الحب والمحبة: هذه المادة في أصل اللغة تدور على خمسة أشياء: الصفاء والبياض، العلو والظهور، اللزوم والثبات، اللُّباب والخلوص، الحفظ والإمساك.
ولا ريب أن هذه الخمسة من لوازم المحبة، فإنها صفاء المودة وهيجان إرادة القلب وعلوّها وظهورها منه لتعلُّقها بالمحبوب المراد وثبوت إرادة القلب للمحبوب ولزومها لزوما لا تفارق، ولإعطاء المحب محبوبه لبه وأشرف ما عنده وهو قلبه، ولاجتماع عَزَماته وإراداته وهُمومه على محبوبه، فاجتمعت فيها المعاني الخمسة، ووضعوا لمعناها حرفين مناسبين للشئ غاية المناسبة: الحاء التي من أقصى الحق والباء للشفة التي هي نهايته، فللحاء الابتداء وللباء الانتهاء، وهذا شأن المحبة وتعلقها بالمحبوب، فإن ابتداءها منه وانتهاءها إليه.
وأعطوا الحب حركة الضم التي هي أشد الحركات وأقواها، مطابقة لشدة حركة مسمَّاه وقوتها، وأعطوا الحِبّ وهو المحبوب حركة الكسر لخفتها عن الضمة، وذلك لخفة ذكر المحبوب على قلوبهم وألسنتهم