.. رُفعتِ الجلسه .. ( مشارك بالمسابقه ) ..
بداية لا بد من تسليط الضوء على شريحة تضم ضحايا من الأطفال الذين عانوا , ونشأوا تحت براثن الطلاق وتبعاته وما لذلك من تأثير على مستقبلهم, لذلك إرتأيت أن أجسد شخصية إفتراضية هي نموذج لمعاناة طفلة تحمل في ذاكرتها أسوأ الذكريات لطفولة ضائعة ,, وحيث أن المعاناة قد تولد الإبداع فقد اجتهدت حتى وصلت لشهادة رفيعة المستوى في القانون باحثة في الأحوال الشخصيه .
لذلك أرجو المعذره على الإسهاب وذلك للضرورة .
طالق ,,,
يالها من كلمات , يرن صداها في أذني ويجثم وقعها في ذاكرتي الغضة التي لم تتجاوز أعوامها الأولى ,, شدتني تلك الكلمات من خلال تعابير وجه أبي الساخط الغاضب حين تفوه بها , أدركت بأنها تدل على شعور بالإنزعاج هذا ما سمحت لي به طفولتي وحصر إهتمامي بالألعاب وعالم الألوان والبراءة, كان ذلك عالمي ,, لا أذكر إلا أصوات صاخبه ملئت أيامي في ظل أب متجهم وأم شاكية باكيه ,, وقعت تلك الكلمات وقع السهام على أمي التي لم أعد أراها ,, كنت أناديها وأنطق باسمها حيث لم أكن أتقن النطق السليم بعد ,, ناديتها كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادي .
بدأت أكبر في كنف أب أقل ما يوصف به بأنه مزواج أو إن صح التعبير مِطلاق إن شمل قاموسنا هذا المسمى !!! حيث رباني مع أخوين لي كل منهما ضحية زواج وطلاق ,, فنحن ثلاثة غير أشقاء كل منهما يحمل للآخر الكثير من الضغائن والأحقاد , فكم تعرضت لألوان العنف منهما وحتى لو فكر أحدهما باللعب معي فيختار ألعابا تخلو من البراءة ومعاني الطفوله ,, كل منهما لديه من العقد النفسية ما يكفي ,, حيث يستمتع أبي بحرمان أبناءه من أمهاتهم ففاقد الشيء لا يعطيه ,, ولا يأل جهدا في إفهامهم بأن أمهاتهم لسن على خلق قويم ,, مم يثير حنقهم أكثر على النساء عامة, وكذلك ليثبت للجميع بأنه قادر على تحمل أعباء الحياة دون زوجه, كيف لا وهو منبع للعقد النفسية فقد عاش تحت وطأة زوجة أبيه في طفولته .. ولاقى ما لاقاه من جورها , مم تسبب بصب كرهه على النساء قاطبة ,, وقد كنت وهذان الأخوان ضحايا لماضيه الأليم الذي أبى إلا أن يعيده , وها هو إذ ذاك قد تزوج للمرة الخامسة ,, وسمعت حينها بأن هناك ضحية جديدة تقبع في أحشاء زوجته . !!
كنت أتعجب لقرع الأبواب ,, وتخفي والدي في المنزل,وتهديدنا بالضرب المبرح كعادته إن تفوه أحدنا بكلمة ,, فنصم ساكتين خوفا ورهبة, كل ذلك هروبا من مواجهة مندوبي المحاكم وتسلم أي أوراق جلب وإحضار للمثول أمام القاضي فقد حاولت أمي جاهدة إستصدار حكم بضمي وحضانتي ,,,إلا أن والدي كان يماطل في ذلك خشية إلزامه بالإنفاق على كلتينا,, مضت سنوات وهذه هي أحوال القضايا ,, إلتحقت خلالها بمدرستي والتي سجلت الإيجابية الوحيده لوالدي في تربيتي بالإنتساب لها ,, كنت أبحث عن أمي في عيون الأمهات في اللقاءات التربويه , ولكني كنت وحيدة حينها ,,,
وليثبت أبي بأنه غير مؤهل ماديا لأي نفقه قام بنقلي من مدرستي التي كنت أحب, إلى مدرسة نائية أقل ما توصف به أنها إصلاحية أحداث نظرا لما تضم من نماذج ,, فكم عانيت من سوء المعاملة ومن سوء مواصفاتها فقد كان الحريلهبني صيفا ,, ويعييني البرد الشديد شتاء .
كنت كبش الفداء الذي قدمه أبي للمحكمة كما قدم أخَوي سابقاَ .
أهل الخير أخبروني مرة, بأن أمي كانت من خيرة النساء ولكن أبي ظلمها وأخبروني بأنها كانت ترضعني حينما اشتد أبي يوما عليها بقسوته وطردها من البيت ومنعي من مرافقتها فاضطر لاتباع كافة أساليب الفطام وكنت أصرخ أطلب الرضاعه فحرمت منها وفطمت قهرا وقسرا أي ظلم هذا أن يحرم الطفل من أقل حقوقه متمثلة في الرضاعه !!!؟؟؟
أضتني معاناتي ولكنها كانت ملهمتي للإجتهاد والتفوق ,, جمعتني الظروف مع صديقة لي مرت بمأساتي ولكن الإختلاف كان بأنها آثرت البقاء مع والدها الحنون الذي أعطاها ما حرمته منه أمها التي وصفت بالإهمال وعدم الكفاءة في التربية نتيجة اللهو والنزوات الخاصه فكم كانت تترك رضيعة في المنزل وحدها ويأتي الأب للمصادفه ليجدها وقد أضناها البكاء ,, وهنا تبدأ مهمة البحث عن الأم اللاهية لدى الجيران ولكن دون جدوى فلا زالت تصر على الإستقلال والحرية حتى وإن اضطرت للعودة في منتصف الليل ,, فما كان من الوالد إلا أن طلقها ,, وهاهي ذي صديقتي تعيش مع والدها ولكن الأم تطلب أن تراها بين الحين والآخر وتأبي إلا أن تتسبب بكل ما من شأنه إرباك حياة الأب الهانئ بزواجه الجديد ,, غيرة وحقدا ,
ها قد وصلت وصديقتي , التي أبيت وإياها إلا أن نسلك طريق البحث عن الأسباب التي تتعس المرء وتكدر عيشه . وصلنا لأعلى درجات العلم ويبدو ,, أنني كنت من ضمن الضحايا الذين حسن حظهم ,, ولكني على يقين من سوء حظوظ الكثيرين أمثالي فأخوي هما مثال للعقد النفسيه التي أبى والدي إلا أن يزرعها فيهما فحالهما حال الكثيرين ممن حوصروا بماض مقيت حطمهم وأحبط عطاءهم وجعلهم يصبون جام الغضب على المجتمع عموما ,
اما أنا فكنت ممن لطف خالقهم بهم من خلال علمي ومستقبلي ولكني وحتى هذه اللحظه أخشى الزواج لدي عقدة تسمى رهاب الرجال أخشى أن أرتبط بإنسان يعيد لي ذكرى والدي وأخشى أن أنجب ضحية أخرى لا ذنب لها .
كانت أبحاثي تسبر أعماق العلاقات الشخصيه وسأوجز رسالتي بالآتي :
الأسباب الكثيرة المؤديه للطلاق منها :
1ـ إغفال وصايا المصطفى صلى الله عليه وسلم في الزواج حيث اوصى بزواج من يرضى دينه وخلقه ,, كما أكد على التوصيه الخيره بالنساء ,, وشبه من يهينهن باللئيم .
وأوصى الشاب بالإرتباط بذات الدين ,, ولحماية المجتمع من توارث الأمراض , قال عليه الصلاة والسلام : "غربوا النكاح ".
2ـ·سطوة الأب في إلزام الفتاه بالزواج ممن لا ترغب ,,أوتعنت الأم المسيطره على الأب أصلا في إلزام ابنتها في الأرتباط بشخص تراه مناسبا من زاويتها الشخصيه
3ـ عدم التوافق الفكري و الإجتماعي المتمثل في التربيه , والبيئه المحيطه .
4ـ عدم الإستعداد النفسي والمادي ,,
5ـ الشقاق الدائم بين الزوجين المؤدي لإختلاف مستمر في وجهات النظر فيم يتعلق بمواقف وليدة الساعه أو للنظره الآنيه أو المستقبيه .
6ـ تنافر التطلعات واستقلالية التصور في الأمور الحياتيه .
7ـ خمود الموده وعدم وجود مكان لها في القلوب .
8ـ فقدان الإحترام للذات أولا وللطرف الآخر ثانيا .
9ـ المنٌ المستمر من الطرفين بتقديم التضحيه .
10ـ تذمر الزوجه المستمر من ضيق ذات يد الزوج ,, وذلك بإظهار الإمتعاض ومقارنة الزوج بغيره من الرجال الذين أبتسمت لهم الحياه .
11ـ بعض المنفرات في العلاقه الخاصه .
12ـ عدم تأدب الزوجه بالآداب الزوجيه الواجب التحلي بها , وعدم الإنصياع لمرضاة الرب عز وجل والحرص على طاعة الزوج .
13ـ إغفال الزوج عن واجباته الزوجيه وعدم الحرص على أداءها كحرصه على المطالبة بحقوقه .
14ـ النظره الماديه المؤثره في العلاقه الزوجيه ,, وعلى رأسها بخل الأزواج وتقنين الإنفاق بما يضيق وينغص على حياة الزوجه .
15ـ كسل الأزواج وعدم الحرص على إيجاد مصدر الرزق ,, وذلك إما بالإعتماد على دخل الزوجه أوعلى أهلها , أو بالتثاقل عن السعي .
16ـ إنقياد الزوجه لوالدتها التي لا تأل جهدا في التدخل وبث السموم التي تسبب دمار العلاقه الزوجيه .
17ـ إعتماد الأسلوب المحبط للعزائم وثبيط الهمم كل من الزوجين للآخر كالتهكم من إحراز النجاحات والتفوق ومحاولة صقل الذات وأستعمال أسلوب التهميش خصوصا للزوجه .
18ـ فقدان لغة الحوار بين الزوجين نظرا للإختلاف الفكري والمعرفي .
إستعمال الحق الممنوح للزوج كسلاح في غير حق من خلال بث التهديد وشحن الأجواء وتوترها .
19ـ أجواء الشحناء المنتشره في البيت والأصوات الصاخبه من بداية اليوم وحتى نهايته وعدم وجود سعة لهدوء نفسي واستقرار عاطفي ,, مم يجعل الزوج يمقت بيته ويجد أعذارا شتى كي يبقى بعيدا عنه أكبر وقت ممكن طلبا لهدوء الأعصاب والراحه .
20ـ إهمال كلا الزوجين للأخر وعدم معرفة مهارات العلاقة الصحيحه , كإيثار الزوج أصدقاءه على البقاء مع زوجته وتعمد تركها رهينة الفراغ مم قد يلجئها لما لا تحمد عقباه .
21ـ الخيانة الزوجيه من كلا الطرفين والعياذ بالله .
22ـ مسألة الإنجاب قد تتسبب في الطلاق في حال عدم تمكن أحد الزوجين من الإنجاب,فمثلا قد يفكر الزوج بالزواج من أخرى مما يثير حفيظة الزوجه وتطالب بالطلاق .
ولا بد أن هناك أمورا خفية قد لا تكون واضحة للعيان ينجم الطلاق عنها .
أما الحلول فهي تتلخص كما أرى في الآتي :
1ـ محاولة إحتواء الخلافات الزوجيه والتعامل معها بعقلانية وحكمة وتروٍ .
2ـ إحترام حقوق المرأه التي منحها الإسلام إياها .
3ـ أهمية إدراك الزوجه لواجباتها الزوجيه وذلك بمشاركة الزوج في السراء والضراء وخوض جام الصعوبات الحياتيه معه مهما بلغت , في الصحة والمرض و في الشقاء والسعاده .وعدم تكفير العشير وجحود الفضل , كما يتحتم إدراكها بأنها مصدر الهدوء والدعة واللين المتمثل بالصوت الحاني و الصفاء النفسي والهدوء العاطفي وليست مصدر الشقاء والتعاسة والصوت المسترجل الصاخب .
4ـ الحيلولة دون إظهار الخلافات ,, للمحيط الخارجي ومحاولة إحتواءها ضمن إطار الزوجيه حتى يسهل حلها ولا تتشعب وتتطور دون أدنى سبب .
5ـ إعتماد أسلوب العلاج الإسلامي في حل الخلافات كإستعمال الزوج حق الوعظ والإرشاد أو الهجر في المضاجع أو الضرب غير المبرح الذي لا يهين ولا يسيء .
6ـ الإحتكام لرأي حكيم من أهل الزوجين يمتاز بحصافة الرأي وسلامة المنطق .
7ـ إبعاد ما يسمى بوحش أو شبح الطلاق عن بيت الزوجيه وذلك بعدم التهديد باللجوء إليه لأتفه الأمور سطوة وتجبرا .
8ـ إحترام الحقوق والواجبات والإخلاص والتفاني وإحترام الذات هما من أهم الحلول لأي خلاف زوجي .
9ـ مراعاة الإيثار وتقديم التنازلات درءا للخلافات .
وفي النهاية لا بد من أن ننوه ونؤكد بأن آخر الدواء الكي ,, ومع أن الإسلام قد شرع الطلاق كآخر الحلول عندما يتفاقم الشقاق بين الزوجين ,, إلا أنه أبغضه شديد البغض ووضع له ضوابط وقيود شتى حتى لا يستهان بإستخدامه واللجوء إليه إلا عقب جهود مضنيه وذلك حفاظا على الأسرة الإسلامية الصحيحه والتي لو بنيت على الدعامات الصحيحه لما إنهار وتداعى ذلك البناء الصحيح , ولما فاض المجتمع بضحايا أبرياء حاقدين كارهين لمجتمعاتهم ,
يضرسون ما جناه آبائهم من حصرم .
·
31-03-2005, 02:05 PM
ضوابط المشاركة
العرض العادي
