* "الحب: شعرُ الحواس.."
إنه تعريف جميل يجمع بين الروح والجسد، والحب السليم هو الذي يلبي أشواق الروح والجسد معاً، في حال الوصال، ويصيب الروح والجسد معاً بالتوق والشوق والظمأ في حال الحرمان، أما الحب القائم على الجسد فقط فهو ليس حباً.. إنه مجرد "تمساح في بحر الشهوة.." وعنده الاستعداد للسباحة في أي بحر آخر.. ومصيره الغرق..
والحب القائم على الروح فقط.. أو الحب الأفلاطوني كما يقول الغربيون .. والعذري كما يقول العرب.. فهو الآخر ليس بحب سليم .. وإنما هو هروب من الفطرة.. أو أوهام .. ونحن في غنى عن القول إن حديثنا، هنا، ينحصر في حب الرجل للمرأة والمرأة للرجل.. والجائز الزواج بينهما.. بمعنى أن حديثنا هنا لا يشمل أنواع الحب الأخرى كحب الناس.. والأصدقاء.. ونحو هذا..
الحب الذي نقصده عبِّر عنه الروائي الفرنسي الموهوب (بلزاك) تعبيراً مشعاً مكثفاً حين قال (الحب شعرُ الحواس)، فهو تعريف ذو تعبير يجمع حب الروح والجسد، ويعطي حب الجسد بعداً روحياً يمنحه التسامي والاحساس بتعطش الروح لذلك الحب، كما يُعطي "الحبيب" ذلك التفرد الخاص الذي يحس به عاشقه.. والحواس ـ وهي هنا تعبير عن الجسد ـ تحس بالمحبوب بواسطة الشعر.. تصبح شاعرة معه .. وكأن في كل حاسة منها روحاً.. كأن كل حاسة قد تحولت إلى قلب خافق عاشق، كما قال الشاعر:
خطراتُ ذكرك تستثير صبابتي
فأحس منها في الفؤاد دبيبا
لا عُضو لي إلا وفيه صبابةٌ
فكأنَّ أعضائي خُلقن قلوبا
__________________
[CENTER]مُتَفَرِّدٌ بصَبَابَتي ، مُتَفَرِّدٌ
بكَآبَتي ، مُتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي
فَيُجيبُني برِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمََّ ، وَلَيْتَ لي
قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاء[/CENTER]