أكثر من عشرين عاما في الإصلاح الاجتماعي والتوفيق بين الأزواج
أكثر من عشرين عاما في الإصلاح الاجتماعي والتوفيق بين الأزواج، مما أكسبه خبرة طويلة في هذا المجال وأتاح له
الفرصة في المشاركة عبر عدد من الوسائل الإعلامية لنقل تجربته وإسداء النصح والإرشاد الأسري.
في هذا الحوار يتحدث الشيخ المحرج عن العلاقات الزوجية، وعدم فهم الكثير من الناس لطبيعتها رغم إقدامهم عليها
فكل الناس يتزوجون ولكن أكثرهم يجهل حقيقة هذه العلاقة مما يجعل الخلافات الصغيرة تعصف بعش الزوجية.
* ما هي أكثر المشكلات التي تواجه الزوجين في مسيرة حياتهما؟
ـ المشكلات الأسرية كثيرة ومتنوعة والأهم من مناقشة هذه المشكلات مناقشة أسبابها، ومن أهم الأسباب جهل الزوجين
بطبيعة العلاقة بينهما، فقد يفهم الزوج أن دور الزوجة هو خدمته في البيت وقد تفهم الزوجة أن الزواج هو إقامة حفلة
يتحدث عنها الناس ويجهلان حقيقة طبيعة هذه العلاقة، وبالتالي لا يتوقعان حصول الخلافات، وكيفية امتصاص غضب كل
منهما، وكيفية تعامل كل منهما مع أهل الطرف الآخر وربما يهتمان بشهر العسل ـ وأنا ضد هذه التسمية، لأن الحياة
الزوجية كلها عسل وليس شهرا واحدا في أولها ـ ويغفلان الجانب الأهم وهو عمق طبيعة العلاقة الزوجية.
والعلاقة الزوجية هي آية من آيات الله وهي مودة ورحمة فلو رحم كل من الزوجين الطرف الآخر من أن يضعه في موقف
محرج أمام الناس لكفى ذلك في حل المشكلات.
السبب الثاني هو التدخلات الخارجية من أي طرف وهو خطأ كبير فبتدخل الآخرين تكبر المشكلة وربما تؤدي إلى
مضاعفات أكبر، واقتصار المشكلة على الزوجين يسهل من عملية حلها ويجب على الزوجين ألا يسمحا ولا يسمعا لتدخل
الآخرين.
* ما مقومات الحياة الزوجية السعيدة في نظرك؟
ـ في الحقيقة أنا سعيد بإلزام من أراد الزواج بإجراء الفحص الطبي وجعله شرطا لكتابة العقد وهذا القرار يعالج
المشكلات الصحية، وأتمنى أن يضاف شرط آخر وهو إلزام من أراد الزواج بحضور دورة عن العلاقات الزوجية تنظمها
الجهات المختصة مثل وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة التربية والتعليم أو وزارة العدل ويشارك فيها تربويون وعلماء
اجتماع، وينبغي أن تتضمن الدورة كيفية تعامل الزوجين مع بعضهما ومع أهلهما وبيان الواجبات والحقوق لكل منهما
وكيفية التعامل في الأزمات المالية، وأن يفهم الزوجان أن الحياة الزوجية لا تخلو من مكدرات ومنغصات، ويفهم الزوج
أن الزوجة تمر بتغيرات فيسيولوجية مع الحمل وغيره، لكي يستطيع تفهم وضع الزوجة النفسي فيراعي هذا الجانب
عندها.
* ما ذكرته يكون قبل الزواج، فكيف يعيش الزوجان في سعادة دائمة؟
ـ سأصور لك الإجابة بهذا المنظر: يعيش كل من الزوجين في مركب مستقل، وعند الزواج يلتقي المركبان فيمسك كل من
الزوجين بيد الآخر بقوة ويتشبثان ببعضهما ثم تأتي الأمواج فتهز المركبين ويبدأ تماسكهما بالتفكك قليلا قليلا ويبدأ
كل واحد منهما يبتعد عن الآخر دون أن يشعر والناس يرونهما متماسكين ولا يعلمان عن الحاصل بينهما وعندما تأتي
موجة كبيرة فإنها ـ حتما ـ ستفصل المركبين عن بعضهما.
والحل أن يقفز أحد الزوجين في مركب الآخر، ويكونان معا وفي هذه الحال سيصمدان معا مهما توالت الأمواج على
مركبهما.
* ما البرامج العملية التي يجب على الزوجين عملها لتستمر حياتهما بسعادة؟
ـ قد يعتقد البعض أن السفر وخروج الزوجين للمتنزهات والمطاعم هو الحل لتجديد الحياة الزوجية، وهذا لا شك يساعد
على تجديدها لكنه ليس كافيا، والأهم من ذلك هو توقف كل من الزوجين ومحاسبة نفسه فيغلق الزوج الباب على نفسه،
ويبدأ بكتابة أخطائه في حق زوجته وتسجيل المواقف التي تصرف فيها بطريقة غير صحيحة ولا يكتفي بمجرد التفكير
في الموضوع والزوجة تعمل مثل ذلك ثم يسجلان ما ينويان القيام به حيال تصحيح هذه الأخطاء وضمان عدم تكرارها
وبهذه الطريقة يكون الزوجان في مركب واحد.
* تنتشر الآن مراكز الإصلاح الاجتماعي وأرقام المصلحين الاجتماعيين، هل ترى أن عدد المراكز كافٍ؟ وهل تتم الثقة
بكل من قدم نفسه على أنه مصلح اجتماعي؟
ـ أنصح القراء بألا يتصلوا بكل رقم يعلن عنه على أنه مصلح اجتماعي، وفي هذا البلد الكريم تبنت الجهات الرسمية
المراكز التي تتبنى مشاكلنا، فهناك قسم خاص للإرشاد الأسري في وزارة الشؤون الاجتماعية، وتوجد مراكز معروفة
وتوجد هيئة كبار العلماء التي يمكن الرجوع إليها في المشكلات التي تحتاج إلى
رأي فقهي.
ومن المهم أن يكون المستشار شخصا مستقرا ومعروفا بعقله ورزانته ولا يلجأ الزوج أو الزوجة لأي رقم يتداول بين
الناس أو يعلن عنه حتى يتأكدان منه، وقد علمت أن هناك من يقدم الاستشارات الأسرية وهو لم يتجاوز الثلاثين من عمره
وبعضهم يقدم استشارات زوجية وهو غير متزوج.
وأملنا في الجهات الرسمية كبير أن تتفاعل أكثر وتقدم برامج في هذا المجال وقد أعجبتني كثيرا الندوة التي نظمته
وزارة الشؤون الاجتماعية عن الإرشاد الأسري وأتمنى أن تتكرر وسررت بإنشاء مكاتب الصلح في المحاكم.