الــسـلام عليــكم ورحمـة الله وبركاتـه..

تـزوجـتـها بـعـد وقـت قـصيـر من خـطبـة أمـي لها .. ولم أرها إلا بصورة سـريعـة وخاطفة قـبل عـقـد نكاحي بها بأيـام قـليـلة ، ثم دخـلــت بها بعـد عـقـد النكاح بأيام أخـرى أقــل .

وبعـد دخـولـي بـها ومـعـاشـرتـي لها لأيــام وأسابـيـع قـلـيـلة .. أصابـتـنـي حالـة مـن الإكـتـئـاب وعدم الرضا عـن هـذه الزوجة .. حـيـث اكـتـشـفـت أنهـا لـيـسـت بـذاك الجمـال الذي كنـت أحلـم بـه وأتـمنـاه في شريـكة حيـاتـي .. وأصـبـحـت ألـوم نـفسـي كثيـرًا وأتـحـسـر لأني تـسرعـت في الـزواج مـنـها دون أن أدقـق كـثـيـرًا في مـفـاتـيـح ورمـوز الجمـال الفـتـان لديـها .

هي لـم تـكـن قـبـيـحـة .. بـل مـتـوسـطـة الجمال أو ربـمـا أكـثر .. وقـد يـراها غـيـري جميـلة .. لـكنـي كنـت أرغـب بـمـا هـو أكثـر مـن مفهـوم الجمـال العادي .. أريـد جـمالا صارخـًا مـبـهـرًا يـكاد أن يـكـون ناطـقــًًا بالـحـسـن والـفـتـنـة و الجاذبـيــة .

فكـرت بالزواج الـثـاني .. لكني تراجـعـت عـن الفكـرة لأن الزوجة الثانية الجـميـلة لـن ترضى أن يكـون لهـا شـريكـة .
ومـن الأسـاس .. لـن استـطيــع أن أفـتــح بـيـتـيـن واجمــع بـيـن ضرتـيـن ..

ولـذلـك لـم يـكـن لـدي من خيـار سوى الإنفصال وإنـهاء هـذا الجـدال ..
ولكن .. كيـف انـفـصـل عن زوجـتي الحالية وهي لم تـقـصـر معـي بأي حال من الأحوال ؟!

بحـثـت عـن تـقـصـيـر منـهـا بـوزن قـشـة أو بحجـم ثــقـب إبـرة فـلـم أرى ولـم أجـد .. بل وجـدت منها تـفـانـي وإخـلاص لـم أرى مثـلـه مـن قبـل عـنـد أحــد !

وفي النهاية .. لـم أجـد من حـل سـوى أن أعـطي الشـفـقـة والرحمة فـي قـلبـي إجـازة ..لأنهـي وجـود هـذه الجارة .. وأنـال الجمال الـذي طال علي انـتـظـاره .

اتـخـذت قـراري الذي سيـعـيـد رسـم مـسار حياتـي .. ورفـعـت صوتي وأنا عليـها أنـادي .. وجـاءت مـسرعـة ووقـفـت أمامي وهـي تـنـاظـر و تـنـتـظر مـا يـبـوح بـه لسـاني .

كانـت تـطـالـعـني وهـي تـبـتـسـم ابتسامـتـها المعهـودة .. وقالت بلهجـة رقيقـة حنـونـة : اطلـب مـا تـشاء مـنـي يا حبـيـبـي .

ظـلـت تـنـتـظـر بـلهـفـة وشـوق أن أتـفـوه بما ظنـتـه أحـد طلباتي وكـأنـها تـريد أن تحـتـضـن طلبـي كما تـحـتـضـن الأم ولـيـدها الرضيع ثـم تـرضـعـه حتى يـتـغـذى مـن حنـانـهـا ويـشبـع .

أصـابـنـي بعض الارتباك وأنا أرى محـاولـتـهـا المسـتـميـتـة في إسـعادي ونـيـل رضائـي .. وخـشيـت أن يـسـتـيـقـظ قلبـي النائم من سباتـه ، لكني استـجـمـعـت كـل قـواي العـصبـيـة لأصـعـقـهـا بـقـرار غيـر قـابـل للـدراسة أو الرجـعـة يـقـضي بـطلاقها وإنهـاء حياتـي الزوجية معها .

ذهـلـت .. تـجـمـدت في مكانهـا دون حراك .. وظـلـت تـنـاظـرنـي بـدهـشـة وأنـا أنـظـر إليها وأقـول بـكـل بـرود : لا تـقـلـقي .. حـقـوقـك الماديـة لـدي محـفـوظـة غـيـر مـنـقـوصـة .

نـظـرت إلي بـنظـرة أليمـة كـسـيـرة والـدمـوع تـسيـل من عـيـنيـها غـزيـرة وقالت :
- هل قـصـرت بحـقـك في شيء حتى تعـاقـبـنـي بالـطلاق وبـيـدك أتـجـرع كأس الفـراق .

قـلت لها : لـم تـقـصـري .. لكنك لم تعجـبـيـني .. لم تسـتـسـيغـك عيني .. ولـم يـتـذوق شكلـك قلبي .. لذلك ليس لـكِ أي مكان في حياتي .. اخـرجي للأبـد مـن مـعـقـلي ومـقـر مـضجـعـي .

قـالـت والـعـبـرة تحـرق وجـنـتـيـهـا و تخـنـق الحـروف من بـيـن شفـتـيـها :
- رغـم أنـك ظـلمـتـنـي ودعـوة المظلوم بـإذن الله مجابـة .. لكـن سأحـفـظ ودك ولـو أني مـا لـبـثــت عـنـدك غيـر ساعـة .

تـجـاهـلت كلامها ونـوحهـا وطـلـبـت منها سـرعـة الـذهاب والمغـادرة .. وغـادرت بالفعـل سريعــًا مـن البـيــت والحـي والحــارة .

وعـنـدما تـخلـصـت من بـقـايـا وجودهـا في حياتـي بـدأت رحـلة البـحـث عـن طمـوحاتي الجماليـة في شريـكة حياتي الآتيــة .

هـذه المـرة سأدقـق كثيـرًا بالنظـرة .. المـرة تــلـو المـرة .. حتى لـو أراهـا بـدل المـرة عشــرة ..
وبـعـد بحـث دقيـق وتحـري شـديـد وجـدت مـن كنت بها أهـيـم و أحلـم .

وصـفـوهـا لي وقـالـوا : هـي مـن تـشـتـهي وتـتـمنـى .. جمــال ..خـيـال .. لا يـزول ولا يـبلـى .
قلت لهم : لـن أصـدق حتى أرى .. وعـندمـا رأيـتـهـا لـم أصـدق أنـي أرى مـا أرى .

جمالها أبـلغ من أي كلام يقــال.. ولا يـصـف بـعـضـه ألـف مقـال .
هي البـدر حيـن اكتـمـل .. هي فـتـيـل الحسـن حيـن اشتعـل .. هي نجـم الفـتـنـة حيـن بـزغ ولا أفـل .. هي ملاك مـكرّم مـن السماء نـزل .

هـذا الجمال ما كان ظـاهـر منهـا وبـائـن .. وهناك ما تـخفيــه في جـوف قلبهـا الباطــن .

سـال لعـابـي ولهـثـت أجـري وراهـا اطلب ودّهـا ورضاها ..
لكنها قالـت وهي تـزهـو بـنـفـسها وتـفـخــر : لـن تـنـال جمـالـي إلا بـمهـر عالـي ذو أرقام فـلكيـة .. وغيـره مؤخـر ذا أرقـام خياليـة .

قـلت لها : وهـل جمـالـك يا سـيـدة الـزمـن يـقـدر بـثـمـن .. مـالـي وعمـري لأجلك مـرتهـن .

وتـزوجـتـها بعـد أن دفـعـت لهـا دم قلبـي وتـعـب عمري .. وعشـت الأيام الأولى وكـأني بـحلم طائـر بعالم آخـر ..
ولكن .. وآه مـن كلمـة لكن .. أظهـرت هذه الإنسانة ما كانت تـخـفيـه ولـم يكـن لدي مـن قبـلُ ظاهـر .

ماذا أقـول عنهـا ومـاذا أتـكلم .. اكـتـشـفـت أنها متجبـرة .. متـكبـرة .. مـتحجـرة المشاعـر .. خاويـة الـروح والـقـلـب والإحـساس .. لـدغـات لسانها الفتاكـة تـبـيـد جـمـعــًا من النـاس .

هي تـرى أن وجـودهـا عنـدي فضـل من لديـهــا ومنــة .. وعلي الخضـوع لها والطاعـة والمذلـة .

أمـا مـطـلبـي وحـقـي الشرعي بالتمــتـع بجمالها فهـو مطلب عندها أمـرّ وأشنــع .. ولا أحصل عليه إلا عـندمـا الأوراق النـقديـة من الجيـب تطلـع .. أدفــع أو تـتـمـنــع .. وكـأن جمالها عـيـن مؤجـرة للضريـبـة تـخـضـع .. أو جـزيـة بالقـوة الجبـريـة تـدفـع .. وهـي للمال تجـوع ولا تـشبـع !

كيف أقـارن هـذه الأفعـى بـمـن كانـت فـي يـوم زوجتـي ...
زوجتـي السابقـة كانت قـنـوعـة .. هادئـة .. مسالمـة .. لـزوجها طائـعـة .. لقـلبه ناظـرة .. لفـرجـه حافظـة .. ومـن طـرف لسانها دررُ طـائـرة .

مـاذا أفـعـل بمـصيـبـة الكـل بهـا أصبــح الآن عالـم ..
كيف الخلاص من إنسانـة تحـول جمالها مـن خيال وردي حالم إلى كابـوس أسـود قاتـم ..
لو جـئـت بأقسـى الرجال ما استطاع أن يـحكمها أو لبـطشهـا يــقاوم ..
فـكـيـف أكـون لهـذه المخلـوقة العـنـيـفة قـائـدٌ و حاكــم ..
وكـيـف أقـضــي مـعـهـا مـن العـمــر مـا هــو قـادم ..
أصـبـحـت كسيـرًا ذليلا وعلى حريــتـي مـنـها صـرت أسـاوم ..
ولا أقـول وأنـا نـحـو طـريـق النـدامة و الحـسـرة عــازم ..
ارجعـي يا مـن كـان لـكِ فـي كل عـوالـم الجمـال مـعـالــم ..
ارجعـي يا مــن كـنـتِ زوجتي إنـي على فراقــك نـادم ..
إنـي على فراقــــك نــــادم ..

***************************************

هـذه القـصة البسيـطة قـمـت بـصـياغـتـها لـكم بغـرض عـرض تصـور خيالي لظاهـرة معـلومـة لديـكم وأصبـحـت نوعـا مـا منـتـشـرة وهـي عـدم اقـتـنـاع بعـض الرجـال بجمـال زوجاتـهـم وهـم يـرون أن اختيارهـم للـزوجـة لـم يـكن مـوفـقــًًا، وأصبحـوا يفـكرون بالـزواج الثاني أو الطـلاق رغـم ما تـمـتـلكه زوجاتـهم مـن صفات جمالية خـلـقـيـة وأخـلاقيـة مـحمـودة وعـدم تـقـصيـرهـن في حـقـوق أزواجهـن .

فـيـا أيـها الرجـل .. معـالم الجمـال في زوجـتـك كـثـيـرة .. ظـاهـرة أو بـاطـنـه .. حـاول أن تـبـحـث عنهـا وتـسـتـكـشـفها فـيـهـا قبـل أن تـبـحـث عـن مـعـالـم جمـاليـة أخـرى عـنـد امـرأة أخرى قـد تـكـون أقـل مـمـا تــمـلـكـه زوجـتـك مـنـهـا .

تحـيـتـي لـكم ..