المناهي في الدعاء
ثبت من هدي النبي صلى الله عليه و سلم مداومته على الذكر، وأنه كان مْوْزَعاً بالسؤال، والدعاء، حتى كان يذكر الله تعالى على كل أَحيانه. وثبت من هدي النبي صلى الله عليه و سلم تعليمه لأُمته الدعاء، وتلقينهم إياه، كما في حديث تعليمه صلى الله عليه و سلم لأصحابه الاستخارة كما يعلمهم القرآن، رواه البخاري، وحديث تعليمه صلى الله عليه و سلم لأصحابه الاستعاذة من أربع كما يعلمهم السورة من القرآن: "اللهم إني أ عوذ بك من عذاب جهنم...." الحديث، رواه مسلم. وبجانب هذا دَلَّت آيات القرآن العظيم، وأحاديث النبي الكريم صلى الله عليه و سلم حماية هذه العبادة العظيمة من الغلط، والاعتداء، فجاء النهي عن هجر الدعاء مطلقاً، وعن جره حال الرخاء، وعن الكسل في المسألة والطلب، وإذا دعا المسلم رَبَّه، فهو منهي عن الاعتداء، فجاء النهي عن الاعتداء في الدعاء مطلقاً، ومنه النهي عن دعاء غير الله، وعن دعاء المرء على نفسه، وعن طلب تعجيل العقوبة في الدنيا، وعن الدعاء على غيره ظلماً، وعن تعليقه، وعن تحجر الدعاء، وعن رفع الصوت به. وجاء النهي عن الغلط في ألفاظ الدعاء خروجاً عن الوارد، والنهي عن التفصيل في الدعاء، وعن الاستعجال به قبل استفتاحه بالحمد والثناء، وعن استبطاء الإجابة واستحسار الداعي، وعن رفعه بصره حال الدعاء في الصلاة، وعن الدعاء بظهور الكفين، وعن الإشارة فيه بأصْبَعَيْن. ومن وظائف المسلمين لحراسة هذا الدِّين: قيام الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم بالنهي عن التجاوز عن التجاوز في الذكر والدعاء، في وقائع يشق حصرها، منها: النهي عن الاجتماع للدعاء، وعن التسبيح بالحصى، وعن القيام للدعاء، إلى غير ذلك، مما يفيد أهمية هذا الكتاب وأنه ليس بِدْعاً في الباب، وأن من النصح للمسلمين، وحراسة هذا الدِّين: القيام بواجب هذه الوظيفة في التنبيه على ما لحق هذه العبادة العظيمة: "الذكر والدعاء" من الغلط، والاعتداء، حتى يقوم المسلمون بهذه العبادة خالصة من شوب الإحداث والبدعة.
والآن إلى سياق قدر مبارك من أدلة التصحيح من الكتاب والسنة وآثار صالحي سلف هذه الأمة: