س7/ ما حكم دم الحيض ؟ وماذا تفعل المرأة إذا أصاب ثوبها شيء منه ؟
ج7/ دم الحيض نجس وذلك لأنه عينٌ أمر الشارع بغسلها فلقيام المانع فيها والمانع هو النجاسة ، وبناء على ذلك فإنه إذا أصاب ثوبها شيء منه فإنه يجب عليها أن تزيله بما يذهب عينه من لونٍ وريح بقدر المستطاع وذلك لحديث أسماء رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الحيض يصيب الثوب " تحته ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه " متفق عليه ، فإذا اجتهدت وبذلت ما في وسعها في إزالته ولكن بقي منه شيء من أثره فإنه لا يضر لحديث " يكفيك الماء ولا يضرك أثره " وسنده ضعيف لكن معناه صحيح ويستدل على ذلك بقوله تعالى { فاتقوا الله ما استطعتم } وقوله { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } وقوله صلى الله عليه وسلم " وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم " والقاعدة تقول : [ لا واجب مع العجز ] والله أعلم .
س8/ هل للمرأة سن يحدد بداية حيضها ؟
ج8/ أقول : هذا مما اختلف فيه العلماء رحمهم الله تعالى ، ولكن الراجح إن شاء الله تعالى أن الحكم مرتبط بوجود الدم الذي يحمل صفات دم الحيض كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى ، فمتى رأت المرأة الدم الذي يصلح أن يكون حيضاً فهو حيض وإن كان قبل تسع سنين إلا أن الغالب أن المرأة قبل التاسعة لا ترى دم الحيض لكن لو رآه بعض النساء فإنه يكون حيضاً ترتبت عليه أحكام الحيض وهذا هو اختيار أبي العباس ابن تيميه رحمه الله تعالى وهو رواية في المذهب وذلك لأن الأدلة في هذا الباب علقت الأحكام على وجود ما يصلح أن يكون حيضاً ، وهي مطلقة عن التحديد بالسنين والأصل أن المطلق يبقى على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل ، إذاً فالمرجع في ذلك إلى الوجود . والله أعلم .
س9/ هل للمرأة سن تعرف به انقطاع دم الحيض ؟
ج9/ أقول : هذه المسألة أيضاً مما اختلف فيه العلماء إلا أن الراجح إن شاء الله تعالى أنه لا حد لأكثر سن تحيض فيه المرأة ، وإنما المرجع في هذا إلى حقيقة الانقطاع فإذا انقطع عنها الدم الذي يصلح أن يكون حيضاً فحينئذً ترتفع أحكامه وأما إذا كانت المرأة لا زالت ترى الدم الذي يصلح أن يكون حيضاً فإنها تثبت لها أحكام الحيض حتى ولو بعد الخمسين أو الستين ، وهذا القول رواية في المذهب وهو قول الجمهور واختاره شيخ الإسلام ابن تيميه رحم الله الجميع رحمةً واسعة وهو الذي صححه صاحب الكافي والإنصاف فلا تسمى المرأة آيسة حتى ينقطع ، وقد تقرر في الأصول أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، والشريعة رتبت الأحكام على وجود ما يصلح أن يكون حيضاً من غير تحديد بسن والأصل بقاء المطلق على إطلاقه ، فإن قلت : فماذا تقول في قول عائشة رضي الله عنها : إذا المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ؟ فأقول : إن صح ذلك عنها ولا أحسبه كذلك لأنه لا يعرف له أصل ، لكن إن وجد له أصل فإنه محمول على الغالب وإلا فالحس يخالفه وقد رأينا من تحيض وهي في التاسعة والخمسين ، فهذا الأمر مرجعه إلى الوجود والانقطاع فمتى ما رأت المرأة دماً يصلح أن يكون حيضاً فهو حيض تثبت له أحكام الحيض من غير تحديد بسن لا في بدايته ولا في نهايته ، والله يتولانا وإياك .
س10/ هل يمكن أن تحيض الحامل ؟
ج10/ هذا مما اختلف فيه العلماء رحمهم الله تعالى ، والراجح من خلافهم إن شاء الله تعالى أن الأصل هو أن الحامل لا تحيض إلا أنه قد تحيض بعض الحوامل لكنه قليل نادر مقارنة بمن لا يحضن وعلى ذلك فإذا رأت الحامل دماً يصلح أن يكون حيضاً في زمن إمكانه فإنه يحكم له بأنه حيض وهو رواية في المذهب واختارها أبو العباس ابن تيميه وهو مذهب المالكية والشافعية واختارها أيضاً صاحب الفائق واستظهرها في الفروع وصوبها في الإنصاف وقال : وقد وجد في زماننا وغيره أنها تحيض مقدار حيضها قبل ذلك ويتكرر في كل شهر على صفة حيضها ، وقال الحافظ : هو دم بصفات دم الحيض وفي زمن إمكانه فله حكم دم الحيض فمن ادعى خلافه فعليه البيان . أهـ ، فإن قلت : أو ليس دم الحيض يصرف إلى تغذية الولد ؟ قلت : نعم ، لكنه قد يبقى بعده بقيه فيخرج ولا مانع من ذلك ، واختار هذا القول الإمام النووي رحم الله الجميع رحمة واسعة ، وعلى ذلك فإذا رأت الحامل دماً يصلح أن يكون حيضاً فإنه حيض تثبت له أحكامه ، فإن قلت : إذا قلنا إن الحامل قد تحيض فبأي شيء تعتد إذا طلقت بالحيض أم بوضع الحمل ؟ أقول : هذا لا إشكال فيه فإن الحامل داخلة تحت قوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } فهي من أولات الأحمال حتى ولو كانت حائضاً فيقدم وضعها للحمل على الاعتداد بالحيض ، فعلى هذا فعدتها وضع الحمل لكن تبقى بقية أحكام الحيض ثابتة لها إلا هذا الحكم فقط ، وهذا فيما إذا كانت من ذوات الأحمال يقيناً . والله أعلم .
س11/ ما هو غالب حيض النساء مع الدليل ؟
ج11/ غالب حيض النساء هو ستة أيام أو سبعة أيام بلياليها والدليل على ذلك حديث حمنه بنت جحش رضي الله عنها قالت :كنت استحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه فقال: " إنما هذه ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء " حديث صحيح ، والشاهد هو قوله " ستة أيام أو سبعة أيام " وقوله " كما تحيض النساء" . والله أعلم .
س12/ ما هو أقل زمن تحيض فيه المرأة ؟
ج12/ أقول : القول الصحيح في هذه المسألة أنه لا حد لأقل زمن تحيض فيه المرأة وإنما المعتبر الوجود فإذا رأت المرأة دماً بصفات دم الحيض ولو كان في أقل من يوم وليلة ، فإذا رأت الدم الصالح أن يكون حيضاً فهو حيض وإذا رأت الطهر فهو طهر وهكذا فلا يقيد أقله بيوم وليلة لأن هذا التقدير لا دليل عليه والأصل عدمه والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها لدليل صريح صحيح ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة " فالمعتبر يرحمنا الله وإياكم هو الوجود فمتى وجد الدم بصفات دم الحيض فهو حيض ولو كان لأقل من يومٍ وليلة . والله أعلم .
س13/ ما هو أكثر زمن تحيض فيه المرأة ؟
ج13/ أقول :- جواب هذا السؤال هو بعينه جواب السؤال قبله وهو أنه لم يرد في الأدلة ما يحدد الزمن لأكثر الحيض وإنما المعتبر الوجود فإذا كان الدم يخرج فهو حيض ولو جاوز عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً أو سبعة عشر يوماً لأن هذه التحديدات لا دليل عليها فالأصل أن ما أطلقه الشارع فإنه يعمل بمقتضاه ومسماه ووجوده ولم يجز تقديره وتحديده ، وعلى هذا فلا حد لأقل الحيض ولا لأكثره . وهو اختيار أبي العباس ابن تيميه رحمه الله . والله أعلم .
يتبع...