مــوضـــوع كـتبته من شــهـرين ولـم اطــرحــه الا الـــيوم
.
.
.
.
السلام عليكم
احس بتصحر فكري فلم يعد لدي جديد اكتب حوله
كما احس ان لياقتي المعرفية صارت صفر
وهذا من صالحكم طبعاً لكي ترتاحوا من فلسفتي شوي
ولكن ماكو فكه ( على قول اخواننا الكويتين )
انا وراكم وراكم
احضرت لكم موضوع قديم
كتبته من شهرين تقريباً ولم اطرحه هنا لاني اراه بعيد عن نمط المنتدى
ونزلته اليوم في احد المنتديات السياسية فقلت احبابي هنا اولى
اعرف ان الكثيرين يهربون من ملل الدراسه او العمل الى النت
يريدون ان يقرءوا مواضيع خفيفه وقليلة الدسم
ولكن معرفتي بكم هي التي جعلتني اطمع بوقتكم لثمين فاعذروني
ندخل الى الموضوع
.
.
.
من مظاهر الخلل الثقافي التي نعاني منها في مجتمعاتنا مسائلة : الاحكام الجاهزة
فالكثير من الاشخاص يصدر حكمه على الاشياء من خلال ماسمعه البعض او من بعض القراءات السطحية
اذكر احد الزملاء كان ينتقد احد المفكرين ويسبه ويلعنه
قلت له : هل قرأت للرجل؟
قال : لا
قلت له : اقرا له ثم احكم
قال : انا فاضي اقرا له الله يلعنه الـ ........!!!!
والحقيقة انه لكي تفهم الامور جيداً لابد ان تعرف خلفياتها التاريخية و الثقافية والظروف التي أفرزتها
واذا عرفت ذلك تستطيع ان تكون صورة واضحه حول الموضوع
ومن ثم تستطيع ان تصدر حكم سليم ومنطقي
مبني على وعي ودراية
من اكثر الكلمات تداولاً في وسائل الاعلام حالياً كلمة "العلمانية – Secularism " بالاضافة الى شقيقاتها الحرية والمساوة و حقوق الانسان
والعلمانية موضوع حديثنا هي احد اهم المذاهب الفكرية الحديثة بل يصفها بعض الباحثين بانها دين جديد!!!
لذا ساحاول ان اعرض اسباب نشأتها التاريخية والظروف التي افرزتها ( بقدر ما استطيع من الحيادية)
قد يتساءل البعض : ولماذا نعود للتاريخ؟
ان فصل الامور عن مسبباتها وظروف نشاتها يُنتج لنا تصوراً مشوه عنها
هذا التصور سيؤثر على احكامنا ومواقفنا و رؤيتنا
قبل العرض التاريخي دعونا نعرفها:
التعريف المشهور والمتداول للعلمانية : انها فصل الدين عن الدولة.
والحقيقة ان هذا التعريف رغم شهرته الا انه جزئي للجانب السياسي فقط ولا يدل عليها بشكل دقيق.
وتعرفها دائرة المعارف البريطانية : بانها حركة اجتماعية تهدف الى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها.
كيف بدئت ؟؟ ومتى ؟؟ وماهي الظروف التي أفرزتها ؟؟
سأجيب على الأسئلة في ثنايا هذا العرض التاريخي ومن خلال نقطتين رئيسيتن لا تفهم العلمانيه الا بها :
1-العلمانية هي رد فعل او نتيجة لدين محرف وهي الديانة المسيحية.
فقد تسربت الكثير من المبادى الوثنية المعروفه لدى الامم السابقه الى المسيحية بسبب تأخر مرحلة تدوين الكتب المقدس واهمها عقيدة التثليث ( اثبتت ادراسات ان التثليث ليس من النصرانية بل من الفلسفة الاغريقية وهذا ما اكده " ليون جوتيه " في كتابه المدخل لدراسة الفلسفة الاسلامية ) وغيرها الكثير من المبادي.
فمن المعروف ان النصارى عذبوا وطوردوا بشده من الدولة الرومانية الوثنية المسيطرة على بلاد الشام في ذلك الوقت , الى ان اعتنق الامبراطور الروماني قسطنطين المسيحية عام 352 م ثم عقد المجمع المسكوني الاول في نيقية في نفس العام وجعل المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية.
وكنتيجة طبيعية لتاخر مرحلة التدوين ( اكثر من 300 سنة ) تسربت الكثير من المبادي الوثنية الى المسيحيه فاصبح كل قسيس بل و"مدعي" ايضاً يضيف مايراه " وما يريده " مناسب الى الانجيل!!
كما ان هناك فئه اخرى من القساوسة و الرهبان ادخلت بعض المبادي الوثنية للمسيحية لكي يقربوها الى العامة فيسارعون الى الانضمام اليهم وهذا ما تحقق
جاء في المقدمة الامريكية الحديثة للكتاب المقدس "نشرت عام 1952م واعدها مجموعة من كبار العلماء المختصين بدراسة الكتاب المقدس" ما يلي:
( ... لقد كتب الكتاب المقدس على مدى اربعة عشر قرناً.... )
( ....كل اجزاء الكتاب المقدس الثلاثة تعبر عن ثقافة البحر المتوسط القديمة.... )
(... معظم كتب الكتاب المقدس كانت في البداية لمؤلفين مجهولين أو منتحلين وكثير منها أُلف على مراحل متعددة.... )
هذه المبادي الوثنية الخاطئة اصلاً والمنافية لابسط اساسيات العقل كانت الثغرة التي اصيبت منها المسيحية فبعد انتشار العلوم في اوروبا نتيجة الاحتكاك بالحضارة الاسلامية وحركة اعادة بعث الحضارة الاغريقية بدا العلماء و الفلاسفة بالتشكيك في المسيحيه ومن خلال هذه المبادي الوثنية تحديداً مما جعل الكنيسة ( وكنت تمثل المصدر الوحيد للعلوم ) تضطهد المشككين و تعذبهم في محاكم التفتيش !!
ولكنها لم تستطع القضاء على هذا الفكر فهي لم تجب على الاسئلة التي طُرحت والشكوك التي اثيرت!!
بل اخذت الاسئلة و الشكوك في الازدياد والتنامي
مازاد الطن بله " كما نقول " ان الكنيسة واجهت في البداية النظريات العلمية الصحيحة (مثل نظرية دوران الارض حول الشمس لـ كوبرنيق 1543 م ) وحاربتها ثم ثبتت صحت هذه النظريات فـفـقدت الكنيسة مصداقيتها لدى المؤمنين بها هذا الامر جعلها لا تستطيع الصمود امام النظريات الخاطئة بل والساذجة جدا كنظرية النشوء والارتقاء لتشارلز داروين التي تقول :
الانسان كان في الاساس قرد و نتيجة للصراع من اجل البقاء تطور مع السنين الى انسان!!
وان الكون نشاء صدفه!!!
2-العلمانية ثورة على الاوضاع الاجتماعية الشاذه التي كانت سائدة في القارة الاوربية في الفترة التي كان يسميها المؤرخين الاوربيين عصور الظلام !!وهي بالمناسبه العصور الذهبية للحضارة الاسلامية
يكفي ان تتصفح أي كتاب في تاريخ اوروبا في القرون الوسطى لتعرف مدى الاضطهاد الذي كان يُمارس على عامة الناس في القارة العجوز.
او لتتصفح كتب الرحالة المسلمين الذين وصفوا مظاهر الحياة الاجتماعية في اوروبا في ذلك الوقت كاحمد ابن فضلان مثلاً .
فالنظام السائد في القارة هو النظام الطبقي
فطبقة الملوك وهم ينحدرون من عائلة واحده تقريباً على امتداد القارة كما انهم يتزوجون من بعضهم البعض تقريباً وهم اقل الطبقات عدداً واكثرها اهمية ورخاء طبعاً.
تليها طبقة النبلاء وهم اصحاب الثروات وكبار الاقطاعيين ويلحق بهم القساوسه ورجال الدين وهذه الطبقة اكثر عدداً من السابقه ولكنها قليلة العدد.
الطبقة الوسطى او البرجوازية وتنحصر في المدن وعددها ايضاً قليل وتتكون من التجار واصحاب الحرف ( وقد زاد عدد افراد هذه الطبقة بعد الثورة الصناعية حيث كان ينظر لها بانها صمام الامان للمجتمع ).
الطبقة الاكثر عدداً والاقل اهمية طبقة عبيد الارض وتتكون الفلاحين ولم تكن لهم أي قيمة او حقوق فهم في خدمة الاقطاعي مالك الارض التي يعيشون عليها فاذا باع هذه الارض انتقلوا الى خدمة المالك الجديد!!!
قد يتساءل البعض : ما دخل هذه الاوضاع الاجتماعية في انتشار العلمانية؟
يتضح ذلك من خلال مجموعة من النقاط:
• كان الملوك والامراء يستمدون شرعيتهم التي تثبت حكمهم لدى العامة من خلال مباركة رجال الدين .
• في ظل الاوضاع المزرية للعامة من انتشار الجهل و الفقر و المرض كان لكل كنيسة املاك واسعة " مزارع , قصور, اموال " .
•كانت الكنيسة تفرض على الناس الضرائب مما يزيد ثروة الكنيسة ورجالها ويضاعف المسئوليات على العامة.
•كان رجال الدين في المرصاد امام أي حركة للتغير يقوم بها احد الامراء او العامة بل وحتى امام رجال الدين فدئماً هناك التهديد بالطرد من رحمة الرب وصكوك تحريم الجنة كما فُعل مثلاً مع رجل الدين المسيحي ومؤسس المذهب البروتستانتي "مارتن لوثر".
•كانت الكنيسة تجبر العامه في العمل دون مقابل " سُخره " في ما تحتاجه كبناء بيعه جديده او حرث ارض ..... الخ فتمتص دمائهم باسم الرب.
هذه الاوضاع الاجتماعية اوجدت لدى الناس كره عميق لرجال الدين وهذا ما يُُفسر لنا سر الاستيلاء على املاك الكنائس مباشرة وتحجيم او الغاء دور الكنيسة من الحياة العامة في الدول الاوروبية بعد الثورة الفرنسية 1789م.
كما يُفسر لنا الاحتقار الشديد الذي يكنه العامة والمثقفين الغربيين لرجل الدين حتى اصبح رجل الدين في الكثير من الروايات الغربيه رمزاً للجهل والجشع.
بل لم يقتصر الامر على كره رجال الدين بل تمادى الى كره الاديان عامه فقد حدث ربط بوعي احيانا وبدون وعي احيانا كثيرة في ذاكرة الشعوب الاوربية " العقل الجمعي كما يُقال " بين الدين وتخلف العصور المظلمة
فاصبح الدين = تخلف
و المتدين = رجعي
فلم القت اوروبا الدين المحرف "واكرر المحرف" جانباً
وثارت على الاوضاع الاجتماعية الشاذه التي ساهم في تكريسها رجال الدين
خرجت من شرنقتها التاريخية وبدئت تتطور مادياً وتغزو العالم وتسوده في وقت تراجعت فيه الحضارات الاخرى لاسباب كثيرة ليس هنا مجال عرضها فظن اولئك ان هذه السيادة بسبب التحرر من الدين " العلمانية "
الخلاصة :
قرآننا تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
ولم يعاني المسلمين من في تاريخهم من تمايز طبقي
وهذا اثار اعجاب الكثير من المستشرقين فكيف استطاعت كل هذه الشعوب ( العرب , الفرس , الاكراد , الاتراك , الافارقة , البربر ........) ان تعيش في مجتمع واحد وبنفس المستوىوالحقوق والواجبات !!!
الغريب ان بعض الدول الغربية تلعب على هذا الوترحالياً للتفرقة بين المسلمين
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
كما ان الاسلام منهج واسلوب حياة شامل
لذا استطيع ان اجزم بل وابصم بالعشرة اننا ( المجتمعات الاسلامية ) لسنا بحاجة للعلمانية
آسف جداً على الاطالة
جزء الله خير من نشر الموضوع في اي منتدى آخر
لا تحرمونا من سماع ارائكم
__________________
سبحانك لا آله الا انت استغفرك واتوب اليك