طلَّقتُ امرأتي لتركها الصلاة، بعد ما أنجبت منها طفلين. وعندما أذهب لإعطاء أولادي نفقتَهم أجِدُهم في حالة سيئة. فعلى مَن يقع الذنب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
جاء في فتوى للدكتور محمد البهي - من علماء الأزهر :ـ
نعم، إنَّ الصلاة عبادة يهتمُّ بها الإسلام أكبر اهتمام، لا لأنَّها عنوان المسلم، ولكن لأنَّها تصفِّي النفس وتَصلها بالله طَوال الحياة اليوميّة. وعن طريق صفاء النفس والصلة بالله تكون استقامة المصلِّي في سلوكه. وفي علاقته بغيره، وفي أداء واجبه نحو نفسه وأسرته وأمّته.
ولهذه الأهمِّيّة للصلاة يُوَجِّه القرآن الكريم رسول الله ـ عليه السلام ـ النصح بأن يأمر أهله وأمّته بالصلاة وبالمُداومة عليها، كي يُحَقِّق نتائجها في الحياة الدنيا والآخرة على السواء، إذ يقول: (وأمُرْ أَهْلَكَ بِالصّلاةِ واصْطَبِرْ "أي داوم" عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ والعاقِبَةُ للتَّقْوَى) (طه: 123).
ويقول في شأن الاستعانة بالصلاة في اجتياز الأزمات النفسية والمادِّيّة أيضًا: (واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ وإِنَّهَا لَكِبيرَةٌ إِلاّ عَلَى الخَاشِعِينَ) (البقرة: 45).
إذ أنها الطريق المفتوح إلى الله جلَّت قدرته.
فإذا قدَّر الزوج قيمة الصلاة في حياة زوجته وحياة أسرته في تربية أولاده فإنّما يقدّرهما عن إيمان بأثرها في الاستقامة، وفي الترابط، وفي التوجيه السليم.
ولكن لم يكن الطلاق هو الوسيلة الوحيدة، أو المُتعَيّنة، لمباشرة الزوجة أداء الصلاة. وبالأخصِّ بعد ما أنجبتَ منها ولدين. وإنَّما كان يمكن أن يكون الولدان هما الوسيلة في حمل الزوجة على أداء هذه العبادة الأساسيّة. على معنى أنَّه كان يمكن للوالد أن يتَّخذ من المناقشة في حُسْن تربية الولدين إقناع الزوجة بالصلاة وأدائها، لتكون قدوة حسنةً لهما. ولا شكَّ أنه يُهِمُّ الزوجة كأمٍّ أن ترى أولادها على صورة مهذّبة في السلوك، وأن تراهم كذلك يوفِّرون لجِدِّيَّة الحياة في المدرسة وفي المنزل وخارجه معظم نشاطهم العقلي والبدني، فإذا اقتنعت بقيمة الصلاة في حياة الأولاد فإنَّها لا تتردَّد في حَملهم عليها عن طريق العملية التي تأتي هي بها، أكثر من نصحهم ووعظهم.
وذنب النقص في الرعاية للولدين، وحرمانهم الآن من غيبة "وجود" الأب في جوِّ حياتهما، بجانب حنان الأم ـ يعود إلى ترك الصلاة من جانب الزوجة والطلاق من جانب الزوج. وكلا الأمرين يتصل "بالحُمْق" عند كلٍّ منهما. فحماقتهما وتجنُّبهما اختيار السبيل الهادئ المثمِر لحلِّ مشكلتهما هو الذي أدَّى إلى حرمان الولدين من الرعاية الأبوية المشتركة.
والله أعلم
__________________
اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أبوء لك بنعمتك ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، أعوذ بك من شر ما صنعت(البخاري)