هل المرأة كالضلع ( الأعوج ) ؟؟؟
هذا السؤال لا بد أن يكون جوابه : نعم ، لأن هذا هو نص حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري ( أن المرأة كالضلع ) ومثله في صحيح مسلم ، وجاء في معجم الطبراني ( خلقت المرأة من ضلع أعوج ) ، والحديث ورد في عدد من كتب السنة الأخرى ، ولا يمكن لأحد أن يخالف نص حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
لكن علينا الآن أن نوضح معنى هذا الحديث ، وما هو مقتضاه ، وماذا يفيدنا مثل هذا الحديث في جانب الحياة الزوجية السعيدة .
الإنسان مركب في أصل نفسيته من مركبين أساسيين : العقل ، والعاطفة ، ولابد للحياة السوية أن تقوم على هذين الأمرين ، ومن ألغى العاطفة ، فإنما هو جماد يتحرك ، ومن ألغى العقل فإنما يتبع هواه وميوله .
وإذا كان العقل والعاطفة أساسان من أسس بناء الشخصية أو النفسية القويمة ، فإنه لكل واحد منهما موضعه ، وقد نحتاجهما معا في بعض الأحيان .
(
سعيد ) كان يقود السيارة ، وفجأة خرج أمامه طفل صغير ، فانحرف بسيارته ، وحاول تفاديه ، لكن شاء الله أن يدهس ( سعيد ) ذلك الطفل الصغير ....
نزل ( سعيد ) من سيارته ، وأخذ ينظر إلى الدماء التي تسيل من الطفل ، وإلى سيارته المعطوبة ... وأخذ يفكر بسرعة شديدة : ما العمل ؟؟؟
هنا يأتي جانب العقل والعاطفة ، إن هذا الحدث لا بد فيه من تغليب جانب العقل على جانب العاطفة ، فلا بد أن يتصرف ( سعيد ) بسرعة ، ويقوم بأخذ الطفل بسيارة أخرى إلى أقرب مستشفى لإنقاذ حياته ، ثم يتصل على الشرطة ليرفعوا السيارة من مكان الحادث ، ويقضي الله بعد ذلك ما يشاء .
ولو تصرف ( سعيد ) بجانب العاطفة ، لنزل من السيارة ، واحتضن الطفل ، وأخذ يبكي لما جرى ، ولأصيب بصدمة من هول الدماء وشظايا السيارة .
هذه قصة رمزية توضح أنه لا بد في هذه الحالة من تغليب جانب العقل على العاطفة .....
في المقابل ( حمد ) ينتظر خارج غرفة العناية المركزة ، حيث يرقد ولده الصغير ، وإذا بالطبيب يخرج ، ويقول له : البقية في حياتك ..... وهنا يطأطيء حمد رأسه ، ويقول بصوت متهدج : إنا لله وإنا إليه راجعون .... وتنزل من عينيه دمعات حزنا على ولده الصغير .... لقد غلب ( حمد ) هنا جانب العاطفة على جانب العقل ... وهذا هو المفترض أن يكون في مثل هذه الحال .
ولو غلب جانب العقل على جانب العاطفة ، لقال للطبيب : يا الله ، كلنا لها ... الله يعين ، وأدار محرك سيارته ، وانطلق للسمر مع أصحابه ....
لا بد في المثال السابق من تغليب جانب العاطفة على جانب العقل ، ولهذا ذرفت عينا نبينا صلى الله عليه وسلم حين وفاة ابنه إبراهيم ..... وفي قصة أخرى تبين ما سبق ، حيث قبّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي ، فقال رجل : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : من لا يرحم لا يرحم " ، وفي قصة أخرى سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" أتقبلون الصبيان ، فما نقبلهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة " ، والقصتان في صحيح البخاري .
كل ما سبق يوضح مبدأ العقل والعاطفة ، والتوازن أو التلازم – أحيانا – بينهما .
إذا تقرر ما سبق ، فإن الله تعالى فطر الرجل في غالب شؤونه على تفكيره بمنطق العقل أكثر من تفكيره بمنطق العاطفة ، وفطر المرأة في غالب شؤونها على تفكيرها بمنطق العاطفة أكثر من منطق العقل .
وخذ هذه القصة الرمزية تحكي لك كيف يفكر كل واحد بطريقته :
جاءت (
سعاد ) من حفلة نسائية متعبة ، ومجهدة ، بل ومتكدرة .....
سألها زوجها (
أحمد ) : إيش فيك يا سعاد ؟؟
سعاد : والله اليوم كان يوم متعب جدا ، كله قرف ، الحريم ما يسكتون ، والأولاد يصيحون ، وفي حرمة قاعدة تنظر لي نظرات غريبة .... الله يعيني بس عليهم .
أحمد : أنا قلت لك من أول لا تذهبي لهذه الحفلة .
سعاد : نعم ، لكن كان لازم أذهب .... ما أقدر .
أحمد : كيف ما تقدرين ... بسيطة ... ارفعي التلفون وقولي مشغولة ، واليوم لن آتي للحفلة .
سعاد : لكن الكل حاضر .. زميلاتي ... صديقاتي ... حتى معلماتي .
أحمد : وش عليك منهم .. خلهم يولون ...
سعاد : طيب ، طيب ، خلاص ، شكرا .
أحمد : ليش زعلت .
سعاد : ما زعلت ولا شيء ... انسى الموضوع .
القصة السابقة تحكي واقعا ملموسا ... سببه بسيط جدا ، أن ( أحمد ) فكر بجانب العقل ... وجانب العقل يقول : الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح ... بينما ( سعاد ) فكرت بجانب العاطفة ... فهي لم تكن تريد نصيحة فيما حصل بقدر ما كانت تريد كلمات حانية تنسيها تعبها الذي واجهته في تلك الحفلة .
ولنعد إلى الحديث الذي سقناه في أول المقال ( المرأة كالضلع ) ........ إن ( من ) معاني هذا الحديث ودلالاته أنه يرشدنا إلى طريقة تفكير المرأة ، فالمرأة تفكر بعاطفتها ، أكثر من تفكيرها بعقلها المجرد ، وهذا قد يوقعها في بعض الأخطاء نظرا لأن بعض المواقف تستوجب تغليب جانب العقل على العاطفة ، لا سيما في مواجهة الأزمات ، والشدائد والمحن ، وإذا فهمنا هذا الشيء أمكننا أن نتعامل مع الكثير من تصرفاتها بواقعية ، وأسلوب مميز .
ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه – يعني إحدى أمهات المؤمنين - فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام – يعني أرسلت للنبي صلى الله عليه وسلم إناء ، وكان هذا اليوم ليس يومها المقسوم لها - فضربت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم يد الخادم فسقطت الصحفة – الإناء - فانفلقت – يعني انكسر الإناء - ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ، ويقول : غارت أمكم ، ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت .
تأمل الحديث السابق وانظر كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك الموقف الذي غلبت فيه جانب الغيرة ...... لقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الموقف من جانبين :
يتبع .................