ضرب الزوجات مؤطر في الشريعة وغالب الأحاديث فيه ضعيفة
الشيخ د. سلمان بن فهد العودة يتناول القضية من أطرافها ويحذر من القسوة في التعامل والتي لا تؤثر على حياة الزوجين فحسب ولكنها قد تنعكس على النشء وعلى الجيل، كما كل الأمراض الاجتماعية.. ويقول: يستدل بعضهم خطأ بالآية الكريمة: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} (النساء34).
ويظن أنها تفويض بالضرب؟ وهذا..
أولاً: خاص بحال النشوز والعصيان وليس إذناً مطلقاً.
وثانياً: جزء من منظومة متكاملة في التعامل تحدد الحقوق والواجبات ولا يجوز تناولها بمفردها معزولة عن غيرها.
وثالثاً: هو آخر المطاف بعد فشل الوعظ والتذكير ثم فشل الهجر في المضجع أي: يهجرها في الفراش دون أن ينتقل إلى غرفة أخرى.
ورابعاً: فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضرب غير مبرح فهو حركة تعبر عن التأديب وليس الأذى أو العدوان وهو ضرب الحبيب الذي قالوا عنه أنه كأكل الزبيب.
وأما حديث: «لا يسأل الرجل فيم يضرب امرأته» الذي أخرجه أبو داود والنسائي في (الكبرى) وابن ماجه والبيهقي وأحمد عن عمر فهو حديث ضعيف لأجل عبدالرحمن المسلي قال عنه الذهبي: «لا يعرف إلا في هذا الحديث».
وعلى فرض صحته، فمعناه - والله أعلم - نهي الناس أن يسألوا الرجل عن السبب، لأن هذا من الفضول والتطفل على حياة الآخرين، ورواية المسند تدل على هذا.
وليس المقصود أنه لا يسأل يوم القيامة بل يسأل المرء عن كل شىء ولا يقصد ألا يسأله الحاكم بل الحاكم يلزمه شرعا النظر العادل في أي قضية شكوى ضد زوج اعتدى على امرأته بالضرب دون وجه حق وقد ورد في قصة جميلة بنت أبي مايدل على هذا.
وأما حديث: «ولا ترفع عصاك عنهم أدباً» فهو ضعيف، رواه البيهقي وفيه انقطاع بين مكحول وأم أيمن ورواه أحمد وفيه عبدالرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ، ورواه الطبراني في الكبير وفيه عمرو بن واقد القرشي وهو كذاب.
ومثله حديث: «علق السوط حيث يراه أهل البيت» رواه ابن عدي والطبراني والبخاري في الأدب المفرد وغيرهم، وهو ضعيف قال في المقاصد: في سنده من هو ضعيف وقال في أسنى المطالب: طرقه ضعيفة.
إن العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية على رغم مدونات حقوق المرأة وما يسمى لـ (اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة).
ويكفي أن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تعاني من مشكلات صحية خطيرة لها علاقة بتعرضها للضرب أو الاغتصاب أو أشكال أخرى من العنف، ومن آثار ذلك تورط المرأة في إدمان المخدرات أو التدخين أو الشيشة - على الأقل - فضلاً عن الأمراض النفسية، كالاكتئاب والتوتر وقد تصل إلى الانتحار أو محاولة الانتحار.
حدثني أحدهم أن جارتهم تأكل كل ليلة من زوجها السكير وجبة ساخنة من الضرب الموجع ويسمعون صراخها يقطع القلوب ثم تأتيهم في الصباح متجلدة وكأن شيئاً لم يكن حتى فقدوها مرة.. فوجدوه قد قتلها قتله الله.
لا إحصائيات رسمية في العالم العربي فهي معاناة صامتة في الغالب والمرأة أعجز من أن ترفع شكواها أو توصل صوتها إلى الجهات القضائية أو غيرها.
ويا للحزن الشديد.
كم من امرأة تعيش القهر المدمر في ظل زوج لا يرى لها حقاً ولا يقيم لها وزناً ولا خيار لها غيره.