تحتل المدينة المنورة مكانة جليلة بين مدن العالم الإسلامي، ولها قدسيتها وخصوصيتها في قلوب المسلمين، فهي دار الهجرة ومهبط الوحي ومثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها مسجده الشريف، وهي دار المجتمع الإسلامي الأول وسيدة البلدان وعاصمة الإسلام الأولى، تجتمع فيها معالم تاريخية ومعان إيمانية جمة، وتملأ أمجادها وفضائلها الأسماع والأبصار، وقد ورد في فضلها وتحريمها أحاديث نبوية كثيرة تبين جوانب هذه الفضائل، فعن عبدالله بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبراهيم حرّم مكة ودعا لها، وحرمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة)، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أخذتموه يقطع من الشجر شيئاً (يعني شجر الحرم فلكم سلبه لا يعضد)، فرأى سعد غلماناً يقطعون فأخذ متاعهم، فانتهوا إلى مواليهم فأخبروهم أن سعداً فعل كذا وكذا، فأتوه فقالوا: يا أبا إسحاق، إن غلمانك أو مواليك أخذوا متاع غلماننا، فقال: بل أنا أخذته، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أخذتموه يقطع من شجر الحرم فلكم سلبه) ولكن سلوني من مالي ما شئتم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف، وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف).
أسماء المدينة
للمدينة أسماء كثيرة تدل على مكانتها العالية في قلوب المسلمين، فهي عاصمة الإسلام الأولى، ومثوى جسد الحبيب الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تتبع المؤرخون هذه الأسماء فأوصلها بعضهم إلى مائة اسم، غير أن الأسماء التي وردت في الآثار الصحيحة وخاصة القرآن الكريم والحديث النبوي دون ذلك بكثير، وأما بقية الأسماء فيبدو أنها اشتقت من بعض صفاتها ومن الأحداث الجليلة التي مرت بها ومن مكانتها العالية أما الأسماء التي وردت في الآثار الصحيحة فهي يثرب، المدينة، طابة، طيبة، الدار والإيمان.
ومن صفاتها وبعض الأحداث التي وردت عنها سميت المسكينة، الجبارة، المجبورة، الجابرة، المحبوبة، القاسمة، دار الأبرار، دار الهجرة، دار السلام، دار الفتح، المختارة، الصالحة، المنورة، دار المصطفى، قرية الأنصار، ذات النخل، سيدة البلدان، ذات الحرار، دار الأخيار، المرحومة، الخيرة، الشافعة، المباركة، المؤمنة، المرزوقة... إلخ.
بعض المعالم الإسلامية والتاريخية في المدينة المنورة
أبواب المدينة
باب المجيدي: من أبواب السور الداخلي، يقع شمال المسجد النبوي الشريف ويؤدي إلى بئر حاء وما حولها من الصدقات، وقد تم فتح هذا الباب أيام توسعة السلطان عبد الحميد الثاني للمسجد النبوي الشريف عام 1267هـ، حيث كانت العربات الحاملة للأحجار والأساطين تدخل من الباب الشامي وتمر داخل المدينة بشارع الساحة إلى باب الرحمة ومنه إلى باب الضيافة، فكان يحصل في المرور من تلك الطريق للبيوت زلزلة شديدة فخشي الناس وشكوا من ذلك فتم فتح هذا الباب وصارت العربات تدخل منه.
باب المصري: يعرف قديماً بباب المصلى وباب سويقة، وهو من أبواب السور الأول، ويقع في الجهة الغربية للمسجد النبوي جانحاً إلى الجنوب قليلاً على بعد 320م تقريباً من باب السلام قرب المصلى، وبني هذا الباب مع بناء السور الأول زمن إسحاق بن محمد الجعدي عام 263هـ، وهو الباب الرئيسي لدخول الحجاج وخروجهم يكتنفه برجان كبيران ومركز للشرطة، وكان هذا الباب يغلق هو والباب الصغير وقت آذان الجمعة حتى تنفصل المناخة عن المدينة فتقام فيها جمعة مستقلة.
باب البرابيخ: من أبواب السور الثاني، يقع في الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف مقابل الزقاق الأول من أزقة البرابيخ الثلاثة، وهو من الأبواب البسيطة التي لا ترتبط بأبراج أو قلاع، فهو عقد بسيط من الحجر يرتكز على دعامتين حجريتين أيضاً، بني مع بناء السور الخارجي الذي بناه أهل المدينة بعد عام 1220هـ، وسمي بالبرابيخ وهي وحدات من الفخار أسطوانية الشكل مفرغة من الداخل تثبت الواحدة خلف الأخرى من خلال وجود شفة بارزة وأخرى سالبة ثم تلحم بالطين أو النورة وتستعمل كأنابيب لصرف المياه في مخارج الدبول أو دورات المياه.
باب البقيع أو باب الجمعة: من أبواب السور الداخلي، يقع شرقي المسجد النبوي الشريف على بعد 215 متراً تقريباً من باب جبريل، ومنه يخرج إلى بقيع الغرقد وبقيع العمات، وقد بني هذا الباب مع بناء السور الأول زمن إسحاق بن محمد الجعدي عام 263هـ.
باب الحمام: من أبواب السور الداخلي، يقع في الجهة الجنوبية للمسجد النبوي الشريف بالقرب من حمام طيبة وبها سمي، ويؤدي إلى شارع الجنائز والأحوشة والبساتين التي حوله، ولعل فتحه قد تم خلال الفترة ما بين 1331 و1334هـ، ويعد من الأبواب الفرعية للسور.
باب الشامي: ويعرف قديماً بالباب الكبير، وهو من أبواب السور الأول، يقع في الجهة الشمالية الغربية للمسجد النبوي الشريف بمحاذاة القلعة من جهة الغرب، ويؤدي إلى طريق الجرف وسيدنا حمزة، وتم بناء هذا الباب مع بناء السور الأول زمن إسحاق بن محمد الجعدي عام 263هـ.
باب الصغير: من أبواب السور الأول، يقع في الجهة الغربية الشمالية للمسجد النبوي الشريف ملاصقاً للقلعة من الجنوب وبقربه السجن العام، وسمي بالصغير لقربه من باب الشامي المسمى بالكبير، وتم بناؤه مع بناء السور الأول عام 263هـ.
باب العوالي: يعرف قديماً بباب النخيل لأنه يؤدي إلى مزارع النخيل الكثيرة في تلك المنطقة، وهو من أبواب السور الثاني، يقع في الجهة الشرقية للمسجد النبوي الشريف جانحاً إلى الجنوب قليلاً ملاصقاً لسور البقيع من الجنوب، يؤدي إلى منطقة العوالي وما جاورها من مزارع النخيل، بني بالحجر غير المنحوت بارتفاع أربعة أمتار تقريباً وعرض يتراوح ما بين 3.5-4 أمتار.
باب العنبرية: من أبواب السور الثاني، يقع في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف بالقرب من مسجد العنبرية ويؤدي إلى الحرة ووادي العقيق، وهو مدخل جميع القادمين من البحر عبر ميناء جدة وينبع وما حولها، وسمي بالعنبرية إما لكثرة نخل العنبر في تلك المنطقة، وإما لرجل اسمه عنبر له دور كبير في زمانه وإما نسبة لعطر العنبر حيث تشبه أحجارها السوداء لونه الأسود، بني مع بناء السور الثاني الذي بناه أهل المدينة بعد عام 1220هـ.
باب القاسمية: من أبواب السور الداخلي، يقع في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، ويؤدي من الشونة إلى المناخة وما حولها، وفتح في أواخر عهد العثمانيين، وهو من الأبواب الفرعية.
باب الكومة: من أبواب السور الثاني، يقع في الجهة الشمالية الغربية للمسجد النبوي الشريف ملاصقاً لسور القلعة من الجهة الغربية، وسمي بالكومة نسبة لأحد الشيوخ المغاربة، وقد تم بناؤه مع بناء السور الثاني بعد عام 1220هـ.
باب بصرى: من أبواب السور الداخلي، يقع في الجهة الشمالية للمسجد النبوي الشريف جانحاً إلى الغرب قليلاً، ويؤدي إلى شارع السحيمي ومحلة باب المجيدي، وقد تم فتحه في أواخر عهد العثمانيين، وهو من الأبواب الفرعية.
باب قباء (السد): ويعرف بباب السد أيضاً لأنه يؤدي إليه عبر طريق قربان المتفرع من طريق قباء، وهو من أبواب السور الثاني، يقع في الجهة الجنوبية للمسجد النبوي الشريف جانحاً إلى الغرب قليلاً بالقرب من وادي أبي جيدة، ويؤدي إلى منطقة قباء وقربان وما جاورها، وهو من الأبواب الهامة الدائمة الحركة خاصة لأصحاب المزارع والبساتين في تلك المنطقة.
وقد أزيلت هذه الأسوار ضمن المشروع الذي بدأ حوالي عام 1370هـ
بعض جبال المدينه
جبل عير
يقع في المنطقة الجنوبية الغربية من المدينة المنورة ويبعد عن المسجد النبوي ثمانية كيلومترات ومتوسط عرضه سبعون متراً وارتفاعه عن سطح البحر حوالي 955 متراً، وهو جبل طويل يمتد من الشرق إلى الغرب وسطحه مستوٍ ليس فيه قمة، لذلك سمي بجبل عير تشبيهاً له بظهر الحمار الممتد باستواء، يبلغ طوله ألفي متر تقريباً، ويعد جبل عير الحد الجنوبي لحرم المدينة المنورة.
جبل أحد
من أهم المعالم الطبيعية في المدينة وأظهرها، ويمتد أحد كسلسلة جبلية من الشرق إلى الغرب مع ميل نحو الشمال في الجهة الشمالية من المدينة، ومعظم صخوره من الجرانيت الأحمر وأجزاء منه تميل ألوانها إلى الخضرة الداكنة والسواد، وتتخلله تجويفات طبيعية تمسك مياه الأمطار أغلب أيام السنة، لأنها مستورة عن الشمس، وتسمى تلك التجويفات (المهاريس)، ويبلغ طول جبل أحد سبعة كيلومترات وعرضه ما بين 2-3 كيلومترات، ويبعد عن المسجد النبوي خمسة كيلومترات تقريباً، ويمر عند قاعدته وادي قناة ويتجاوزه غرباً ليصب في مجمع الأسيال.
ويرتبط اسم هذا الجبل بالموقعة التاريخية التي وقعت في السنة الثالثة للهجرة وسميت باسمه (غزوة أحد)، وكان ميدانها الساحة الممتدة ما بين قاعدته الجنوبية الغربية وجبل عينين الذي يبعد عنه كيلومتراً واحداً تقريباً ويسمى أيضاً (جبل الرماة)، ولجبل أحد مكانة كبيرة في نفوس المسلمين فقد وردت في فضله أحاديث عدة منها قوله صلى الله عليه وسلم (إن أحداً جبل يحبنا ونحبه).
جبل ثور
جبل صغير يقع خلف جبل أحد من جهة الشمال، وهو الحد الذي يبدأ منه حرم المدينة شمالاً ويمتد جنوباً إلى جبل عير وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور)، وقد وصفه بعض المؤرخين بأنه مدور أقرب إلى الحمرة خلف أحد عن يساره، وقد شكلت لجان رسمية لتحديده بدقة من بين مجموعة الجبال المتقاربة في المنطقة.
بقيع الغرقد
هو المقبرة الرئيسة لأهل المدينة المنورة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي حالياً، يقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سوره، وقد ضمت إليه أراض مجاورة وبني حوله سور جديد مرتفع مكسو بالرخام، وتبلغ مساحته الحالية مائة وثمانين ألف متر مربع، ويضم البقيع رفات الآلاف المؤلفة من أهل المدينة ومن توفي فيها من المجاورين والزائرين أو نقل جثمانهم إليه على مدى العصور الماضية وفي مقدمتهم الصحابة الكرام، ويروى أن عشرة آلاف صحابي دفنوا فيه منهم أمهات المؤمنين زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم عدا خديجة وميمونة، كما دفن فيه ابنته فاطمة الزهراء وابنه إبراهيم وعمه العباس وعمته صفية وحفيده الحسن بن علي وغيرهم كثير، وقد وردت أحاديث عدة في فضل البقيع وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له والدعاء لمن دفن فيه، ومنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد"، لذا تستحب زيارة البقيع والدعاء لمن دفن فيه اتباعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
شكر لكم هذه معلومات بسيطه عن المدينه