فأوضح انها يجب ان تتراوح بين 5,2 3 امتار، مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة هذه المسافة كلما اتسعت شاشة التلفزيون.
وتابع حديثه: هناك وضعيات خاطئة يلجأ اليها الأطفال لدى مشاهدة التلفزيون والتي تؤدي الى اجهاد عضلات الرقبة وقصر الجمجمة كونها عضلات ضعيفة مسببة فيما بعد الشعور بأعراض مرضية كالصداع والغثيان والدوخة، ومن هذه الوضعيات الخاطئة مشاهدة التلفزيون خلال الاستلقاء على الظهر أو البطن واسناد الذقن على راحتي اليدين، حيث تصبح المشاهدة بهذه الحالة من الأسفل الى الأعلى، الأمر الذي يؤدي الى احداث ضغط على عضلات الرقبة والاكتاف، الى جانب عضلات العين نتيجة النظر الى الأعلى لفترات طويلة.
تشنجات وآلام مفاصل
تكملة ،،،،
التعديل الأخير تم بواسطة الرماني ; 23-10-2007 الساعة 01:15 PM