يــاأختـــي يا سمــين الغـــالية
مع احتــرامـــي لــك وتمنيــاتي لك بالخـــير إلا أني أراك شبة قنووووطة من رحمة الله
يا عزيزتي يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يستجاب لأحدكم مالم يستعجل يقول دعوت فلم يستجب لي)
اسمعــي يا الغــالية دعوة نبينا مــوسى عليه الــسلام وكيف أن الله استجـتاب له مباشرة
"وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليُضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدُد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يَروا العذاب الأليم (88) قال
قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون (89)"
قرأتي (قال الله , قد اجيبت دعوتكما)
تــرين أنه ما تحققت الإجــابة إلا بعــد أربــعيــتن ســنة
وكذلك دعوة نوح على قومه حيث بقوا لمدة تتجاوز الأربعين سنة قبل أن يحل بهم العذاب "وقال نوح ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا (26) إنك إن تذرهم يُضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا (27) "
فتــحلي يا أختي الكريمة بالصبر
وأحســني الظن بربك السميع المجيب
قال تعالى
(ادعــوني أستجب لكم) مبــاشرة لكـــن حققـــي شروط اجابة الدعاء
استــجــابة الدعاء متوقفة على أمور أسياسية -
- وهي:
1 ـ الشرط الرباني: ويقصد به عدم مخالفة الدعاء للحكمة الإلهية أو معاكسة قضاء المشيئة الربانية التي قدرت سير العالم، ورتبت تتابع الاسباب والنتائج والمصالح فيه .
فالرغبة الإنسانية ليست هي التي تقرر سير الحوادث، أو تحدث ما تشاء بعيدة عن تقديرات الحكمة والتوجيه الإلهي، فلكي يكون الدعاء مؤهلاً للاجابة يجب أن لا يخرج على حدود المصلحة المقدرة في علم الله سبحانه .
2 ـ الشرط الذاتي: ويقصد به الكيفية الروحية والنفسية التي يتوجه بها الإنسان إلى الله سبحانه، من صدق التوجه، والاخلاص في الدعاء، والثقة بالله، واستشعار الحاجة والفقر إليه، واشتداد الضيق والاضطراب، وارتفاع موانع الذنوب والمعاصي التي تحول بين الإنسان وربه . . .الخ .
ففي هذه الحالة تكون الذات الإنسانية على درجة من العلاقة والارتباط بالله سبحانه، تؤهلها لتكون طرفاً في رفع الدعاء، والتعامل مع فيوضات الرحمة الربانية، واستقبالها بدرجة تجعل من الداعي مستحقاً للاجابة، متوفراً في شرط
القبول والقرب من الله سبحانه .
قال الله تعالى:
(وإذا سألَكَ عِبادي عَنّي فإنّي قَريبٌ اُجيبُ دَعوةَ الدَّاع إذا دَعانِ فَليَستجيبوا لي وليؤمنوا بي لَعلَّهُم يَرشُدون) .(البقرة/ 186)
3 ـ الشرط الموضوعي: ويقصد بالشرط الموضوعي: تعامل الإنسان مع الاسباب والوسائل الطبيعية التي جعلها الله سبحانه سبباً في تنظيم الحوادث وسير الامور . وبعبارة أخرى: ان على الإنسان واجباً ومسؤولية، عليه أن يؤديها اذا ما أراد انجاز شيء، ودعا الله سبحانه للاعانة على ذلك فقد جعل الله بحكمته علاقة بين الاشياء وأسبابها، ويأتي دور العون الإلهي في هذه الحالة متمثلاً بتوفيق الله الإنسان لاصابة الاسباب الملائمة، وتأهيلها لاعطاء النتائج المرجوَّة .
فالمريض الذي يدعو الله سبحانه بالشفاء، لا يحق له أن يترك مسؤولية العلاج ويكتفي بالدعاء، والذي يهدده الظالم، لا يجوز له أن يخنع ويستكين لارادة الظالم، ثم يدعو الله لكشف الضرّ عنه .
(وَإذا سَألك عِبادي عَنّي فانّي قريبٌ أجيبُ دَعوةَ الدَّاعِ إذا دَعانِ فَليَستَجِيبُوا لي وَليُؤمِنوا بي لَعَلَّهم يَرشُدون) .(البقرة/ 186)
فمنطوق الآية ومفهومها صريح بأنّ إجابة الدعوة مرتبطة بالاستجابة لله والايمان به .
والاستجابة لله، تعني الالتزام بشريعته، وتنفيذ مقرّرات المنهاج الإلهي «الدين» الذي هو مجموعة القوانين والاحكام الإلهية التي تسيّر الوجود الإنساني، وتنظّم مساره وأحداثه .
وختام الآية
لعلّهم يرشدون)، يكشف لنا بوضوح تام أنّ العون الإلهي هو ترشيد الإنسان وهدايته إلى أسباب نجاح دعوته، وإعانته على إنجازها، وبذا نعرف أنّ العون الإلهي يجبر العجز الإنساني، عندما يعجز الإنسان عن تحقيق ما يصبو إليه، عندما تتوفر الشروط اللازمة للاجابة .
ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا ونحن نتحدّث عن هذه الشروط الأساسية الثلاثة التي تتوقف عليها استجابة الدعاء، أن نؤكّد أن مشيئة الله سبحانه هي النّافذة، وإرادته هي الغالبة، وليس للاسباب والقوانين الطبيعية دور الحتمية إذا شاء الله سبحانه الاستجابة، وقضى بتنفيذ الامر:
(إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شَيئاً أن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) .(يس/ 82)
وانّ الله يجيب دعوة الدّاعي إذا دعاه:
( . . أمَّنْ يُجِيبُ المضْطَرَّ إذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوء . . .) .(النمل/ 62)
ومن المفيد هنا ونحن نتحدّث عن موضوع استجابة الدعاء أن نذكر أن الدعوة إذا استوفت الشروط الذاتية والموضوعية، وحالت المصلحة والحكمة دون تعجيل الاجابة، فانّ هذا الدعاء يدخر لصاحبه، كما ورد في الروايات ويخفف عنه بلاء لم يكن ليعلمه هو، ولم يفكر بالدعاء للخلاص منه، أو يعوّض الداعي عن عدم إجابة دعوته بالثواب والمغفرة .