ألم الماضي والحاضر...أرجوكم أرشدوني
اخواني و أخواتي الأعزاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد ترددت كثيرا قبل ان أعرض مشكلتي فهذه أول مرة أفضفض فيها عبر الإنترنت و أرجوا أن أجد هناك من يفهمني . مشكلتي بدأت منذ طفولتي مروراً بمراهقتي و مازالت للأسف مستمرة بعد زواجي. ففي طفولتي كنت ألاحظ أنني دائما مثل (البطة السوداء) التي لا ينظر إليها أحد فأنا آتي بالمرتبة الثانية في إخوتي و أخواتي و كنت أقلهم حظاً بالجمال وقد صرحت أمي بذلك بينما كنا نتناول طعام الغداء عندما سألتها أختي الكبرى من أكثرنا جمالا و لا أنسى ما حييت حجم الألم الذي شعرت به عندما أشارت الىّ أمي أنني الأقل جمالاً. في تلك الفترة أيضا كان والدىّ يجلبان الألعاب لأخواتي الأصغر مني دون اعتبار انني مازلت طفلة بحاجة الى اللعب. على العكس من ذلك كنت انا و أختي الكبيرة نغسل و نكنس و ننظف دون اعتبار انني مازلت صغيرة, حتى اني لا أنسى ذلك اليوم من رمضان الذي ضربني فيه والدي عندما وجدني نائمة و لم أرتب الغرفة. :كانت أختي الكبيرة كثيرا ما تحتقرني ولم يكن أخواتي الصغار ينسجمن معي. كنت وحيدة في البيت على الرغم من كوني انسانة مرحة جداً فقد استطعت أن أكون صداقات رائعة في المدرسة مازلت أتواصل معهن الى الآن.
عندما أتنني الدورة الشهرية في سن الرابعة عشر بكيت بشدة دون أن يشعر بي أحد لأنني كنت أشعر بأنني لم أستمتع بطفولتي, أخفيت أمر بلوغي و كأنني مذنبة. في تلك المرحلة من حياتي أصبحت متمردة على والدىّ و تعرضت كثيرا للضرب المبرح و الذي سالت منه دمي في بعض الأحيان. لا أنسى ذلك الموقف الذي ضربتني فيه أمي حيث طرحتني أرضاً و وضعت قدمها على رأسي ثم أخذت (شبشب) الحمّام (أعزكم الله) و وضعته في فمي ثم أخذت ذلك الشبشب و أخذت تضرب به وجهي حتى سال الدم من فمي. مواقف كثيرة مرت علىّ لا يسعني ذكرها كان بطلها أبي و أمي و أختي.
في سن الثالثة و العشرين تخرجت من الكلية و تفرغت تفرغا كاملا للعمل المنزلي و في انتظار الوظيفة على أحر من الجمر. مازلت متمردة و أشعر بالظلم خاصة عندما أرى أخي يستمتع بحياته لأنه ذكر, يخرج متى شاء, يقود السيارة, لا يعمل في البيت, و لا يحترمني على الرغم من أنني أكبر منه بسنوات عدة, كما انني كنت أرى حب أبي الشديد له, لم يكن يُضرب مثلي بل كان يداريه بحجة انه مراهق, و للأسف نسي ما كان يفعله بي عندما كنتُ مراهقة. نمت في نفسي غيرة شديدة تجاهه حتى انني اصبحت أتمادى عليه. في يوم من الأيام عندما كنت في المطبخ أغسل الأواني, دخل علىّ أبي و عينياه تقدح شررا و في يده العقال, ضربني بشدة و هو يقول (إيش فيك على الولد؟), و دون أن أشعر بألم ذلك الضرب انطلقت تجاه أخي و أنا أضربه بشده, و أبي من ناحية أخرى يضربني و أنا لا أشعر من فرط الغضب و الشعور بالظلم. بكيت بحرقة, ظللت أسبوعا كاملا منعزلة في غرفة, كنت غاضبة و ناقمة على أسرتي,. قبل هذا الحدث تقدم الى خطبتي شاب. رفضت في بادىء الأمر خوفا من أن يكون سىء, لكن والدي كان متحمسا جدا له وكان يقول بأنه يتوسم فيه خيرا. لكن بعد حادثة الضرب رفضت ذلك العريس عناداً في أبي, المهم أعطى أبي ذلك العريس مهلة 4 أشهر, ظل خلالها يقنعني فيه, و في الأخير اقتنعت و تمت الخطبة.
بعد شهرين من الخطبة, زار العريس أبي و كان ذلك في أول أيام عيد الفطر, و عند نهاية الزيارة أعطى خطيبي أخي علبة حلاوة و كيس فيه هدية وقال له بأن يوصلها الي. عندما رأيت الهدية و كان في طياتها رسالة رائعة رومانسية شعرت بشعور غريب لم أعهده من قبل.
بعد شهرين تمت الملكة (كتب الكتاب) و استمرت سنة. تلك السنة أسميتها ب سنة الأحلام . لا أبالغ بأنها كانت السنة الوحيدة في حياتي التي شعرت فيها بذاتي و قيمتي كإنسانه, السنة الوحيدة التي شعرت فيها بالإهتمام, السنة الوحيدة التي خفق فيها قلبي بشدة تجاه انسان أتى و أقتحم حياتي بقوة...شعور رائع هو الحب...شعور رائع أن يكون هناك انسان يحبني, يفهمني, و يقدرني. لا أنسى تلك السنة ما حييت و مازلت أعيش ذكراها لحظة بلحظة... أغرقني فيها زوجي بالرسائل الحميمية, نعتني بالجميلة و الرشيقة و ذات الأنامل الناعمة, كان يضمني الى صدره, كنت اشعر بالأمان معه.
تزوجنا و كانت تلك الليلة من أجمل الليالي, مرت سبع سنوات على زواجنا رزقنا بطفل و انا الان حامل, تغيّر خلالها زوجي بشكل كبير, لم يعد يهتم بمشاعري, لا اذكر متى آخر كلمة قال فيها أحبك, لا اذكر أخر مرة ضمني فيها الى صدره, لا اذكر أخر مرة جلب لي فيها هدية, لا أذكر أبدا انه غازلني أو اشعرني بأنوثتي...حاولت أن أكسر الروتين... عملت ليالي رومانسية...ساعدته بمالي...ساعدته في دراسته...جلبت له الهدايا...لكنه صرح لي في يوم من الأيام أنه (لم يعد يكن تجاهي بأي عاطفة), اعتذر بعده و أنكر أنه لم يكن يعني ذلك الا انني أشعر انه بالفعل لم يعد يحبني...قد تكون عصبيتي و حساسيتي الشديدة هي السبب فقد قال لي يوما متهكماً انه يجب على ان أذهب الى طبيب نفسي...قد أكون فعلا بحاجة الى طبيب نفسي يازوجي الحبيب فقد رأيتُ في حياتي مالم ترهُ أنت.
في بعض الأحيان كنت أجد له العذر و أقول أنه يحبني لكنه ينسى مع مشاغل الحياة ان يجلب لي هدية الى ان أتى ذلك اليوم الذى اكتشفت فيه و على محض الصدفة انه اشترى هدية لعائلة بمناسبة المدام جابت طفل.انا انصدمت لأنني عندما رزقنا بمولود لم يفكر أن يجلب لي باقة ورد على الأقل...اذاً المشكلة ليست في مشاغل الحياة بل ان المشكلة تكمن في عاطفته تجاهي. أصبح زوجي بخيلا في مشاعره و في ماله حتى انني اصبحت أشعر بأنني لستُ امرأه...و أصبحت أتذكر تلك الأيام القاسية قبل زواجي و أتذكر كذلك سنة الأحلام بحزن شديد و دموع منهمرة. لا أريد أن اشعر مرة اخرى انني انسانه لا أستحق الحب أو الإهتمام. يازوجي انا اشعر بحرمان عاطفي فأشبعني. حاولت مرارا و تكرارا أن ألفت انتباهك لكن لا فائدة...أحتاج لحضنك و اهتمامك...أرجوك لا تتجاهل مشاعري...قد تكون عصبيتي سببا في جمود مشاعرك لكنني والله أحبك و اشتاق الى تلك العاطفة الجياشة التي غمرتني بها في (سنة الأحلام).
علاقتي بأسرتي الآن ممتازة و مازلت أحبهم لكن آلآم الماضي مازالت محفورة بقلبي. زوجي لا يعلم أبدا بقصتي فقد جعلتها مدفونة في قلبي و هذه أول مرة افضفض فيها أرجو أن اجد نصيحة أو مواساة تخفف علىّ وطأة الماضي و الحاضر.
__________________
أعشق الحب و الحنان