يعتبر الإسلام في طليعة المذاهب التي تندّد بسوء الظن وتدعو إلى اجتثاثه من النفوس ، خاصة في الحياة الزوجية ، ويدعو الزوجين إلى الاستمرار في الحياة المشتركة في ظلال من الطمأنينة والثقة المتبادلة .
إنها حالة صبيانية أن يعجز شخصان عن التفاهم فيما بينهما حول المسائل ذات الهم المشترك . إنني أخاطبكم أيها الشباب ، باعتباركم مسؤولين عن تربية الجيل القادم . إن هذه المسؤولية تتطلب منكم شعوراً يسمو بكم عن توافه الأمور . وإن عجزكم عن التفاهم يعبّر عن عدم أهلّيتكم لاحتضان الجيل وتربيته .
وهل كان الهدف من ارتباطكم المقدس هذا هو صنع هذا الجحيم من الحياة ؟! وهل ـ حقاً ـ لا توجد سبل لحل الخلاف الزوجي ؟! إن الزواج يعبّر عن تخطّيكم الكامل لحياة الطفولة ودخولكم عالم المسؤوليات بكل تشعباتها التي تحتاج إلى تفاهمكم وتعاضدكم وحل جميع المشاكل في جو من الهدوء لكي تكونوا أفراداً صالحين ونافعين في مجتمعكم وبلادكم .
طريق الخلاص :
وفي محاولة للتخلص من حالات الشك وسوء الظن يمكن الإشارة إلى بعض السبل ، وهي كما يلي :
1 ـ الالتزام بحدود الإنسانية :
إن الحياة الزوجية تعني في أقل التقادير تعاقد إنسانين على الحياة معاً وتحت سقف واحد ؛ وهذه الحياة المشتركة تتطلب التزاماً ببعض العهود منها ما يحدده الدين والعرف ومنها ما يحددها الإنسان بنفسه . وعليه فإن أقل ما يمكن رعايته من جانب الزوجين هو احترام الأعراف في ما يخصّ العلاقات الزوجية .
2 ـ رعاية العفّة :
وهي في الواقع الحجر الأساس في البناء الأسري ، إذ أن الزوجين على السواء ملزمان أمام الشريعة باحترام هذا الجانب الحساس في الحياة وعلى جميع الأصعدة ، فالعفة تشمل الحديث والمعاشرة وطهارة الثوب وغير ذلك من الأمور .
وعليه ، يتوجب على كلا الزوجين الابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بهذا الجانب من قبيل الافتراء والبهتان وظن السوء ، وأن عليهما الاهتمام ببعضهما وتقاسم حلاوة الحياة ومرارتها .
3 ـ التثبت في الأمور :
ما أكثر الأفراد الذين يصغون إلى أحاديث الإفك فيتأثرون بشدّة ، وتنشأ في نفوسهم حالة من سوء الظن والشك الذي قد يترتب عليه المواقف الخطيرة وقد كان من الممكن تفاديها بقليل من التثبت والرويّة .
إن أي قرار متسرع دون بحث وتفحص لا بد وأن ينتهي إلى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها ، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف في الشخصية وإحساس بالمهانة .
4 ـ تدبر الأمور :
لا توجد مسألة أو مشكلة لا يمكن حلها من خلال التدبر ، والمطلوب هنا هو تحكيم العقل وإقصاء العاطفة جانباً والتأمل في المشكلة بكل موضوعية بعيداً عن الأنانية وسوء الظن ، وفي هكذا شروط سوف تظهر الحقيقة واضحة جلية .
5 ـ بناء النفس :
يتحول الفرد أحياناً ، بسبب خطأ أو انحراف أو حتى مجرد الإحساس بذلك ، إلى إنسان يسيء الظن خاصة عندما يجد تأييداً لدى الآخرين . إن الحياة الزوجية تتطلب من الإنسان أن يعتبر نفسه ناقصاً وبحاجة إلى التكامل . وهذا التصور يجنّب الإنسان الخطأ الناجم عن الشعور بصحة تصرفاته ، لأنه إذا ما شعر الإنسان بأنه غير كامل وأنه يعاني من نقص مستمر ، توقع احتمال الخطأ من نفسه ، وبالتالي يصون هذا الشعور الإنسان من العناد واللجاجة في الرأي ويدفعه إلى نشدان الحق والبحث عن الحقيقة .
6 ـ حسن النية :
من ضرورات الحياة المشتركة أن يتمتع الزوجان بحسن النية دائماً في مشاعرهما وممارساتها ، فإذا كان هناك خلل ما في توفر بعض مستلزمات الحياة في المنزل فيجب أن لا يفسّر هذا على أنه نوع من إلحاق الأذى ، وإذا حدث وضحك أحدهما في غير مناسبة فعلى الآخر أن لا يتصور بأنّها موجهة ضده .
إن الحياة الزوجية ، خاصة لدى الشباب ، تحتاج إلى حسن في النوايا وتعاضد في الأعمال ، وإلا فإن روحيهما ( أي الزوجين ) ستكونان نهباً للقلق ، وحياتهما عرضة للتزلزل .
7 ـ استعراض الحقائق معاً :
في الحياة المشتركة ينبغي أن يكون حصة العقل أوفر حظاً من حصة القلب ، حيث يمكن ، ومن خلال مناقشة بعض الحقائق معاً ، تلافي احتمالات الإخلال بالصفاء الزوجي ، ويتطلب هذا الأمر إصغاء الطرفين لبعضهما مع الأخذ بنظر الاعتبار بعض الضوابط الفكرية ، وإلا فإنهما سيضطران إلى اعتماد أساليب بعيدة عن المنطق في حديث لا يمتّ إلى أرض الواقع بصلة أو جذر ، مما يؤدي إلى توتر العلاقات في الحياة الزوجية .
8 ـ تقبل القيود :
إنكم لم تعودوا أطفالاً أحراراً كما كنتم بالأمس . إن الحياة الزوجية هي شكل من أشكال الحرية المقيدة والمشروطة ، يتقلبها الزوجان كأساس للحياة المشتركة ، وهي علاوة على كونها شرطاً في الحياة الزوجية فإنها تعمل على تهذيب الإنسان وتشذيب أخلاقه في المعاشرة والصحبة من خلال بعض الضوابط والقواعد التي تصبّ في النهاية في مصلحة الزوجين بما يعزز من أمن واستقرار الأسرة .
منقول بتصرف
اتمنى للجميع حياة هادئة بعيدة عن الظنون
__________________
يا باقيا والكل يفنى يا مجيبا داعيا..ادعوك يا ربي فلا تمنع جواب ندائيَ..
أسأل الله العظيم..رب العرش العظيم..الذي جمعنا في دنيا فانية..