بسم الله الرجمن الرحيم 
عبد الله عبد المحسن التركي 
          وأهل السنة والجماعة : يتميزون على غيرهم من الفرق ؛ بصفات وخصائص وميزات منها :
     1- أنهـم أهل الوسط والاعتدال ؛ بين الإفراط والتفريط ، وبين الغلو والجفاء ؛ سواءٌ كـان في باب العقيدة أو الأحكام أو السلوك فهم وسط بين فرق الأمة ؛ كما أن الأمة وسط بين الملل . 
2- اقتصارهم في التلقي على الكتاب والسنة ، والاهتمام بهما والتسليم لنصوصهما، وفهمـهما على مقتضى منهج السلف .
 
     3- ليس لهم إمام معظَّم يأخذون كلامه كله ويدعون ما خالـفه إلا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهم أعلم الناس بأحواله ، وأقواله ، وأفعاله ؛ لذلك فهم أشد الناس حـبًّا للسنة ، وأحرصهم على اتباعها ، وأكثرهم موالاة لأهلها . 
     4- تركهم الخصومات في الدين ، ومجانبـة أهلها ، وترك الجدال والمراء في مسائل الحـلال والحرام                                                   ودخولهم في الدين كله . 
     5- تعظيمهم للسلـف الصـالح ، واعتقادهم بأن طريقة السلف أسلم ، وأعلم ، وأحكم . 
     6- رفضهم التأويل ، واستسلامهم للشرع ، مع تقديمهم النقل على العقل وإخضاع الثاني للأول . 
     7- جمعهم بين النصوص في المسألة الواحدة ، وردُّهم المتشابه إلى المحكم . 
     8- أنهم قدوة الصالحين : الذين يهدون إلى الحق ، ويرشدون إلى الصراط المستقيم ؛ بثباتهم على الحق ، وعدم تقلبهم ، واتفاقهم على أمور العقيدة ، وجمعهم بين العلم والعبادة ، وبين التوكل على الله والأخذ بالأسباب ، وبين التوسع في الدنيا والزهد فيها ، وبين الخوف والرجاء ، والحب والبغض ، وبين الرحمة واللين والشدة والغلظة ، وعدم اختلافهم مع اختلاف الزمان والمكان . 
     9- أنهم لا يتسمون بغير الإسلام ، والسنة ، والجماعة . 
     10- حرصهم على نشر العقيدة الصحيحة ، والدين القويم ، وتعليمهم الناس وإرشادهم ، والنصيحة لهم ، والاهتمام بأمورهم . 
     11- أنهم أعظم الناس صبراً على أقوالهم ، ومعتقداتهم ، ودعوتهم . 
     12- حرصهم على الجماعة والألفة ، ودعوتهم إليها وحث الناس عليها ، ونبذهم للاختلاف والفرقة ، وتحذير الناس منها . 
     13- عصمهم الله تعالى من تكفير بعضهم بعضاً ، ويحكمون على غيرهم بعلمٍ وعدل . 
     14- محبة بعضهم لبعض ، وترحُّم بعضهم على بعض وتعاونهم فيما بينهم وتكميل بعضهم بعضاً ، ولا يوالون ولا يعادون إلا على الدين . 
          وبالجملة فهم أحسن الناس أخلاقاً ، وأحرصهم على زكاة أنفسهم ؛ بطاعة الله تعالى ، وأوسعهم أفقاً ، وأبعدهم نظراً ، وأرحبهم بالخلاف صدراً ، وأعلمهم بآدابه وأصوله . 
وخلاصة القول في معنى أهل السنة والجماعة : 
     أنها الفرقة التي وعدها النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاة من بين الفرق ، ومدار هذا الوصف على اتباع السنة وموافقة ما جاء بها ؛ من الاعتقاد ، والعبادة والهدي والسلوك ، والأخلاق ، وملازمة جماعة المسلمين .
     وبهذا لا يخرج تعريف أهل السنة والجماعة عن تعريف السلف . وقد عرفنا أن السلف ؛ هم  العاملون بالكتاب المتمسكون بالسنة ، إذن فالسلف هم أهل السنة الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم وأهـل السنة هم السلف الصالح ومن سار على نهجهم . 
 
 
     وهذا هو المعنى الأخص ؛ لأهـل السنة والجماعة ؛ فيخـرج من هذا المعنى كل طوائف المبتدعة وأهل الأهواء ؛ كالخوارج والجهمية والمرجئة والشيعة ... وغيرهم من أهل البدع . 
     فالسنة هنا تقابل البدعة ،والجماعة تقابل الفرقة ، وهو المقصود في الأحـاديث التي وردت في لـزوم الجماعة والنهي عن التفرق . 
     فهذا الذي قصده عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قول الله تعالى : ( يَوْمَ تَبْيضُّ وُجُوُهٌ وتَسْودُ وُجُوُهٌ ) . ( آل عمران/106 ) . 
     قال : ( تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة ) . 
       وأما المعنى الأعم لأهل السنة والجماعة ؛ فيدخل فيه جميع المنتسبين إلى الإسلام عدا الرافضة 
     ويطلق أحياناً لبعض أهل البدع والأهواء بأنهم من أهل السنة والجماعة ؛ لموافقتهم لأهل السنة المحضة في بعض المسـائل العقائدية مقابل الفرق الضالة ، وهذا المعنى أقل استعمالاً  عند علماء أهل السنة ؛ لتقيده في بعض المسائل الاعتقادية ، ومقابل بعض الطوائف المعينة ؛ فمثـلاً : استعمال صفة أهـل  السنة ؛ مقـابل الروافض في مسألة الخلافة والصحابة ... وغيرها من الأمور الاعتقادية . 
ويقابل أهل السنة ؛ أهل البدعة ، ورؤسهم خمسة : الخوارج ، والرافضة ، والمرجئة ، والقدرية ، والجهمية 
             فعبارة السلف الصالح ترادف أهل السنة والجماعة في اصطلاح علماء أهل السنة المحققين ؛ كما يطلق عليهم ؛ أهل الأثر ، وأهل الحديث ، والطائفة المنصورة ، والفرقة الناجية ، وأهل الاتباع ، وهذه الأسمـاء والاطلاقات مستفيضة عن علماء السلف . 
لماذا عقيدة السلف الصالح أولى بالإتباع؟! 
       العقيـدة الصحيحة هي أساس هذا الدين ، وكل ما يبنى على غير هذا الأساس ؛ فمآله الهدم والانهيار ، ومن هذا نرى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بإرساء هذه العقيدة وترسيخها في قلوب أصحابه طيـلة عمره ؛ وذلك من أجل بناء الرجال على قاعدة صلبة وأساس متين . 
     وظل القرآن الكريم في مكة يتنـزل ثلاثة عشر عاماً يتحدث عن قضية واحدة لا تتغير ، وهي قضيـة العقيدة والتوحيد لله تعالى ، ومن أجلها ولأهميتها كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة لا يدعو إلا إليها ، ويربي أصحابه عليها . 
     وترجع أهمية دراسة عقيدة السلف الصالح إلى أهمية  تبيين العقيدة الصافية ، وضرورة العمل الجـاد في سبيل العودة بالناس إليهـا وتخليصهم من ضلالات الفـرق واختلاف الجماعات ، وهي أول ما يجب على الدعاة الدعوة إليها . 
فالعقيدة على منهج السلف الصـالح  لها مميزات وخصائص فريدة تبين قيمتها وضرورة التمسك بها ، ومن أهم هذه المميزات : 
     أولاً : إنها ؛ السبيل الوحيد للخلاص من التفرق والتحزب ، وتوحيد صفوف المسلمين عامة ، والعلاء والدعاة خاصة ، حيث هي وحي الله تعالى ، وهدي نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- وما كان عليه الرعيل الأول الصحابة  الكرام ، وأي تجمع على غيرها مصيره - ما نشاهده اليوم من حال المسلمين - التفرق ، والتنازع ، والفشل . قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بعدِ ما تَبَيَّنَ لهُ الهُـدى ويَتَبَّعْ غَيْرَ سبيلِ المُؤمنينَ نُولَّه ما تَوَلى ونُصلهِ جهنَّمَ وساءتْ مصيراً ) . ( النساء:   ) 
 ثانياً : إنها ؛ توحد وتقوي صفوف المسلمين ، وتجمع كلمتهم على الحق وفي الحق لأنها استجابة لقول الله تبارك وتعالى : ( واعتصموا بحبلِ الله جميعاً ولا تفرَّقوا ) . ( آل عمرن:  ) 
     ولذا فإن من أهم أسباب اختلاف المسلمين ؛ اختلاف مناهجـهم ، وتعـدد مصادر التلقي عندهم ؛ فتوحيد مصدرهم في العقيدة والتلقي سبب مهم لتوحيد الأمة ؛ كما تحقق في صدرها الأول . 
 ثالثاً : إنها ؛ تربط المسلم مباشرة بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبحبهما وتعظيمهما ، وعدم التقديم بين يدي الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذلك لأن عقيدة السلف منبعها قال الله ، وقال رسوله بعيداً عن تلاعب الهوى والشبهات ، وخالية من التأثير بالمؤثرات الأجنبية ؛ من فلسفة ومنطق وعقلانية ، وإدخال منابع أخرى . 
  رابعاً : إنها سهلة ميسرة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ، بعيدة عن التعقيد وتحريف النصـوص . معتقدها مرتاح البال ، مطمئن النفس ، بعيد من الشكوك والأوهام ووساوس الشيطان ، قرير العـين لأنه سائر على هدي نبي هذه الأمة - صـلى الله عليه وآله وسلم - وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين قال تعالى : ( إنَّما المُؤمنُونَ الذين آمنوا باللهِ ورَسَوُلِهِ ثُمَّ لم يرتابوا وجاهدُوا بأموالهم وأنفسِهم في سبيـل الله أولئك هم الصادقون ) . (الحجرات/15) . 
   خامساً : إنهـا من أعظم أسباب القرب من الله تبارك وتعالى ، والفوز برضوانه . 
     وهذه المميزات والسمات ثابتة لأهل السنة والجماعة ، لا تكاد تختلف في أي مكان أو زمان ، والحمد للـه رب العالمين .