ترك التغافل ، دود ينخر ليهدم البناء !
كثيرٌ من الأشياء لا نرى أثرها من الوَهلة الأولى ، وِلذلك فنحن نُكرِّر فِعلها دون أن نأبَه به .. ثم بعد زمن طويل .. يَفجَأُنا أثرُها السيء الذي رَاكمته الأيام الطويلة ، ونتسائل عن سببه ، غير أنا لم نكن نعلم أنَّه : ِنتاجُ قَطراتٍ متتابعة من الأشياء التي كُنا نمر بها مُعرِضين !!
التَّغافل : شرطٌ أساسي لاستمرار ونجاح كافَّة العلاقات الانسانية ، وكُلما كانت العلاقة أقرب وأشد تعلُّقاً كانت الحاجة إليه ضرورية بقدر قوتها ، ومعناه العام : تجاهل وقوع غير المرغوب الأدنى طلباً للوصل إلى المرغوب الأعلى ، أو تقديم حق العلاقة واستمرارها على حق النفس .. إلى غير ذلك
إن ملاحظة الأخطاء ، والوقوف عندها ، واللوم عليها ، هو عَثرة تقف في طريق استمرار العلاقة .. لأن الطبائع مختلفة ولن تجد عند الطرف الآخرِ صورةً منك .. بل سترى منه ما لا ترغب .. وهذه الأشياء التي لا ترغبها هي من الكثرة بمكان .. بحيث أن وقوفك على كل واحدة منها كافٍ في جعل العلاقة كسيحةً لا تستطيع الحركة ، وما هو إلا الزمن وحده - الذي تتراكم فيه هذه الأشياء - يقف دون تهاويها !
ليس التغافلُ ضعفٌ ومهَانة ! بل هو حكمةٌ وبُعدُ نظر ، وترتيب للمصالح والمفاسد ، وفي ترك التغافل تظهر الحماقة ويتجلَّى ضعف النظر .. فغير المتغافل ربما أحدث شِجاراً مع زوجته ينال من عمرهما سنةً كامله ، بل ربما نَكَّد عليهما كُلَّ حياتهما ! وسببه كلمة عابرة لم يرض بها ، أو تقصير حدث في إعداد الأكل ، أو ما بدى له منها عدم اهتمام ربما كان مرده مزاجها الوقتي العابر الذي تمر به !
البيوت .. أبنية تُقام على أعمدة الود ، وترك التغافل هو الدود الذي ينخَر جذورها على المدى الطويل ، والقلوب إذا تراكم فيها البغض صعب أن يُنزح منها ، واستمرار الحياة الجميلة الهانئة لا يكون بتقديم حظ النفس ، وتسليط أنانيتها على حظ الاسرة وقيامِها !
كتبه : ابن الحجار
__________________
غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتها
فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ
التعديل الأخير تم بواسطة ابن الحجاز22 ; 02-04-2016 الساعة 02:45 PM