قِــصّـــةُ ظَــمـــأْ
بيتان غرقا في نعمة الله [blink]و ما رعياها حق رعايتها [/blink]، ابن البيت الأول تزوج بابنة البيت الآخر ،
الزوج ابن عمها وهي ابنة عمه ، وأسوار بيوت الأهل و بيت الزوجية قريبة متقابلة ،
كلهم في حي واحد.
أتخيل سارة بعد أسابيع من الأيام الحلوة مع زوجها تقول : أي سعادة أنا فيها ،
لك الحمد يا رب لك الحمد ، زوج خلوق و بيت فسيح و خدم و حشم ، لك الحمد يا رب.
هاهي سارة آتية تلبس فستانا فيه من كل الألوان، زينها فوق زينتها التي
خلقها الله فيها، مبتسمة، فزاد جمالها سحرا، وخطواتها إلي أمها و أم حبيبها
تقترب حاملة معها صحنا فيه القهوة و بعض المكسرات.
أمها قالت : الله يزيدكم هنا يا بنتي .
ردت سارة : شكرا لك يا خالتي أم خالد، ربيت أحلى و أطيب و لد في الدنيا .
أم خالد : الله لا يغير عليكم يا بنتي و يصلحكم .
سارة بعد 15 سنة من الزواج .
خارجة من بيت أهلها إلى عملها فهي معلمة، و سائق المعلمات ينتظر عند الباب ،
كانت نافذة السيارة الجانبية في السيارة مفتوحة ، يوم أن ظهرت سارة من بيتها
و ركبت السيارة، سمع الآخرون من زميلاتها طفلا ينادي و يقول : [blink]يمه ، يمه ، يمه .[/blink]
حتى أغلقت سارة الباب و مضى السائق بهن جميعا إلى المدرسة .
زميلة سارة سألتها عن الصوت المنادي ، قالت لها : يا سارة
ليست أول مرة أسمع طفلا يقول [blink] (يمه يمه يمه )[/blink]
كلما أتينا نأخذك من البيت ، صوت من ذاك ؟
أشغلت سارة نفسها عن سؤال زميلتها و أدارت إليها ظهرها
كي لا تقع عينيها الملآ بالموع في عينيها .
ألحت هند في السؤال واقتربت من سارة و نظرت في عينيها و سألتها مرة أخرى بصوت
خافت و هي تمسك بيدها ساعد سارة : من الذي كان يناديك كل صباح ؟
فقالت لها : أولئك هم أبنائي، من نوافذ غرفهم في بيت أبيهم
ينادونني كلما رأوني خارجة من عند أهلي يريدونني أن أرد عليهم و لا أقدر ،
لي أسبوعين ما رأيتهم يا هند و أخذت تجهش بالبكاء ، وأردفت
قائلة بصوت مخنوق : حتى ابني صالح لم يكمل 7 أشهر معهم أيضا .
احتضنتها هند و هي تبكي بكاءا شديدا و هدأت من روعها.
لكن يا سارة لم هم هناك ؟ و لم لا يمكن أن تريهم ؟
أنا ممنوعة من رؤيتهم يا هند، لا أستطيع أن أراهم ، وهم لا يستطيعون أن يأتوا إلي .
يا هند ، أكثر من أشتاق إليه صالح ، قالتها سارة وهي تجهش بالبكاء.
الأطفال في بيت أبيهم .
منهم من يدرس ، عبدالله و فيصل و صفوان .
و ابنتان لا تدرسان ، أمل و جمانة .
والطفل الرضيع، صالح .
الدارسون أخفقوا كثيرا في دراستهم ، عبدالله مراهق في سن الرابعة عشرة،
شارد الذهن مهموم ، يحمل هم إخوته الصغار و يراقبهم و يقضي لهم حوائجهم.
أما فيصل ففي الثانية عشرة ، مشغول بهوايته المفضلة الماهر فيها، كرة القدم ،
يحلم بأن يصبح لاعبا في فريق الهلال.
أما صفوان ففي التاسعة من عمره، هو صاحب الصوت الذي سألت عنه هند ،
كان كل يوم بعد صلاة الفجر يبقى مستيقظا عند نافذة غرفته المطلة
على سور بيت أهل أمه ينتظر والدته حتى يراها و تراه، يأتي بكرسي المذاكرة
و يقربه من النافذة و يصعد عليه و يمسك بأعواد النافذة المصنوعة من الألومنيوم كما
يمسك السجين قضبان الحديد و ينظر من وراءه هل يرى أحدا من أهله أتى زائرا له اليوم .
ينتظر أمه حتى تخرج فيناديها حتى تنظر إليه لكنها لا تستطيع
و قد ظهرت بكاملها خارج الباب و تستعد لصعود السيارة .
[blink]قصة أولئك الأطفال قصة ليست من الخيال .[/blink]
يتبع إن شاء الله
__________________
اللــهُمّ توفـّنـي مُسْـلـمـاً وَألـْحِـقنـي بـِالـصَّـالِـحـيـْن
التعديل الأخير تم بواسطة ولـيـد ; 28-05-2007 الساعة 05:15 PM