الإجازة الزوجية
في علاقة الاتصال بين الرجل و المرأة هناك دائما حلقة مفقودة هي نفس الدائرة المغلقة ، الاثنان يصلان الى مرحلة لا يفهم أيا منهما الآخر . وعلى الرغم من أن المهتمون في علم الاتصال الانساني لم يتركوا اكتشافا يضيف الى خبرات الناس في هذا المجال الا أسرعوا بنشره ، والهدف وإن كان نبيلا إلا أنه مستحيل حدوثه وهو التفاهم بأعلى درجاته بين الجنسين . وكثير ما يكون الاختلاف بين الرجل و المرأة عامل جذب لكل منهما إلى الآخر ومؤشر نجاح للعلاقة بينهما ، في حين فشلت علاقات عديدة كان أصحابها يبدون اتفاقا في هواياتهم و تشابها في درجاتهم العلمية وحتى الأكل فهم متفقون .
إن للاختلاف لذة مشابهة للاتفاق ، فإذا صرخنا في واد وردت علينا أصواتنا لن نعجب ولكن العجب أن نسمع صوتا آخر كصدى لأصواتنا ، ذلك الصدى غير المتشابه معنا قد يكون هو الصوت الذي نحتاج الاستماع اليه . العلاقات بين الناس معقدة ، وبين الرجل و المرأة أكثر تعقيدا لأنهما شركاء متضادان في طبيعة تكوينهما الجسدي والعقلي والنفسي . ومن العبث أن نتوقع ذوبانا للجليد بينهما ، بشكل تام ، لأن لكل عالمه الذي يحبه و يدافع عنه ولا يرغب في استبداله . فالمرأة تجري الى قوقعتها إذا صدمت من الرجل عاطفيا أو شعرت برفضه وعدم مساندته والرجل ينسحب ويفضل عدم الاجابة إذا شعر بأنه خسران في هذا الحوار أو ان الامور لا تسير كما يشتهي . وعلى كل ففي الحياة متسع مكاني وزمني لينسحب أي من الجنسين وقتما شاء ليعيد ترتيب اولوياته لأن الاقتراب الشديد يولد الاحتكاك وهو أمر غير محبب ليكون بشكل دائم بل مطلوب كاستثناء .
لذلك يأخذ الأزواج أخيرا إجازات زوجية لشحن عواطفهم تجاه الطرف الآخر ، إن كان البعض لا يستفيد من ميزة الإجازة للشوق والنظر بأهمية وجود الشريك في حياته ، ولكن هي خطوة ليست من مجتمعنا ولكن يفعلها الكثير وهي عند البعض ناجحة ، وكل يحصل على النتيجة التي يأخذ بأسبابها . وإذا كان بعض الأزواج الناجحون يعرفون قيمة وأهمية المساحة التي يحتاجها كل منهما ليتنفس هواءه الخاص ، بالتأكيد هم لا يحتاجون أي إجازات ، لأنها فكرة قد تصلح لمن يعتقدون ان المؤسسة الزواجية ميدان للتنافس بين الشركاء و كلما زادت أصوات أحدهما وشعبيته قلت سلطة الآخر ومن ثم من السهل سحب البساط من تحته ومن ثم امتلاكه شخصيا . للراغبين في الزواج أقول ، أجمل ملكية ، أن نملك أنفسنا وهي هبة الله للعباد والرجل والمرأة متى ما شعرا أنهما ملكا لنفسيهما سهل عليهما العيش داخل الزواج لأننا فُطرنا على الحرية ولا نستطيع أن نحيا من دونها ولو فعلنا سيكون أمرا مؤقتا والبقاء لها في آخر المطاف.