بقلم / هدى الجناحي
دائماً يسعى الإنسان وراء تحقيق أهدافه ورغباته ، في سبيل توفير حياة أفضل ، ومستقبل مريح .. فهو بهذا يدرس نتائج هذا السعي ومدى تأثيراً على حياته بالسلب والإيجاب .
لكن أن يفكر الإنسان بتحقيق غرض أو رغبة معنية على حساب حياته ، وعدم وجود نتائج إيجابية مضمونة ، فقط يجازف كي يحقق هذا الغرض الوقتي الذي قد يكون له مردود ثانوي ، فهذا حتماً سيسلبه عمره كله كي يحقق جميع أهدافه .
وهذا ما يحدث فعلاً في أيامنا هذه ،حيث نجد بعض الشباب يفكر بالزواج ويتحمس له كثيراً ، ويبدأ رحلة البحث الدؤوبة عن شريكة حياته المستقبلية ، فهو بذلك يحقق رغبة وهدفاً إيجابياً له مردود إيجابي على غده .
لكن المشكلة لا تكمن في هذا القرار الصائب الذي اتخذه ، بل تكمن في الغرض الخفي الذي يضعه نصب عينيه مغلفاً بعبارة ( أكمل نصف ديني ) ، ألا وهو إشباع شهواته وملذاته الوقتية .
فهذا الشاب يفكر بالزواج ، وهو لا يملك قيمة المهر الذي سيقدمه للفتاة ، ولا حتى مصاريف الزواج من احتفالات وبيت الزوجية وغيرها.. ولا يفكر بالمسؤولية التي ستقع على عاتقه بعد الزواج من بيت وزوجة وأسرة وأطفال وتربية .. كل ذلك لم يفكر به وهو يقدم على الزواج .
فالزواج لديه إشباع رغباته وشهواته فقط كي لا يقع بالحرام ، دون أن ينظر إليه من منظور أعظم ، وقلة ثقافته بأمور الزواج تجعله يخطو خطوة في حياته يندم عليها عمره كله .
فصحيح أن الزواج يجنب المرء من الوقوع في المحرمات ، ويقي من حدوث كوارث كثرة قد تقع ، لكنه مسؤولية حياة أبدية يتحملها ويتجرع أمرارها .
فنجد هذا الشاب يوافق على كل متطلبات الزواج ، وما تطلبه الفتاة وأسرتها من مهر وتكاليف أخرى ، وهو لا يملك حتى ربع ذلك ، لأنه لا يسعى إلا لتحقيق غرضه الخفي ، وما أن تتحقق له أمنياته حتى لو لم يمر على عقد قرانه شهرين، حتى نراه يفيق من أحلامه الوردية ، كي يصحو على واقع مروع ، واقع المسؤولية الأليم ، وسجن الزواج القاهر ، وضرائب شهواته وملذاته الفانية .
فيأتي قراره بالانفصال السريع ،حتى أنه يرى تلك الفتاة المسكينة كارثة يرفض مواجهتها أو حتى سماع صوتها ، وتحدث الطامة الكبرى الطلاق ، أبغض الحلال إلى الله ، لكن بعد أن يكون قد عاش تجربة حياة خيالية كي يشبع غريزته باستغلال فتاة لا ذنب لها سوى أنها فكرت أن تشاركه مسؤولية الحياة الأبدية .
ويا ليته يتعظ من تجربته الأولى بل أنه يكرر الخطأ دون أن يأبه بما سيحدث له ، أو يستفيد مما حصل له ، فقط كي يشبع غرائزه الحيوانية ، ويا ليته يتبع قول الرسول الكريم حين قال :
{ مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء } فرسولنا الكريم يحث على الزواج من يستطع على تولي مسؤولياته ، وأن يكون مستعداً نفسياً وعقلياً واجتماعياً واقتصادياً عليه ، ومقابل ذلك يضع الرسول الكريم علاجاً نافعاً وميسراً لن يكلفه شيئاً وهو الصوم ، حيث أنه سيزيده صبراً وثباتاً أمام مغريات الحياة وتجنب وقوع المحرمات .
مـنـقـول