منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-2018, 09:53 AM
  #20
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

قدوم الأنصار وعرض الإِسلام عليهم:
137 - من حديث محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل: قال:
"لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة، ومعه فتية من بني عبد الأشهل، منهم إياس بن معاذ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، سمع بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم فجلس إليهم فقال: هل لكم إلى خير مما جئتم إليه؟ قالوا: وما ذاك؟ قال: أنا رسول الله بعثني إلى العباد، أدعوهم إلى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وأنزل علي كتابًا ثم ذكر الإِسلام وتلا عليهم القرآن. قال: فقال إياس بن معاذ، وكان غلامًا حدثًا أي قومي، هذا والله خير مما جئتم إليه.
قال: فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من البطحاء، فضرب بها وجه إياس بن معاذ، وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرفوا إلى المدينة، فكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج، قال: ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك قال محمود بن لبيد: فأخبرني من حضره من قومي أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات، فما كانوا يشكون أنه قد مات مسلمًا، لقد كان استشعر الإِسلام في ذلك المجلس، حين سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما سمع" (1).
المبحث الخامس: إسلام الأنصار واستجابتهم لله ولرسوله
1 - بدء إسلام الأنصار
138 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان يوم بعاث يومًا قدمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا، فقدمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في دخولهم في الإِسلام" (2)
قال ابن إسحاق: (فلما أراد الله -عَزَّ وَجَلَّ- إظهار دينه، وإعزاز نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وإنجاز موعده له، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار، وهم فيما يزعمون ستة فيهم جابر بن عبد الله بن رئاب" (3).
139 - قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قالوا: "لما لقيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من الخزرج قال: (أمن موالي يهود؟) قالوا: نعم قال: (أفلا تجلسون أكلمكم؟) قالوا: بلى. فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وعرض عليهم الإِسلام وتلا عليهم القرآن.
قال: وكان مما صنع الله بهم في الإِسلام، أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا قد عَزُّوهم ببلادهم (4)، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: إن نبيًّا مبعوث الآن، قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.
فلما كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولئك النفر ودعاهم إلى الله. قال بعضهم لبعض: يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإِسلام.
وقالوا: إنا قد تركنا قومنا, ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك. ثم انصرفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدقوا" (5).
2 - بيعة العقبة الأولى
140 - من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلًا فبايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بيعة النساء، وذلك قبل أن يفترض الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا, ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا, ولا نعصيه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئًا فأمركم إلى الله إن شاء عذبكم، وإن شاء غفر لكم" (6).
3 - إرسال الرسول مصعبًا إلى المدينة وانتشار الإِسلام فيها
141 - من طريق ابن إسحاق قال: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث مصعبًا حين كتبوا إليه أن يبعثه إليهم، وكان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض رضي الله عنهم أجمعين" (7).
142 - قال ابن إسحاق: حدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب، وعبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم: أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بني عبد الأشهل، ودار بني ظفر، وكان سعد بن معاذ بن النعمان ابن امرئ القيس بن زبير بن عبد الأشهل ابن خالة أسعد ابن زرارة، فدخل به حائطًا من حوائط بني ظفر يقال لها: بئر مرق.
فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، وسعد بن معاذ وأسيد ابن حضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، وكلاهما مشرك على دين قومه، فلما سمعا به قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير: لا أبالك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما وأنههما عن أن يأتيا دارينا، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك، هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدمًا.
قال: فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه؛ قال مصعب: إن يجلس أكلمه.
قال: فوقف عليهما متشتمًا، فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة. فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره، قال: أنصفت، ثم ركز حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالإِسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا: فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الإِسلام قبل أن يتكلم، في إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا الكلام، وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟
قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي، فقام فاغتسل، وطهر ثوبيه، وتشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما: إن ورائي رجلًا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن، سعد بن معاذ، ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا، قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد: ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسًا وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت، وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك، ليخفروك.
قال: فقام سعد مغضبًا مبادرًا، تخوفًا للذي ذكر له من بني حارثة، فأخذ الحربة من يده، ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئًا، ثم خرج إليهما، فلما رآهما سعد مطمئنين، عرف سعد أن أسيدًا إنما أراد منه أن يسمع منهما، فوقف عليهما متشمتًا، ثم قال لأسعد ابن زرارة: يا أبا أمامة، (أما والله) لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني، أتغشانا في دارينا بما نكره -وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: أي مصعب، جاءك والله سيد من وراءه من قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان- قال: فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع، فإن رضيت أمرًا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره.
قال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة وجلس، فعرض عليه الإِسلام، وقرأ عليه القرآن، قالا: فعرفنا والله في وجهه الإِسلام قبل أن يتكلم، لإشراقه وتسهله، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي ركعتين، قال: فقام فاغتسل وطهر ثوبيه، وتشهد شهادة الحق، ثم ركع ركعتين، ثم أخذ حربته، فأقبل عامدًا إلى نادي قومه، ومعه أسيد بن حضير.
قال: فلما رآه قومه مقبلًا: قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟
قالوا: سيدنا (وأوصلنا) وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله.
قالا: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا ومسلمة، ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإِسلام، حتى لم يتبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد، وخطمه، ووائل، وواقف، وتلك أوس الله، وهم من الأوس بن حارثة، وذلك أنهم كان فيهم أبو قيس ابن الأسلت، واسمه صيفي، وكان شاعرًا لهم قائدًا يستمعون فيه ويطيعونه فوقف بهم عن الإِسلام حتى كان بعد الخندق" (8).
..............................................
(1) أخرجه أحمد: 5/ 427، ابن هشام في السيرة: 1/ 427 , 428، وقال الهيثمي في المجمع: 6/ 36 رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات وسنده حسن، انظر الفتح الرباني: 20/ 266، والبيهقي في الدلائل: 2/ 420 - 421، والطبري في التاريخ: 2/ 352 - 353، جميعًا من طريق ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث، وقال ابن حجر في الإصابة: 1/ 102 رواه جماعة عن ابن إسحاق هكذا وهو صحيح من حدثه.
(2) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب مناقب الأنصار حديث رقم: 3777 فتح الباري: 7/ 110 أحمد في المسند: 6/ 61 وانظر الفتح الرباني: 20/ 67.
(3) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 42 رواه الطبراني ورجاله ثقات، السيرة النبوية: 2/ 81.
(4) عَزّوهم: معناه: غلبوهم، ومنه قوله تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} (ص: آية 23).
(5) أخرجه ابن هشام في السيرة: 1/ 428 , 429، والبيهقي في الدلائل: 2/ 433، 435، وأبو نعيم في الدلائل رقم: 323، وإسناده حسن رجاله ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وابن كثير في السيرة: 2/ 176 - 177، ورواه ابن سعد في الطبقات: 1/ 218 - 219، من طريق فيها الواقدي وأسامة بن زيد من غير طريق ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل: 2/ 433 - 435 من طريق ابن إسحاق، ورواها الطبراني مرسلة وفي سندها ابن لهيعة وفيه ضعف، وهو حسن الحديث، وبقية الرجال ثقات انظر المجمع: 6/ 40 - 42 ورواه أبو نعيم في الدلائل ص: 104.
(6) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب وفود الأنصار وبيعة العقبة رقم: 3893 فتح الباري: 7/ 219، مسلم كتاب الحدود باب الحدود كفارات لأهلها رقم الحديث: 1709، أحمد في المسند: 5/ 323، وانظر الفتح الرباني: 20/ 269، وابن هشام في السيرة: 1/ 433 عن ابن إسحاق بسند صحيح، وابن كثير في السيرة: 2/ 179، وانظر النسائي في البيعة باب البيعة على الجهاد: 7/ 141 - 142.
(7) ابن كثير: 2/ 180 ونسبه إلى البيهقي وسنده حسن رجاله ثقات، سيرة ابن هشام: 1/ 434 - انظر دلائل النبوة للبيهقي: 2/ 437 - 438.
(8) أخرجه ابن إسحاق في السيرة انظر سيرة ابن هشام: 1/ 435 - 437 والطبري في التاريخ: 2/ 357، 359، وسنده حسن، وهو مرسل، وانظر ابن كثير في السيرة: 2/ 181 - 185، السيرة النبوية للذهبي: 198 - 200، وقد جاء من طريق عروة بن الزبير في المجمع: 6/ 40 - 41 وقال الهيثمي: رواه الطبراني مرسلًا وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات، والبيهقي في الدلائل: 2/ 438 - 440 من طريق موسى بن عقبة مرسلًا فيكون الحديث بمجموع هذه الطرق حسنًا.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس