بسم الله الرحمن الرحيم
هل هذه المساعدات من مال الزكاة
أم من الصدقات؟
يجوز إخراج الزكاة لمن لا تجب عليكم نفقتهم كالأخوة
إذا كان من الصدقات ، فهي لا يضيع ثوابها عند الله
حتى لو كانت من جمعا بين الاثنين
أما حل المشكلة الحقيقية فالحل في النصائح التالية:
وأرجو الصبر على قرائتها فهي توضح منهج الإسلام في المال
وهي نصائح تنفع زوجك وتنفع الناس جميعا وقد أخذت مني وقتا طويلا ، لكي يكون الجواب متكاملا
فأرجو الصبر على قرائتها
فكل الناس يحبون المال ، وعندما خلق الله تعالى الإنسان جعل فيه ميلا إلى حب المال وتملكه والاستكثار منه ،
فقال عنه (وإنه لحب الخير لشديد )، وقال تعالى
وتحبون المال حباً جماً )وقد جعل الله تعالى المال والبنين زينة الحياة الدنيا
فقال: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) [الكهف:46]، ، وقال تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة).
وقد قال الله في بيان قيمة المال والبنين لإحراز النصر، ورفع الشأن، قال: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَـٰكُم بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَـٰكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) [الإسراء:6].
فالإسلام له منهج متكامل في المال وله قواعد وضوابط يجب أن نتدبرها بأناة ونعمل على تطبيقها.
أولاً : أن تعتقد أنه مال الله وهذا المعنى هو الذي أكده القرآن في قوله جل شأنه: (وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) الحديد:7.
ثانيا : أن الله تعالى أعطاك المال ليختبرك ويمتحنك وينظر ماذا أنت فاعل فيه , هل نؤدي حق الله في المال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة : 254
وتتبع المنهج الإسلامي في تصرفاتك المالية أم لا ؟.
ثالثا أن تؤدي حق الله في هذا المال.
رابعا : الغنى غنى النفس : فمهما ملك الإنسان من مال فهو فقير إلى الله تعالى وقد يذهب ماله في لحظة ويتحول من غني إلى فقير ,
فالسعادة ليست في امتلاك المال وحده بل في الإيمان والطاعة التي يجد لذتها وحلاوتها المؤمن المجاهد لنفسه ولشيطانه فيلزمها
تقوى الله ويأخذ من سير المتكبرين عبرة وفي قصة قارون عبرة لأولى الأبصار ( راجع الآيات في سورة القصص خصوصا قوله
تعالى : (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ).
فهذه الآية تلخص المنهج الإسلامي كله الذي يجمع بين الإخلاص والتوسط في مطالب الدنيا وعدم نسيان الآخرة والآخرة خير وأبقى.
خامسا: أن الله تعالى أنزل الأرزاق وقسمها بحكمة , قد لا تظهر لك إلا بعد مدة طويلة ،
فتحمد الله على ذلك لأنه لو أغناك وأنت مسرف أو مستهتر فقد تضيع مالك ودينك ,
لكنه أغناك بعد ما اتبعت منهجه وتوسطت في الإنفاق بين التبذير والتقتيير ,
ثم إن الله تعالى من حكمته أن خلق الأغنياء والفقراء وخلق الاختلاف في الأجواء
وغيرها لنعرف نعمة الله علينا من رؤية هذا الاختلاف قال تعالى :
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ )الشورى 27 ,
وخلق الله الأغنياء والفقراء لحكمة أيضا وهي تسيير أمور الناس والفقراء يقومون بالأعمال الوضيعة
ولكنها شريفة ومن يقم بهذه الأعمال لو خلق الله العباد كلهم أغنياء ؟
وقال سبحانه: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا) الزخرف : 32 .
6): الحرص على الكسب الحلال.
7): العمل وعدم سؤال الناس.
ثامنا : الالتزام بالضوابط الشرعية والمعاملات القانونية و عدم الإفراط في الثقة بين الشركاء أو ممن يستثمرون الأموال
لأن النفوس تتغير والمال فتنة , فلا من وضع الضوابط الشرعية والقانونية التي تكفل الحقوق,
والإنسان يجب أن يكون دائما متأهبا للموت فلا بد من تسجيل المعاملات والديون ,
وكتابة الوصية كما في الحديث المتفق على صحته : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
" مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ " متفق عليه.
تاسعا:الحث على الصدقة وبيان أن ثواب الصدقة لا يضيع:
: وقد حث الإسلام على البذل والإنفاق ودعا المسلمين للحرص على التطوع بأنواع أخرى
من الصدقات غير المفروضة لما فيها من تكفير للذنوب وإطفاء نار الخطيئة ,
ونشر معاني الحب والبر والتعاون والإحسان قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) البقرة :267,
وقال تعالى
مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء
وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة : 261 والآيات في هذا المعنى كثيرة ,
وكذلك الأحاديث ومنها قَوْله صلى الله عليه وسلم: ( مَا مِنْ يَوْم يُصْبِح الْعِبَاد فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُول أَحَدهمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا
خَلْفًا , وَيَقُول الْآخَر : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )رواه مسلم, قال الإمام النووي : قَالَ الْعُلَمَاء : " هَذَا فِي الْإِنْفَاق فِي الطَّاعَات وَمَكَارِم
الْأَخْلَاق وَعَلَى الْعِيَال وَالضِّيفَان وَالصَّدَقَات وَنَحْو ذَلِكَ , بِحَيْثُ لَا يُذَمُّ وَلَا يُسَمَّى سَرَفًا , وَالْإِمْسَاك الْمَذْمُوم هُوَ الْإِمْسَاك عَنْ هَذَا " .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ,
وسارع صحابته للبذل والإنفاق وتسابقوا في ذلك في مواضع عديدة ,
ومنهم من تصدق بماله كله ومنهم من تصدق بنصف ماله ومنهم من جهز جيشاً كاملا ً ,
فعلى المسلم تعويد نفسه على هذا السلوك القويم لينال مغفرة الله تعالى ورضوانه .
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ وَمَا
يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ [الليل:5-11].
10, 11 و12 تحريم الغش والاحتيال والاحتكار والاعتداء
13) الموضوع المهم : التوازن والتوسط في النفقة :
ثم إنَّ المؤمن أيضاً أمام هذا المال يعلم أن الله جل وعلا جعل هذا المال قواماً لحياة الإنسان،
ولهذا نهاه عن إضاعته والتلاعب به، قال تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَاء أَمْوٰلَكُمُ ٱلَّتِى جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَـٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ
وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) [النساء:50]، وأثنى على المؤمنين في اعتدالهم في نفقاتهم
فقال في وصف عباد الرحمن: (وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) [الفرقان:67]،
وأرشد المسلمَ على أن يتأمَّل في أموره وفي عطائه ومنعه فقال جل وعلا:
(وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُوراً) [الإسراء:29]،
14) نهى الإسلام عن الإسراف في الأمور فقال: وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31]،
وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله نهى عن إضاعة المال،
ففي حديث المغيرة رضي الله عنه
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) متفق عليه .
15) : محاسبة النفس : المسلمَ يزن أمورَه كلَّها بميزان الشرع، يعلم أن الله جل وعلا سيسأله عن ماله: من أين أتى هذا المال؟ ما هي
الطرق التي حصلت بها على المال؟ ثم ما هي الطرق التي أنفقتَ فيها هذا المال؟ هل أُخذ المال بحقه؟ هل أُنفق في حقه؟ سؤالان لا
بد أن يُسأل العبد عنهما يوم القيامة كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن
عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟)رواه الترمذي .
16) : البعد عن الربا والشبهات يقول الحق جل وعلا في التحذير من الربا : ( ياأيها الذين آمنو اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم
مؤمنين, فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لاتَظلِمون ولاتُظلَمون) . وكذلك :والبعد عن التعاملات
المصرفية والتجارية التي تدر مالاً وفيرا بجهد ضئيل فغالبا تدخلها الشبهات واعلموا أن من دلائل التوفيق ومن وأمارات السعادة
والفلاح للعبد أن يكف عما حرم الله من المكاسب الخبيثة، وما نهى عنه من الأموال المحرمة، وأن يتورع عما يشتبه عليه من ذلك،
حرصًا على سلامة دينه وصيانة عرضه،كما قال عليه الصلاة والسلام:" فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " رواه البخاري
ومسلم .
وروى الترمذي وابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لايبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرًا مما به بأس".
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم