السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هاهي الأيام تمضي .. والأسابيع تطوف .. والشهور تطوى.
وها أنا قد وصلت منتصف رحلتي مع الحمل (الأسبوع الثامن عشر) .. ولله الحمد.
بالأمس كان موعدي في المستشفى .. وقد أجريت الأشعة فوق الصوتية للإطمئنان على سير الحمل ووضع الجنين.
استلقيت على السرير ... لا حول ولا قوة إلا بالله السرير يابس جداً .. شعرت بألم شديد في ظهري بسبب النوم على ظهري ... ورغم ذلك لم أتحرك حركة واحدة حتى لا أفسد الفحص.
الدكتورة جزاها الله خيراً فحصتني بمنتهى الذمة والضمير وطول البال ـ وكأنها تشعر بي ـ فظلت تفحص الجنين أكثر من عشرين دقيقة للتأكد من أن كل شيء على ما يرام.
رأيت الرأس .. والعينين .. واليدين .. والساقين .. والعمود الفقري ..... والقلب ... وآه من القلب .. لا تدرون مدى أهمية رؤية القلب النابض بالنسبة لي .. رأيته صغيراً ينبض نبضات سريعة .. تبارك الرحمن.
رغم ذلك سألتها: كل شيء على ما يرام؟؟؟؟
قالت: نعم كل شيء عال العال .. حتى المشيمة وضعها ممتاز.
الحمدلله.. الحمدلله .. الحمدلله.
نظرت لي وسألت: هل تريدين معرفة جنس الجنين؟
قلت: طبعاً.
قالت: ماذا تتمنين؟
قلت: بنت.
قالت: وزوجكِ؟
قلت: أيضاً يتمنى بنت.
سكتت قليلاً واستمرت في الفحص .. ثم نظرت لي وقالت:
بنت.
يا الله .. بنت؟؟؟؟؟
كدت أطير فرحاً .... فالبنت هي إحدى الأماني الغالية التي دعوت الله حتى يرزقني إياها .. ورغم أنني كنت أخجل من الله سابقاً من مثل هذا التحديد عند الدعاء .. ولكن الفاضلة أم جمانة نصحتني بأن أدعو الله بما أتمنى ... وقد فعلت.
اللهم لك الحمد والشكر.
أخواتي وإخواني.
حقيقةً لا أصدق أنني وصلت لهذه المرحلة من الحمل .... وطوال الأسابيع والشهور القليلة الماضية وأنا أدعو الله من كل قلبي أن يتمم حملي على خير .. وألا يفجعني فيه .. وأن يقر عيني برؤية وليدتي سالمة معافاة من غير سوء.
ولكن القلق يعتصرني!!!
أنظر لزوجي الحبيب .. حقيقةً هو نعم الزوج .. أحسن إلىّ عندما فقدتُ حملَي الآخيرَين .. أظهر صبراً عظيماً وإيماناً قوياً .. أخفى حزنه وخيبة أمله .. ولم أسمع منه سوى: الحمدلله .. فأمر المؤمن كله خير.
كان يراني أبكي بعد كل إجهاض .. فيخفف عني ويواسني ويضمني إلى صدره بحنان بالغ .. ويقول لي: إذا لم يكن الان فبعد حين .. وعندما يحين وقته فلن يؤخره الله.
والآن .. أرى الفرحة والشوق يقفزان من عينيه كلما وقعتا على بطني .. وأشعر بيده الدافئة تتحسسه وكلماته الحانية تخاطب البنوتة التي طالما كابر حتى لا يعترف أنه يموت شوقاً لرؤيتها وضمها بين يديه.
هو الذي كان يجادلني عندما كنت حاملاً في سلطان .. وكان لا يرى داعياً للزيارات الدورية .. وأنها مضيعة للوقت .. وأنني وسواسية ودلوعة لأنني كنت أصر على الاطمئنان على النونو .. وكان يمل ويتوتر بسبب طول الانتظار في المستشفى .. أصبح الآن يتابع مواعيد المستشفى .. ويسألني عن الموعد التالي .. ويبقى هادئاً مطمئناً مهما طالت فترة انتظارنا في المستشفى .. ويا سلام على النصائح: (لا تنامين على ظهركِ) .. (لا داعي لتنظيف الغرفة) .. (لا تصعدي السلم كثير) .. (اتركي سلطان لجدته أو إحدى عماته حتى لا تتعبك شقاوته وحركته الكثيرة) .. (هل انتهى الدواء المثبت أم لا؟) .. (هل تلتزمين بالفيتامينات التي وصفتها الطبيبة؟).
بل إنه ـ ودون أن أطلب منه ـ رتب مواعيد عمله وإجازاته منذ الشهر الماضي بحيث يكون موجوداً معي وقت الولادة ولمدة شهر كامل .. رغم أنه لم يكن يؤمن أو يدرك مدى أهمية هذا الأمر كثيراً في حملي الأول.
أنظر لسلطان الغالي .. هو يدرك أن بطني يحمل نونو صغيرة .. وقد حدثته كثيراً عن الأمر منذ بداية الحمل وحتى الآن .. وأخبرته بما سيحدث وببعض التفاصيل الصغيرة التي سنمارسها ونفعلها معاً أنا وهو والنونو .. وقد تحمس كثيراً للفكرة .. ويحرص على رؤية كل صورة جديدة أحصل عليها بعد فحص الأشعة فوق الصوتية .. وكلما قلت له أنني ساذهب للمستشفى يعتقد فديته أنني سأذهب لإحضار النونو
وقد حدث أن سألته منذ عدة أسابيع: أنا في بطني ولد والا بنت؟؟
قال: بنت
سبحان الله .. صدق حدسك البرئ يا سلطان.
هو يتلهف على أن يكون لديه نونو صغير كما يرى لدى الآخرين .. ومنذ الآن يتشرط (النونو تجلس في العربانة وأنا أدز العربانة) .. يعني يدفعها
.. كما أنه يخبرني بأنه هو الذي سينظفها ويضع لها الحفاظ ويلبسها ملابسها
أنظر لهذين الغاليين .. وأرى كل هذا الفرح والسعادة والحماس .. فيوجعني قلبي .. ويزداد قلقي من أن يحدث ما يفسد تلك المشاعر الجميلة.
حقيقةً أنا أعيش هذا القلق منذ بداية حملي.
وقد تقولون عني مجنونة عندما أقول لكم أنني أخاف أن أدخل الحمام ـ أعزكم الله ـ حتى لا أفاجأ بشيء يقتل تلك الفرحة التي نعيشها جميعاً
بل إنني خفت من وضع شريط الحمل هنا في المنتدى مخافة أن يحدث أمر يضطرني لإلغائه قبل اكتمال الحمل .. كما حدث في حملي السابق!!!!
أعوذ بالله من وسوسة الشيطان .. أعوذ بالله من وسوسة الشيطان .. أعوذ بالله من وسوسة الشيطان.
اللهم إنك أنت الكريم الرحيم .. اللهم إنك خير الرازقين وأعظم المنعمين .. رزقتني رزقاً عظيماً .. وأنعمت علي بنعمة كبيرة .. فلا تحرمني من مزيد كرمكِ ورحمتكِ .. وتمم أمري على خير .. وأقر عيني وأعين أحبائي برؤية من يشتاقون لها ويتلهفون عليها.
اللهم احفظها من كل سوء .. ومتعها بالصحة والعافية والسلامة.
ومنكم المعذرة.