دقّ مسماراً في رأسه .. : والله ما وراك مـرة ؟
أعرفه .. هو موظف .. يقوم من نومه بعد التصفيرة متأخراً .. يخرج من بيته مستعجلاً ..
يريد أن يُدرك المكتب قبل رفع بيان الحضور .. يسابق الريح .. عين على الساعة وعين على الطريق ..
حتى إذا وصل بعد سباب المارة وشتمهم ممن اعترض طريقه ..
وزّع غضبه قبل سلامه .. وفرّغ حممه على كل من سار أمامه ..
جلس على مكتبه .. طلب القهوة .. ثمّ طلب الإفطار .. وهذا ديدنه يومياً ..
يوماً تجرأ صاحبه فقال : ليش ما تتقهوى في البيت .. ليش ما تفطر في البيت .. ليش أنت دايم التأخير .. ليش نفسيتك متوترة .. والله ما وراك مـرة ؟
وأنا أظنّ أنا هذا الصنف من الناس ليس قليلاً .. وللأسف ...
لكن حتى نكون منصفين قد يتحمّل الزوج ربع أسباب هذا ( التشرد الزوجي ) ..
فقد يكون غير منظّم .. وتعجبه الفوضى الخلاقة ..
أو هو لا يُحسن إدارة المنزل .. وربّما لا يملك إمضاء القرار .. أولا يرغب في اتخاذه ..
أو قد يكون لديه أسباباً أخرى .. لكن النتيجة أنّه يتحمّل ربع المشكلة ..
بينما تتحمل الزوجة ثلاثة أرباع التبعة ـ إلا أن يكون لديها عذرٌ شرعي مانع ـ وليس له علاج ـ :
فبعض الزوجات ثقيلة .. يعجبها النوم .. ولا تقدّر تبعاته ..
أو غير مبالية .. وأبو العيال إصرّف نفسه ..
أو هي كارهة .. فتكره خدمته .. وتتعذّر بالتعب ..
أو قد تكون غافلة .. ولم تجد من ينبّهها ..
أو تكون رثّةٌ وخَلِقَه .. فهي لا تحسن أمرها فكيف تحسن أمر زوجها ..
وربّما تكون موظفة .. فهي منشغلة بنفسها .. وزوجها يدبّر عمره ..
هنا لا نتكلّم عن الحقوق .. بل نشير إلى مستنهضات السعادة .. التي يشتكي البعض من عدم توفّرها ..
ونحن في الأصل .. مقلّون في استغلال الفرص في تحصيلها ..
فهذا البكور الصباحي فرصة لتقديم خصوصية من الزوجة لزوجها .. في لوحة برستيجية جميلة ..
فلو أن هذه الزوجة الغافلة .. استنهضت همتها .. وصبرت قليلاً على ما يزعجها بترك نومها ..
فقامت مشمرة .. وهيأت قهوتها وتمرها .. وجهّزت فطورها فأحسنت إعداده ..
ثمّ أيقضت زوجها باكراً .. ليتنعّم بفضل الله ثمّ بما أعدّت ..
أظنّها ستجد متعة في نفسها .. ورضاً من زوجها .. ونافذة إلى السعادة ..
وأظن أن ذلك سينعكس على نفسية زوجها وشخصيته أمام الآخرين ..
فإن لم تجد هذا أو بعضه .. فلتصبر وتحاول .. فستجد في مستقبل أيامها حسناً ...
__________________
الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة....