منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - أصول الإيمان
الموضوع: أصول الإيمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2018, 12:01 PM
  #45
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: أصول الإيمان

المطلب الرابع: الحوض، صفته وأدلته
الحوض مورد عظيم أعطاه الله لنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في المحشر يرده هو وأمته. جاء وصفه في النصوص أنه أشد بياضا من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحا من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، يمد ماؤه من الجنة، فيه ميزابان يمدانه من الجنة، أحدهما من ذهب والآخر من فضة، وآنيته كعدد نجوم السماء.
وقد دل على ثبوت الحوض وأنه حق كثير من الأحاديث الصحيحة ذكر بعض المحققين أنها تبلغ حد التواتر ورواها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم بضعة وثلاثون صحابيًّا. منها حديث أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: «إن قدر حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء من اليمن وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء» (متفق عليه) . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء من يشرب منها فلا يظمأ أبدًا» (متفق عليه) .
والحوض يكون في أرض المحشر ويمد ماؤه من الكوثر وهو نهر آخر أعطاه الله لنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في الجنة قال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (الكوثر: 1) . وقد اختلف أهل العلم في الميزان والحوض أيهما يكون قبل الآخر فقيل الميزان قبل، وقيل: الحوض. والصحيح أن الحوض قبل. قال القرطبي: والمعنى يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم.
المطلب الخامس: الميزان صفته وأدلته
مما يجب الإيمان به في أحداث اليوم الآخر: الميزان. وهو ميزان حقيقي له لسان وكفتان، توزن فيه أعمال العباد فيرجح بمثقال ذرة من خير أو شر، وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على ثبوت الميزان.
قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} (الأنبياء: 47) ، وقال عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ - وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ - فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (القَارعة: 6-9) . وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» (البخاري ومسلم) . وروى الإمام أحمد والحاكم وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه «أنه تسلق أراكة وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه (أي تحركه) فضحك القوم فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: (مم تضحكون؟) قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه. فقال: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد) » صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
والذي يوزن في الميزان ثلاثة، وقد دلت على ذلك النصوص:
1 - الأعمال، فقد ثبت أنها تجسم وتوزن في الميزان ودل عليه حديث أبي هريرة السابق: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن. . .) الحديث.
2 - صحف الأعمال، وقد دل على ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: «إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تَسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فيقول: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم» (صححه الحاكم ووافقه الذهبي) .
المقصود لا يثقل شيء مع اسم الله
3 - العامل نفسه، وقد دل على وزنه قوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (الكهف: 105) ، وكذلك حديث عبد الله بن مسعود السابق وأن ساقيه في الميزان أثقل من أحد.
المطلب السادس: الشفاعة، تعريفها وأنواعها وأدلتها
الشفاعة في اللغة: الوسيلة والطلب. وفي العرف: سؤال الخير للغير.
والشفاعة عند اللهّ: سؤال الله التجاوز عن الذنوب والآثام للغير.
وحقيقتها أن الله تعالى بلطفه وكرمه يأذن يوم القيامة لبعض الصالحين من خلقه من الملائكة والمرسلين والمؤمنين أن يشفعوا عنده في بعض أصحاب الذنوب من أهل التوحيد إظهارًا لكرامة الشافعين عنده ورحمة بالمشفوع فيهم.
ولا تصح الشفاعة عند الله تعالى إلا بشرطين:
أحدهما: إذن الله تعالى للشافع أن يشفع، وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (البقَرة: 255) . وقوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ (سبأ: 23) .
الثاني: رضا الله عن المشفوع له أن يشفع فيه، وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (الأنبياء: 28) . وقد دلت النصوص أن الله لا يرضى أن يشفع إلا في أهل التوحيد لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا» (صحيح مسلم) . وقال تعالى في الكفار: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (المدثر: 48) .
وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على إثبات الشفاعة عند الله يوم القيامة. أما الكتاب فقد تقدم ذكر بعضها، وأما من السنة فالأحاديث في إثبات الشفاعة كثيرة منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: (. . «فيقول الله تبارك وتعالى شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط» (رواه احمد في المسند وعبد الرزاق في مصنفه) .
والأحاديث في إثبات الشفاعة كثيرة جدًّا وقد صرح الأئمة المحققون بتواترها واشتهارها في كتب الصحاح والمسانيد. ففي الصحيحين: «يُخرج من النار من كان في قلبه حبة من خردل من إيمان» (البخاري ومسلم) .
أقسام الشفاعة
والشفاعة تنقسم من حيث القبول والرد إلى قسمين: مردودة وهي ما فقدت أحد شروط الشفاعة السابقة، ومقبولة وهي ما تحققت فيها شروط الشفاعة. وقد ثبت لنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم منها ثمانية أنواع، وهي:
1 - الشفاعة العظمى وهي شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الموقف أن يقضي الله بينهم وهي المقام المحمود وهذه الشفاعة مما اختص بها نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم على غيره من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين.
2 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم أن يدخلوا الجنة.
3 - شفاعته في أقوام استحقوا النار أن لا يدخلوها.
4 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم رفع درجات أهل الجنة في الجنة.
5 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب.
6 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمه أبي طالب.
7 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الجنة أن يؤذن لهم بدخول الجنة.
8 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرج منها.
وقد دلت النصوص الصحيحة على هذه الأنواع كلها وهي مبسوطة في مواضعها من كتب السنة والاعتقاد. وهذه الأنواع منها ما هو خاص بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم كالشفاعة العظمى وشفاعته في عمه أبي طالب وشفاعته في أهل الجنة أن يدخلوها ومنها ما يشاركه فيها غيره من الأنبياء والصالحين كالشفاعة في أهل الكبائر وغيرها من الأنواع الأخرى على اختلاف بين أهل العلم في اختصاصه ببعضها من عدمه، والله تعالى أعلم.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس