منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-2019, 08:30 PM
  #44
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

المبحث الخامس: مقتل كعب بن الأشرف
307 - من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله). فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: (نعم). قال: فأذن لي رسول الله أن أقول شيئًا. قال: (قل). فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنَّانا، وإني قد أتيتك أستسلفك، قال: وأيضًا والله لتملنه.
قال: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين –{وحدثنا عمرو غير مرة فلم يذكر (وسقا أو وسقين) فقلت له: فيه (وسقًا أو وسقين)، فقال: أرى فيه (وسقًا أو وسقين) }- فقال: نعم أرهنوني، قالوا: أي شيء تريد؟ قال: أرهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: أرهنوني أبناءكم، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللامة .. قال سفيان: يعني السلاح.
فواعده أن يأتيه فجاءه ليلًا ومعه أبو نائلة -وهو أخو كعب من الرضاعة- فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة. وقال غير عمرو: قالت أسمع صوتًا كأنه يقطر منه الدم. قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لودعي إلى طعنة بليل لأجاب.
قال: ويُدخل محمد بن مسلمة معه رجلين -قيل لسفيان: سماهم عمرو؟ قال: سمى بعضهم قال عمرو: جاء معه برجلين وقال غير عمرو: أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس، وعباد بن بشر- قال عمرو جاء معه برجلين.
فقال: إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، قال مرة: ثم أشِمُّكم، فنزل إليهم متوشحًا وهو ينفخ منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت كاليوم ريحًا -أي أطيب - وقال غير عمرو قال: عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب. قال عمرو فقال: أتأذن لي أن أشم رأسك قال: نعم فشمه، ثم أشم أصحابه ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم فلما استمكن منه قال: دونكم، فقتلوه، ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه" (1).
تشييع النبي للصحابة الذين ذهبوا لقتل كعب بن الأشرف:
308 - من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشى معهم إلى بقيع الغرقد، ثم وجههم فقال: (انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم) (2).
وذكر في بقية الحديث كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
سبب قتله: إيذاء كعب بن الأشرف للمسلمين بهجائه لهم في شعره:
309 - من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، قال: "إن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرًا وكان يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قدم المدينة وأهلها أخلاط منهم المسلمون الذين تجمعهم دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم المشركون الذين يعبدون الأوثان، ومنهم اليهود، وهم أهل الحلقة والحصون، وهم حلفاء للحيين الأوس والخزرج، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة استصلاحهم كلهم، وكان الرجل يكون مسلمًا وأبوه مشرك، والرجل يكون مسلمًا وأخوه مشرك.
وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أشد الأذى، فأمر الله تعالى رسوله والمسلمن بالصبر على ذلك، والعفو عنهم، ففيهم أنزل الله جل ثناؤه {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} (3).
وفيهم أنزل الله {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} (4).
فلما أبي كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأذى المسلمين. وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ أن يبعث رهطًا ليقتلوه، فبعث إليه سعد ...).
وذكر نحوًا من حديث جابر (5).
وهكذا طويت صفحة من صفحات الغدر، ممثلة في هذا اليهودي الخبيث، وارتاح المسلمون من عدو من ألد أعدائهم، وأشدهم تحريضًا على الإِسلام وأهله.
الفصل الرابع غزوة أُحد
المبحث الأول: أحداث ما قبل المعركة
1 - تاريخ الغزوة:
310 - من طريق محمَّد بن إسحاق قال: (وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، فالتقوا يوم السبت في النصف من شوال" (6).
2 - مشاورة النبي للصحابة للخروج وإخبارهم عن رؤياه:
311 - من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرًا منحرة، فأولت أن الدرع الحصينة المدينة، وأن البقر هو والله خير) قال: فقال لأصحابه: (لو أنا أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا فيها قاتلناهم؟ فقالوا: يا رسول الله، والله ما دخل علينا فيها في الجاهلية، فكيف يدخل علينا فيها في الإِسلام؟
قال عفان في حديثه: فقال: (شأنكم إذًا)، قال: فلبس لأمته قال: فقالت الأنصار رددنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءوا فقالوا: يا نبي الله شأنك إذًا فقال: (إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل) (7).
312 - من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "تنفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال: (رأيت في سيفي ذي الفقار فلًا، فأولته فلًا يكون فيكم "أي انهزامًا" ورأيت أني مردف كبشًا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأولتها المدينة، ورأيت بقرًا تذبح، فَبَقرٌ والله خير، فَبَقرٌ والله خير) فكان الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (8).
313 - ومن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (رأيت في رؤياي أني هززت سيفًا فانقطع صدره، فهذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء به الله من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرًا والله خير، فإذا هم المؤمنون يوم أحد) (9).
3 - مظاهرة النبي بين درعين وأخذه بالأسباب:
314 - من حديث السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد أخذ درعين كأنه ظاهر بينهما" (10).
315 - ومن حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذهب لينهض إلى الصخرة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر بين درعين فلم يستطع أن ينهض ... وذكر الحديث" (11).
316 - وقد جاء أيضًا من طريق رجل من بني تيم يقال له معاذ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهر يوم أحد بين درعين" (12).
4 - رجوع المنافقين وانخذالهم من أول الطريق:
317 - من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة أحد رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرقتين، فرقة تقول نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم. فنزلت {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} وقال: (إنها طيْبَةٌ تنفي الذنوب، كما تنفي النار خبث الفضة) (13).
318 - من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نزلت هذه الآية فينا {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} (14) بني سلمة وبني حارثة وما أحب أنها لم تنزل والله يقول {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} " (15).
319 - وقد جاء من طريق ابن إسحاق قال: حدثني الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة، وحصين بن عبد الرحمن ... فذكر حديث الرؤيا حتى قال: "حتى خرج في ألف من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد، انخذل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا أيها الناس! فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام يقول:
"يا قوم، أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند من حضر من عدوهم، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال، قال: فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف:
قال: أبعدكم الله، أعداء الله، فسيغني الله عنكم نبيه" (16).
.................................................. .............................
(1) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل كعب بن الأشرف رقم: 4037، فتح الباري: 7/ 336 - 337 مسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير باب قتل كعب بن الأشرف حديث رقم: 1801، ص: 1425 - 1426 وأبو داود في سننه كتاب الجهاد باب في العدو يؤخذ على حين غرة حديث رقم: 2768 والبيهقي في الدلائل: 3/ 195 - 196. ابن هشام في السيرة: 2/ 51 - 58، وابن كثير: 3/ 9 - 17، ابن سعد: 2/ 31 - 34.
(2) المطالب العالية: 4312، وقال أخرجه إسحاق بن راهوية وإسناده حسن متصل، وأحمد في المسند انظر الفتح الرباني: 21/ 49، البزار كما في كشف الأستار: 2/ 330 - 331، والطبراني في الكبير: 11/ 221 برقم: 11554، وقال الهيثمي في المجمع: 6/ 196، رواه أحمد والبزار، والطبراني وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله ثقات، قلت: وحسن إسناده أيضًا الحافظ ابن حجر في الفتح: 7/ 338، وقال: وعند ابن إسحاق بسند حسن، وابن هشام في السيرة: 2/ 55 - 56، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث فزال التدليس.
(3) الآية الكريمة: 186 من سورة آل عمران.
(4) الآية الكريمة: 109 من سورة البقرة.
(5) أخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (3000)، والهيثمي في المجمع: 6/ 195 - 196، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، فتح الباري: 7/ 337، وعزاه إلى أبي داود والترمذي.
(6) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 124، رواه الطبراني ورجاله ثقات.
* البقر المذبوحة: يعني استشهاد أصحابه - صلى الله عليه وسلم -.
(7) أخرجه أحمد في المسند: 3/ 351، الدارمي: 2/ 129 - 130، وعلق البخاري بعضه فتح الباري: 13/ 284، وقال الهيثمي في المجمع: 6/ 107، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وقد جاء من مرسل عروة عند عبد الرزاق في المصنف:5/ 364 ومن مرسل الزهري وموسى بن عقبة في دلائل النبوة للبيهقي: 3/ 208.
* ذا الفقار: سمي بذلك لأنه كانت فيه حفر حسان صغار، والسيف المفقر الذي فيه حزوز مطمئنة عن متنه.
الفل: الثلم في السيف.
(8) أخرجه الترمذي كتاب السير في النفل ضمن حديث رقم: 1561، وقال حديث حسن غريب، وابن ماجه في الجهاد باب السلاح رقم: 2808، وأحمد في المسند: 1/ 271، والحاكم: 28/ 128 - 221 وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي كما في البداية والنهاية: 4/ 11، بسند حسن، وقال الساعاتي في الفتح الرباني: 17/ 221: وسنده صحيح.
(9) أخرجه البخاري في المغازي باب من قتل من المسلمين يوم أحد حديث رقم: 4081، ومسلم في كتاب الرؤيا باب رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث رقم: 2272، وابن ماجه في سننه كتاب تعبير الرؤيا باب تعبير الرؤيا حديث رقم: 3921، وقد أورده البخاري مقطعًا أيضًا: في كتاب المناقب -باب علامات النبوة، والتعبير باب إذا رأى بقرًا تنحر، وأخرجه الدارمي: 2/ 129، كتاب الرؤيا باب رؤية الرب، والبيهقي في الدلائل: 3/ 203.
* ظاهر: لبسهما فوق بعضهما.
(10) أخرجه أبو داود في الجهاد باب لبس الدرع رقم: 2590، وابن ماجه في الجهاد باب في السلاح رقم: 2806 وقال البوصيري في الزوائد وإسناده صحيح على شرط البخاري، قلت: ورجال ابن ماجه كلهم ثقات.
(11) أخرجه الحاكم في المستدرك: 3/ 25، وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والبيهقي في سننه: 9/ 46.
(12) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 108، رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.
(13) أخرجه البخاري في المغازى باب غزوة أحد رقم: 4050، ومسلم في صحيحه كتاب صفات
(14) سورة آل عمران: 22.
(15) أخرجه البخاري في المغازي باب إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا رقم: 4051، مسلم في فضائل الصحابة باب فضائل الأنصار رقم: 2505.
(16) ابن هشام: 2/ 60 - 64 وسنده حسن وهو مرسل
.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس