في أوائل الشهر المنصرم

كانت لي مع والديّ جلسة عاصفة

أبرقت فيها البروق .. ودوّت فيها الرعود

وذكرتُ لهما كل ما تعرضتُ له في زواجي

من كذبٍ .. وخداعٍ .. وتدليس

وكيف أنني ظُلِمتُ ظلماً كبيراً

وكذلك زوجتي .. ظُلمت مثلي

وفي كل يوم تزداد الهوّة بيني .. وبينها

وها نحن كلانا الآن .. ندفع الثمن غالياً

ولم يعد فيّ طاقةٌ للمجاملة .. أو الصبر

كانت مبررات والديّ باهتة .. كخيوط العنكبوت

كانا أصعب من أن يعترفا بخطئهما الجسيم

خصوصاً .. أبي

كانت مبرراتهم من نوع " لا ترجع للماضي "

" هذا نصيبك .. ولازم ترضى فيه "

" احمد الله على زوجتك "

" لا تهتم بالعلم .. ولا بالأسرة "

" وين بتوّدي ولدك ؟ "

كنتُ ألمح في وجهيهما الندم .. والحسرة .. والحزن

وإن كانا لسانهما ينطق بغير ذلك

حتى لا يشجعاني على الانفصال أو التعدد

قلتُ لهما: " وافقتُ بِراً بكما .. وحباً لكما

وانقلب السحر على الساحر "

خرجتُ غاضباً جداً

هاتفني، فجأة، صديقي .. أو بالأصح

أخي الذي لم تلده أمي

وقال سوف أمرك لنسهر سوياً

قلت في نفسي: هذا ما ينفّس كربي

لما التقينا .. فتحتُ معه الموضوع

دون ذكر أي عيوب لزوجتي أو أهلها أو أهلي

قال: " أنا حاس من فترة إن أمورك مش في السليم

وإن كنتَ لا تصرّح بذلك ! "

ودار بيني وبينه حوارٌ طويل

ألخّصه في التالي:

- تعرف الدكتورة فلانة ؟

- لا. ولكني أرى لها تصريحات إعلامية بين الحين والحين.

- وش رأيك تخطبها ؟

- متزوجة هي ؟!

- لا ما تزوجت. من معرفتي بشخصيتك أرى أنها مناسبة جداً لك.

- كيف علاقتك معها في العمل ؟ ( لأنه يعمل معها في القطاع نفسه )

- إمرأة مبدعة والكل يثني عليها.

- كيف أخلاقها وسلوكياتها ؟ تختلط بالرجال كثير ؟

- أي إمرأة في موقع اختلاط. لا بد أن يتحدث عنها الرجال وراء ظهرها. هذه الدكتورة حازمة وعاقلة. ولم أسمع أي شخص يتعرض لها بسوء. وبحكم الإدارة التي تديرها، اختلاطها بالرجال قليل جداً.

- أخشى أن تكون كبيرة في السن.

- إذا كان الفارق من سنة إلى 3 سنوات. لا تعد فارقاً حتى في المستقبل في سبيل أن تظفر بإمرأة متميزة. تريد الصدق ؟

- نعم. لأَنِّي تعبت من الكذب !

- عندما خطبت زوجتك الحالية استعجلت قليلاً. ولم تخبرني إلا متأخراً. كنت بأقول لك اخطب الدكتورة هذي. لكن قدر الله وما شاء فعل.

عدتُ بذاكرتي إلى الوراء ثلاث سنوات. لا أنسى عندما كنّا في فندق من فنادق دبي، صديقي وأنا، وأخبرته بخطوبتي. كيف تغيرت ملامح وجهه، وبارك لي مجاملاً. ونصحني بالزواج من خارج القبيلة.

- على فكرة لها مقطعين أو 3 على اليوتيوب. شوفها.

- لا يكون تكشف وجهها ؟!

- لا ! لا ! تلبس نقاب.

- بس أقول لك يا فارس أنا أضمن لك أسرتها وإبداعها في العمل وما أراه من أخلاقها. غير الأمور هذي إنت تبحث عنها زين زين.

وكأن صديقي يشير إلى الدين والجمال. وأعجبتني صراحته. وشعرت بِشَيْءٍ من الأسى عندما قارنت كلامه هذا بطوفان الأكاذيب التي كانت تردني في زواجي الأول.

- إنت استخر الله. والخيرة فيما يختاره الله.

فيما بعد .. دخلتُ على اليوتيوب

رأيتها إمرأة لبقة جداً .. فصيحة

عمليّة ..

ورغم ما قال صديقي عنها إنها قيادية .. وقوية

إلا أن العاطفة تتهدج من صوتها أثناء حديثها

وأعجبني خيالها وتشبيهاتها .. في كلامها

استخرتُ الله، عز وجل، مراراً وتكراراً

في الزواج من الثانية

وليس في التقدم لهذه المرأة بذاتها

أخذت أقلّب مَنْ مِنْ معارفي وأصدقائي

يستطيع أن يعطيني تفاصيل أكثر

حتى عثرتُ على رجلٍ .. تعمل زوجته

في الإدارة نفسها التي تديرها الدكتورة !

وللحديث بقية

مكانه المناسب