مرض يصيب كل واحد من خمسة آلاف طفل،يتميز بأمرين في غاية الغرابة والتناقض وله قاعدة بيولوجية في الدماغ. حيث ينشطر الشخص بين المحيطالاجتماعي والعبقرية الفردية. ففي الوقت الذي يتكلم الطفل عشر لغات ويتعلم الفيزياءالذرية في دار الحضانة يصف الدكتور (اسبرجر) الذي سُمِّي المرض باسمه وكان من أبرزشخصياته الفيلسوف (فيتجن شتاين)النمساوي أنه كان يحاضر لساعات طويلةفي جامعة كمبريدج بصوت مثل تغريد البلابل دون كلل ولكن وجهه كما وصف كان قناعاًبارداً لا يعرف التعبيرات وتفاعلاته في برودة الثلج فلا وجود لحرارة العواطف كماكانت صحبته موحشة قاسية غير متحملة. وقام علم النفس بدراسة تفصيلية عن هذا الحاجزالرقيق بين العبقرية والجنون وكتب فيلسوف الحداثة (ميشيل فوكو) كتاباً هاما عنالجنون( MADNESS) فوضع مدخلاً جديداً لتعريف الجنون.ويروي لنا المفكر العراقي (علي الوردي) في تعريفه للجنون أنه ليس فقط الانفكاك عنالواقع بل التصريح بذلك ومن هنا وصف الأنبياء بأن ما جاؤوا به شيء عجاب. وهذا الأمريرجعنا إلى مشكلة العباقرة في مرض (اسبرجر) الذي نتحدث عنه فقد وجد أطباء الأطفالأن من يغرق في نفسه ويتكور على عالمه الخاص ويكون خجولا ومنسحباً من المجتمع ليسبالضرورة أن يكون إنسانا فاشلا في المستقبل ونماذج مثل أديسون واسحق نيوتن وآينشتانهم نماذج صارخة لهؤلاء العباقرة. فكل منهم كان مخيبا لأهله في الدراسة ولكنآينشتاين صاغ نظرية النسبية وحلّل نيوتن الضوء ووضع قانون الجاذبية أما أديسون فوصفأنه كان يخترع اختراعا صغيرا كل عشرة أيام واختراعا كبيرا كل ستة أشهر ولعل أهم شيءفعله في تاريخ البشرية هو أنه أضاء العالم عندما دعا لتجربة أول مصباح كهربي أمامثمانية آلاف ضيف في أول أيام عام 1879م.