أدركوني... أطلقها أم لا ... قصة طويلة!!
(مشكلتي سأحكيها باللغة العربية الفصحى على اعتبار أن القراء متنوعو الجنسيات)
متزوج منذ أربعة أشهر، عمري 31 وزوجتي عمرها 20 ، وسيم إلى حد ما، وظيفتي ممتازة ، لم أتزوج عن قصة حب، لأننا كمجتمع خليجي محافظ نرفض العلاقات خارج إطار الزواج، ولذا وَكَلْتُ أمر اختيار زوجة المستقبل لعمتي التي أثق بعقلها ودقتها في الملاحظة، وألغيتُ أنا عقلي واختياري ومواصفاتي التي أريدها ظنا مني أن مقاييس الجمال لا تختلف من شخص لآخر، فظننت أن عمتي إذا أعجبتها امرأة فستعجبني أنا بالضرورة !!
وعلى أن عمتي كانت مخلصة في بحثها لي عن الزوجة المناسبة جمالاً بالدرجة الأولى وسلوكا بالدرجة الثانية، إلا أنني كنتُ أطلب من عمتي أن تبحث لي عن فتاة جامعية أتساوى أنا وهي في المستوى الثقافي، لأنني جامعي وأحب الثقافة بشكل عام، ويبدو أن عمتي لم يعجبها رأيي فقالت لي: مالك وللجامعية التي قد تكون ثقيلة دم ولا تعرف الذرابة والإتيكيت وهي مع ذلك سوف لن يقل عمرها عن 23 سنة ، لماذا لا تتزوج فتاة صغيرة بعمر 18 سنة ( تربيها على يدك أحسن لك )
الحقيقة أن كلام عمتي هذا أعجبني فتخيلت الفتاة الصغيرة كالعجينة التي أشكلها كما أشاء ، وأخذ الخيال يداعبني وكيف أنني سوف أُشكّل عجينة فتاتي كي تكون مثقفة حواريةً مزّاحة خفيفة ظل مستشارةً صديقةً عشيقة ، تكمل دراستها الجامعية ثم العليا وتصبح أستاذة في الجامعة... و يا لله فقد كنتُ أحلم حلم الأطفال ، ومرت الأيام وعثرت لي عمتي على فتاة أحلامها هي وليست أنا ، فالفتاة جميلة بحسب وصفها ، كما أنها بشوشة وهادئة إلى حد ما ، واستوقفتني كلمة ( هادئة ) فسألتُ عمتي : أهي انطوائية قليلة كلام؟ لأن هذا الصنف من النساء لا يعجبني فأنا اجتماعي حواري متحدث ، فقالت: يبدو لي أنها اجتماعية لأني أراها تتحدث في المناسبات مع رفيقاتها...
توكلتُ على الله وتقدمت لخطبتها من أبيها ، سأل عني ثم اتصل بي ليخبرني بموعد الرؤية الشرعية، ذهبتُ أحمل آمالا كبيرة بزوجة المستقبل التي ستضيف لي سعادة فوق سعادتي، فأنا لم أتزوج هربا من حياة تعيسة، بل كنتُ سعيدا بعزوبيتي وتوقعتُ أن يزيدني الزواج سعادة ، المقصود أنني انتظرتُ الفتاة التي ستدخل علي وكنتُ أتوقعها جميلة بشكل ملفت فبان لي أن جمالها عادي لكنها ممسوحة بالجمال، وفرق بين الجميلة والممسوحة بالجمال، رأيتها وخرجتُ ( والحب يحفر قلبي... وهاتف يهتف بي حذار يا مسكين ) ، خرجت من المجلس وأنا أصارع شعورين : شعور الأمل بتحقيق السعادة معها ، وشعور خفي بأنها لا تناسبني، وكنتُ أقول لنفسي: دع عنك وساوس الشيطان، ولم أفطن إلى أن من حقي أن أُقَلّبَ وجوه النظر، وأقرر عن قناعة، لكنني للأسف وتحت تزيين عمتي وأمي لحال الفتاة قررت عن غير قناعة أن أتزوجها، والسبب في أنني غير مقتنع بها أنها فتاة تحمل شهادة الثانوية وأنا جامعي وأدرس دراسات عليا ، كما أن مواصفاتها الجمالية لم ترق إلى طموحي فهي متوسطة الجمال، على أن هذا السبب الأخير يمكن التجاوز عنه إذا كان للفتاة جمال روحي وسلوكي تسد به نقص الشكل الخارجي.
اتصلت بأبيها وطلبت منه تحديد موعد لخطبتها، وتمت الخطبة ثم عقد القران، وأذكر أن والدها قال لي: إن ابنتي لا تحسن الطبخ نهائيا، فاستغربتُ في قرارة نفسي من طريقة تربية الوالدين لفتياتهم القريبات من سن الزواج، فليس هنالك تأهيل لهن، ورضيت بهذه الخصلة منها على أن أعودها تدريجيا على الطبخ المهم أن تحمل مواصفات معنوية حسنة مثل: حسن التعامل، وأن تكون اجتماعية ، وتحسن التصرف، ولديها ذكاء اجتماعي ووو...
وجاءت فترة ما بعد الملكة ، وانتهزت فرصة عيد الفطر لأزورها لأول مرة وأقدم لها هدية ( جوال) كي أحادثها وأكسر الحاجز بيني وبينها، زرتها ورأيتها ورضيت عن قناعة بشكلها فهي (مزيونة إلى حد ما) ، لكنني صُدمتُ حين طلبتُ منها أن تكمل دراستها الجامعية ، فأنا أحب الثقافة والعلم وأعشق زوجتي أكثر إذا رأيتها منهومة بالدراسة لأن أثر ذلك سيعود إيجابيا على علاقتي بها وعلاقتها بأولادي مستقبلا، فكان ردها صاعقا بكرهها للدراسة والكتاب، وتذكرت عبارة أمها حين قالت لعمتي قبل أن أخطبها أنها كانت تنجح في الاختبارات بصعوبة، وبلعتُ ردها بصعوبة أنا أيضا، وقلت لنفسي : لعل الفتاة تتصف بصفات تُنسيني كرهها للثقافة والعلم فلربما هي بخفة ظل وعفة لسان وعاطفة جياشة تجعلني أسعد زوج في الدنيا..ولكنني كنت أحلم حلم الأطفال !
المهم أنني طلبت منها مهاتفتي في نفس اليوم الذي زرتها فيه، وأذكر أنها اتصلت وكانت في غاية الحياء والخجل فلم تتكلم وأنا الذي تكلمت ، ومضت أيام ثم كلمتها وكنتُ أنا المتحدث وهي المنصتة فقط، وكنت أحدث نفسي بأن الوضع طبيعي فالفتيات في هذه المرحلة لا يتكلمن كثيرا ، ثم مر شهر ونصف وأنا المتحدث فقط، وهي المنصتة فحاولتُ أن أطلق لسانها ببعض الأسئلة المفتوحة، مثل: كيف كانت دراستك؟ وش تحبين؟ وش تكرهين؟ .... ، ففشلت في بسط لسانها ، وحدّثت نفسي أنه ربما بعد الزواج سينكسر الحاجز، وصرت أكلمها في الأسبوع مرة إلى أن أتى موعد الزواج فتزوجنا، وفي ليلة الدخلة اكتشفت شيئا عجيبا ما كان في العقل ولا المنطق أن يُوجد في هكذا ليلة !! إنه الجهاز اللعين المسمى بـ(بلاك بيري) !! وعجبتُ أنها كانت تستمع لي وأنا أتكلم إليها ثم تستغل لحظات الصمت بمخالسة البلاك بيري ومراسلة أخواتها وقريباتها، فلم أشأ أن أوبخها من أول ليلة حتى لا تتشاءم بالزواج، مرت أيام وأنا الذي أتحدث ، وهي تكتفي بالإنصات فقط، وفشلت كل محاولاتي بإنطاقها ، فهي لا تتكلم إلا إذا سألتها وترد علي بإجابة مختصرة وبصوت خفيض جدا ، حتى إنني أطلب منها في كثير من الأحيان رفع صوتها وإلى الآن أفعل ذلك...
ومرت ثلاثة أسابيع ولم أطق منها هذا السكوت المطبق، فصارحتها بذلك وسألتها لماذا أنتي ساكتة لا تتحدثين ، وعليك مسحة من الكآبة تغلف وجهك، فقالت: (إنها تشعر بحياة زوجية جديدة تفرض عليها هذا التغير)، حاولتُ أن أعرف منها عيوبي وماذا أنا مقصر فيه ، فمدحتني وأخبرتني بأنني لم أقصر في حقها أبدا وأنها سوف تتغير مع الأيام وينطلق لسانها بـــ( السوالف) ، مضت الأيام والحال هو الحال والصمت هو الصمت ، والكلام هو من طرف واحد.. أنا فقط من يتكلم ، سردتُ لها تاريخ حياتي ، أضحكتها بسوالفي ، طفتُ بها عوالم الثقافة بلغة مبسطة ، حاولتُ أن أشاركها في همومها النسائية في الحديث لعلها أن تنطق فلم أفلح في ذلك كله ، حتى نبهتها على ذلك بعد شهر ونصف من الزواج وأخبرتها بأن ذلك سيؤثر سلبا على حياتنا الزوجية، وتشاغلت عنها بالخروج من المنزل إلى الأصدقاء أمكث معهم بالساعات، وأذهب بها إلى بيت أهلها كي تكسر الروتين ، لعل هذا يعطيني وإياها دفعة للاشتياق ومحادثة بعضنا بما دار في غيبتنا عن بعض ، ثم نلتقي فأخبرها ماذا صنعتُ مع أصدقائي وأين ذهبتُ بأسلوب دعابي فتضحك وتبتسم ، ثم تُطبق عليها سحابة من الصمت (صمت القبور) ولا تحكي لي عن ما دار في بيت أهلها ومن أتاهم وماذا حدث ، ثم أُصاب بالإحباط ولطالما أصبت به معها ،ثم طفح الكيل مرة أخرى فهجرتها في الفراش ذات ليلة مغضبا، فجاءتني وتوسلت إليّ أن أنام معها وأنها سوف تتفاعل معي في الحديث وتزيل سحابة الكآبة الجاثمة على وجهها، والعجيب في أمرها أنها حين تتحدث في الهاتف إلى والدتها وأخواتها تتكلم كثيرا ولا تسكت، حتى إن الشيطان وسوس لي بأنها لا تحبني وتحب شخصا آخر فصارحتها بذلك لكنها حلفت لي بأنها تحبني ومتمسكة بي ، فأُسقط في يدي ، وياليتها أخبرتني بعدم حبها لي لكي أطلقها وأرتاح وترتاح هي، لكنها أعلنت حبها لي فــــوجدتُ نفسي بين نداء العقل ونداء القلب ( سألتُ عقلي فأصغى وقال لن تراها ..وقال قلبي أراها ولن أحب سواها) وتمسكت بها ، حاولت أن أبتعد عن النقد المباشر في موضوع سكوتها، وأسلك معها سبيل التشجيع على الحديث بشكل غير مباشر، وذلك بأن أجمعها مع أمي في جلسة ونتجاذب أطراف الحديث هناك ، فأسقط في يدي أيضا حين سمعتها تتحدث إلى أمي بإفاضة لكنها حين أجلس معهم بمجرد أن تراني تلتزم السكوت ولا تتحدث ، حتى إنني ألمح في عيني أمي عجبها من هذا الصنيع.
ثم جاء يوم حدث فيه بيننا مشادة كلامية، فأخبرتها بأن حياتنا الزوجية لا بد أن تنتهي وخصوصا أنها طلبت مني أن لا أنتقدها على شيء ولا أحاورها في أخطائها وأخطائي ، فانفجرتُ غاضبا وقلت لها: أتريديننا أن نتحول إلى صنمين لا سوالف ؟! ولا حديث حتى في المشاكل نظل صامتين؟! ... لابد أن ننفصل فأنا لا أطيق البيت الصامت الممل ، وكان ردة فعلها أنها توسلت إلي بالعدول عن الفكرة وأنها سوف تغير سلوكها إلى الأفضل ولاحظتُ عليها بعد هذا الموقف أنها بدأت تتكلم لكنني أشعر بأنها مغصوبة على ذلك، ثم مرت الأيام ورجعت حليمة لعادتها...
ووقر في نفسي أنها تعاني اضطرابا نفسيا واستبعدتُ فكرة (العين) ( السحر) التي يعلق عليها أغلب الناس جميع مصائبهم، ثم قررت : ( الطـــــــــــــــــلاق ) .. نعم الطلاق.. فيستحيل أن تستمر حياتنا على هذا النحو، أربعة أشهر وأنا لا أعرف عنها إلا القليل ، أتيتُ إليها بجميع الطرق حاولتُ أن أشاطرها همومها وهواياتها وهي أكبر همها ( البلاك بيري) الذي لا يفارقها ليل نهار ، كثيرا ما أحاول أن أستنطقها فتحبطني بالجواب المختصر وترمي ببصرها إلى البلاك بيري ، لا تخبرني بأحوال أهلها إلا قليلا، لا تبادرني أبدا بالحديث بل أنا المبادر ، لا تحمل روحا فكاهية أبدا ونادرا ما تضحك على مشهد كوميدي في التلفاز، ليست عاطفية،غير طموحة، لاتحب القراءة، كسولة تنام كثيرا ، وتطبخ لي من غير نفس، على أنها والحق يقال ماتعة فيما يتعلق بالجنس!! لكن هذا لا يكفي ، فأنا أكره أن أعيش لطينة الجسد فقط.
كل هذه الصفات أنا عكسها ، أنا اجتماعي ، نشيط ، تفاعلي، قارئ ، طموح، عاطفي .. وقد يكون عندي عيوب لكن زوجتي لا تتحدث لي أبدا ، فقد طلبتُ منها عيوبي ومثالبي فرفضت الحديث كعادتها واكتفت بأنني لم أقصر معها في شيء!!!
الآن... هي تحت ذمتي ، وأنا وهي نعيش على الحال التي وصفتُ ، ولا زلتُ أجاهد نفسي بالحديث معها بكل ذرابة وخفة دم وإتكيت، وهي تكتفي بالسكوت أو الإجابات المختصرة، لكنني أحس بالاختناق يتزايد يوما بعد يوم، ومنذ الأسبوع الثالث من الزواج وإلى الآن -الشهر الرابع- وأنا أفكر يوميا بالطلاق، يوميا أفكر فيه ، ولا أدري ماذا أصنع؟ لا أحس معها بالاستقرار الزوجي، لا يوجد توافق بيني وبينها، لكنني أخشى الندم على تطليقها، وخصوصا أن خاطرها سينكسر وربما ستصيبها صدمة حين أفاجأها بالطلاق، وأنا عاطفي لا أتحمل رؤيتها كذلك ، لكنني إن ظللت معها فسوف أجني على سعادتي، فصمتها يقتلني كل يوم، ويستحيل أن أتحمل القتل اليومي.
أفيدوني أرشدوني، فأنا الآن أفكر أن أضعها عند أهلها وأرسل ورقة الطلاق إليهم، وأغيب عن مجتمعي عدة أسابيع حتى يندمل جرحي، ثم أبحث عن فتاة أحلامي التي أخشى أن تكون في ( قصر مرصود من يدخل حجرتها من يطلب يدها مفقود مفقود مفقود)
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالصبور خالد ; 05-05-2011 الساعة 05:29 PM
السبب: أخطاء كتابية