وأخيرًا قصة ولادة ..cry ( باركوا لي .. وادعوا لي أيها الأحبة )
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني وأخواتي الأعزاء على قلبي كثيرًا .. الإخوة الذين تعرفت بهم في فترة عصيبة جدا من حياتي ، أحببتكم من كل قلبي وعشت مع مشاكل حياتكم بكل ما فيّ !
خففتم عني دون أن تشعروا .. بدفء أخواتي هنا .. خففتم قليلاً من الصقيع الذي يضرب في قلبي آنذاك وأنا حامل في شهوري الأخيرة ! ( وتلك هي بداية تفاعلي معكم )
حقّ عليّ الآن أن أبشركم بأروع بشرى في حياتي ... ولادتي التي تمّت بشكل طبيعي - وليس عملية كما كان متوقعًا -
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيييم سلطانك ..
والله يا إخوان بي رغبة أن أصف لكم قليلاً مما مررت به، فتحملوني رجاء ولعل ما أقوله يكون حافزًا لنعرف جميعًا معنى الأم ومعنى أن تلد وتنجب إنسانًا إلى هذه الحياة
في البداية أنا لا بد أن أخبركم أن أعصابي كانت مشدودة طوال الوقت في فترة الحمل ( كلّها !! )
كنت أبكي لأدنى سبب .. أتضجر من أي شيء مهما صغر شأنه ! أصرخ في وجه من يحاول أن يجادلني
رغم أن طبيعتي تختلف كثيرًا ...
كرهت زوجي ... وكرهت رائحته وتصرفاته .. كرهت كل ما يمتّ له بصلة، لدرجة أني كنت أبعد عيني عن صورته في بطاقة الأحوال !!! ( لا أصدق أني وصلت لهذا الحد )
في الشهور الأخيرة، كنت بمجرّد سماعي لصوت خافت أنزعــــج، والله يا إخوان يكــاد رأسي أن ينفجر، وأعصابي تنفلت ... وأبدأ بالإنهيار والبكاء
في الشهرين الأخيرة، لم أعد أستطيع النوم إلّا قليلًا !
والصوت يزعجني، ولا أحب الكلام أبدًا .. لا أرد على المكالمات .. أشمئز من صوت الجوال .. أكره نغمة الرسائل ... والتليفزيون ... كـل شيء أصبح يسبب لي قلقًا
بدأت أفكر أفكار مجنونة، من قبيل : كيف سألد ؟؟ لماذا بطني صغير لهذه الدرجة !!
ما هذا الكائن الذي يعيش في بطني !! وحصل أن استيقظت مذعورة وأنا أنظر لبطني وأتساءل من أين جاء وكيف سأقدر على ولادته
أعرف مدى دهشتكم ولكنه ما حصل
بدأت أعراض غريبة تأتيني .. وكان الحرقان هو ما يقوّض عليّ عيشتي ! والحمد لله على كل حال
كنت أشتهي الأكل الدسم، وأحرم نفسي منه، لأني أعرف ما الذي سيأتيني وقت النوم
في الأسبوع الأخير قبل ولادتي ... أطاحت بي حمّى شديدة جدًا جدًا ، خفت على جنيني كثيرًا
ولم أفكر أبدًا بنفسي ... ودعوت الله كثيرًا .. والحمد لله كانت هذه الحمى علامة على قرب الولادة - أخبرتني زميلتي بهذا -
بدأت الحمى تنحسر عني .. وبدأت أستطيع خدمة نفسي، وفي يوم ولادتي استيقظت الساعة الواحدة بعد الظهر، وصليت جالسة - منذ نهاية الشهر الثامن وأنا أفعل هذا - ونزلت عند أهلي وأنا متحفزة تمامًا لأي شخص يبدأ معي نقاش وناقمة على المجتمع وعلى كل شيء ( بدون مبرر إطلاقًا )
تجاهلتها ... وصليت العصر .. وعدت للنوم ( كانت خفيفة جدًا ولم أتوقع أنها ولادة ) لأن النساء كن يخبرنني بأن هناك ما يسمّى بآلام الطلق الكاذبة !
ولكن هذه كانت صادقة حقًا !
حينما استيقظت بعد المغرب ... كان الألم قد بدأ يصبح أشدّ ..
تحاملت على نفسي وصلّيت، وجهزت نفسي ( عرفت أنها الولادة رغم أنها المرة الأولى )
وقد كانت من ألطاف الله أن أعلمني أنها الولادة ..
أخذت أغراضي وإحدى أخواتي حاولت أن تمزح معي وهي لا تعلم ما الذي يحصل لي .. فتجاهلتها ... رغم أني لم أرغب بذلك .. ولكن لم أرغب أيضًا بإرعاب أحد عليّ ...
أخبرت أمي أني أُطلق .. فنظرت إلي وكأنها لم تصدق .. لأني لم أكن أبكي ..فقط كان وجهي شاحبًا
وقد كانت أمي تتوقع مني أكثر من مهرجان بكاء وقت الولادة ( لصغر سني ربما )
لكني - والحمد لله كنت قريبة من الله في ذلك الوقت بالذات - وبدأت أدعي طوال الطريق إلى المستشفى
وحين وصلت كانت ولادة فعلًا
وتركتني أمي هي وأخي بعد محاولات مستميتة منهم للبقاء جانبي، ولكني لم أحب إزعاجهما، وعرفت أن الولادة تحتاج إلى وقت طويل فخفت أن يتعبا ... والأمر أصلًا ليس بيدهما بل بيد الله
حينما تركوني بدأت النساء تجتمع عليّ .. وبدأت السواليف ( نعم !! لا أحد يستغرب )
لأن الغرفة التي وضعوني فيها كانت لنساء تعدّين شهرهن، وأنا الوحيدة التي تُطلق !!
كنت لا أعي ما الذي يقولونه لي...وكانت شفقتهن عليّ شديدة شديدة ( لا أعلم لماذا ) ولكن السؤال الذي صرت أتوقعه هو : أين أمك يا عمري ؟ لماذا تركتك !
رغم أن معظم النساء بدون أمهاتهن، فماذا أُتعب أمي ؟؟
المهم بدأ الألم يشتدّ ... بشكل لم أتخيله في حياتي
ألم لم أجرّب شيئًا يشبهه !
الألم الذي يجعل الشخص يُغمى عليه، ولكن الفرق أني لا أزال في وعيي الكامل !!
بدأت أدعي ... وأرى عظمة الله وأتساءل : كيف لكل هذا الألم أن يتحمله جسمي
توقعت أن أمــوت ... وتوقعت أكثـــر أن لا يخـرج الجنين من بطني
تمنيت الموت يا إخوان ... تمنيت أن أختفي من هذا الوجـــود ، لشدة ما رأيت
كان الألم يزداد كلما ازداد الوقت - بعكس كل الالآم - !
ورغم أن يهدأ فترة ويعود أخرى، إلّا أنه كان يجعلني خائرة القوى منهكة، فأنام كلّما هدأ !
وأستيقظ يعصرني الألم ... وكان كلّه متركّزًا في أسفل ظهري ( عجب الذنب )
والله يا إخوان لا أستطيع إيصال شعوري إليكم ..
هل هو الشعور بالموت ؟ وأنا حيّة أرزق ؟
أم هو طعن بالسكين بلا دماء تنزف ؟
تذكرت النار وعذابها كيف يكــــون ؟
كيف بمن حُشيت أحشاءه نارًا ؟
كيف بمن يخلّد في النار ؟
تذكرت أهلي وزوجي وصديقاتي .. وحاولت تخيل موقفهم لو أني أموت في ولادتي
كان خاطرًا سريعًا ... لم أعد أفكر بعدها إلّا في " أريد أن أتخلّص بأي طريقة "
في البداية كنت أدعي الله بأدعية طويلة مفهومة ..
وبعدها بدأت أستغيث ..
وأخيرًا كنت أردّد : " يا الله ... يا الله ... يا ربّ ... يا ربّ ... ياااااااااااربّ " !!!
كان شعوري واحدًا وهو أن من سيخلصني هو الله وحـــده ولا أحد سواه
لا الممرضة التي أمامي .. ولا قوتي ولا أي شيء غير الله
والحمد لله الذي لم يخيّبني ..
فقد ولدت الساعة الحادية عشر والنصف في ذلك اليوم، بعد أن رأيت المـــوت في خضمّ الحياة
وبعد أن رأيت طفلي يرقد على بطني والممرضات من حولي يصفقن لي
وأنا لا أقول سوى :
الحمد لله
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
والله لو عشت عمري أشكره وأعبده ما وفّيته حقّه ...فسبحانه ما أعظمه
رغبت بشدة في أن أسجد له سجدة شكر
رغبت ولكن لم أستطع فعل هذا إلا بعد حوالي عشرين يومًا ( لشدة التعب والحمد لله على نعمته )
إلى هنا أتوقف ... فقد أطلت جدًا .. اعذروني على ذلك
ولكن أرغب بإخباركم بشيء قبلها .. رغم أني أستحي أقولها لكن أنا الآن أمرّ بظروف لا يعلمها إلا الله
أتمنى دعوة من كل شخص تواجد هنا بأن يفرّج الله همّي ..دعوة ولو صغيرة ، فلربما يكون بينكم من لو أقسم على الله لأبرّه !!
تحياتي لكم ومحبتي العميقين
أختكم
cry...
__________________ إن كان في العمر بقية مما مضى * * فالعيش في صدق هو أول الآمال.