أشكالية الخطبة في المجتمع السعودي !
أجزمُ أن من أكبر الأشكاليات التي يواجهها العريسان تكمن في فكرة الخطبة، ربما لا يفكر البعض في أعماق أهمية الخطبة والتواصل لاكتشاف شخصية الطرف الأخر ومدى الأرتياح معه وفهم أفكاره وأبعاده الدينية وغيرها، وأعني بذلك قبل كتابة العقد.
إن الأشكالية التي يواجهها المجتمع السعودي والتي أدت إلى كثير من حالات الطلاق تكمن في الخطبة، الكثير من الخُطب التي تحدث في مجتمعنا تتخذ الشكل الآتي، تخطب الأم لأبنها، يُسأل عن البنت بشكل عام، نعم جميلة خلوقة تصلي، يُسأل عن الشاب والجواب رجل يصلي لتوه قد تخرج من الجامعة أو موظف لا يدخن، انتهت القضية أرتاح كلا من الأهلين أن الطرفين "صالحَين"، ثم تأتي فترة النظرة الشرعية، والتي تتم خمس دقائق كمتوسط فتأتي الفتاة مطئطئة رأسها قد غلبها الخجل، وينظر إليها الشاب فتعجبه وهي ترتاح له بالرغم من كونها قد لم تراه من شدة خجلها، وتنتهي الحكاية الأولى في موافقة الطرفين ثم يتم عقد القران أو مايسمى الملكة، ولكي لا أنسى فإن هناك بعض القبائل لاتحدث عندهم حتى فكرة النظرة الشرعية!
هذه البساطة أو ليسمح لي الجميع أن أسميها السذاجة في تقييم كلا الطرفيين من خلال أسئلة عامة بشكل كبير حول صلاته وظيفته تكاد تكون مسخرة لا يصدقها عاقل خارج أطار مجتمعنا، أما بعض مجتمعنا فلا يشعر بغرابتها كونه أعتاد على هذه الطقوس.
إن حالات الطلاق التي تحدث في مابعد كتابة العقد أو في بداية الزواج ترجع إلى أن الطرفان يدركان أنهما غير صالحين لبعض أو أنه لا توجد مساحة مشتركة معقولة بينهما بعدم أن تم أكتشاف شخصية كلاً منهما وأسلوبه، والنتيجة تشتت أسرة كان يجب أن تكون عنصراً فعلاً وقويماً في بناء المجتمع الأسلامي وحفظه من الأنحرافات، وجميعنا يعلم عواقب الطلاق النفسية والأجتماعية والدينية على الفردين وعلى المجتمع.
انطلاقاً من هذه الترجيديا التي تحدث في مجتمعنا، فإني أدعو المجتمع إلى أن يقشغ غبار العادات البالية ويقفوا على مكمن الخلل والمأساة الجارية، إننا بحاجة إلى أن نعيد مفوم الخطبة، من مفهوم قائم على البساطة إلى مفهوم أعمق مبني على كشف الطرفين لبعضهما البعض قبل كتابة العقد، ويتم ذلك من خلال تواصلهما عبر الهاتف أو الزيارات المتكررة للخطيبة في بيتها والحوار معها في حضور أحد أولياء أمرها ولا يمنع أن يذهب جميع الأطراف لتناول وجبة عشاء خارجية لزيادة معرفة الطرفين ويتيقنا أنهما صالحين لبعضهما البعض قبل أن يتورطا في كتابة العقد.
إني لا أدعو لثورة على الدين ومفاهيمه إنما على الواقع الذي جرنا إلى حالات عديدة من حالات الطلاق والتي سببها عاداتنا وأساليبنا في الزواج، لم يحدد الدين أن فترة النظرة الشرعية هي نظرة واحدة ولم يرفض أن يتقابل الطرفين ويمضيا وقتاً أطول في الحديث بينهما، بل في تقديري إنه يجب ألا تحدد إنما تكون مفتوحة ومتى ماشعر الطرفين أنهما قد رغبا في بعض فليتوكلا على الله.
ربما يرى البعض أن كلامي مثالي ومن الصعوبة تطبيقه في الواقع الحالي على مجتمعنا، ولكن أقول أننا أمام طريقين أثنين إما أن نظل على طريقنا وبالتالي المزيد من الخسائر، أو نغيير نظرتنا وتفكيرنا وأساليب طرقنا وبالتالي نقلل المزيد من تلك الخسائر.
* لا أدعي بأني ذلكَ الشخص الذي خطب بالطريقة التي أنادي بها، فما أنا إلا على نفس مساركم وخطواتكم، ولكن حينما أفكر في كثير من الطلاقات التي تحدث في فترة الملكة وبداية الزواج أجد أن السبب الرئيسي يكمن في غياب التواصل بين الخطيبين في فترة ماقبل كتابة العقد.
__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..