مقدمة:
=====
لابد قبل الدخول في مناقشة هذا الموضوع أن نفرق بصورة واضحة بين الختان الفرعوني أو غير الشرعي، والختان الشرعي الذي نحن بصدد تأصيله. جميعنا يعرف وبصورة واضحة المضاعفات الصحية والمشاكل الاجتماعية والنفسية الناجمة عن الختان الفرعوني بكل درجاته المتفاوتة، والذي لا أساس له في الشريعة الإسلامية وليس له أي إيجابيات صحية تذكر، والذي يجب أن تتضافر الجهود لوقف ممارسته بكل درجاته وفي كل مراحل حياة الإناث، حيث يوجد الآن تغير في السن التي يجري فيها الختان غير الشرعي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب. وأن نعتبر الختان الشرعي هو من أسلم وأنجح الطرق التي تساعد على التخلص من عادة الختان غير الشرعي و محاربته.
تمهيد:
====
هذا الموضوع ((ختان الإناث ))من الموضوعات التي تمس الحياء وبالرغم من اشتغالي في هذا المجال مدة 22 عاماً إلا أنني أقدم اعتذاري في الخوض في هذا الموضوع بهذه الصراحة و الوضوح، وعزائي قول أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها: "نعم النساء نساء الأنصار؛ لم يمنعهن الحياء من أن يتفقهن في الدين" (البخاري، كتاب العلم 1/276)، وقول الله تعالى: (والله لا يستحي من الحق) (الأحزاب 53).
إن ما دفعني للخوض في هذا الموضوع أنه قد فتح به باب واسع للطعن في الدين الحنيف وسنه المصطفى صلى الله عليه و سلم ,لذا فقد وجب علينا بعد أن تبينا الرأي الفقهي في هذا الموضوع أن نبين الموضع التشريحي الطبي المقصود بالختان عند الإناث.وذلك لما رأيناه وسمعناه ممن يدعون إلي التخلي المطلق عن ختان الإناث بحجة انه لا وجود له في الشريعة الإسلامية وليس من السنة حتى يتمكنوا من محاربة الختان غير الشرعى (الفرعوني) والذي هو محارب بلا شك لمجرد اسمه الشائع فقط ناهيك عن المضاعفات والمشاكل التي يؤدى إليها .كما أرجو أن يكون موقفي ورأيي هذا لا لشيئي إلا دفاعا عن ديننا وشرعنا الحنيف و تثبيتا للسنة النبوية الشريفة والدعوة للالتزام والتمسك بهما وبالله التوفيق.
كما أنني أحمد الله كثيراً أن هداني إلى أن أسعى في البحث الفقهي الجاد في كثير من المسائل التي واجهتني أثناء ممارسة تخصص النساء والتوليد، منها ختان الإناث، والدماء الطبيعية عند الإناث (الحيض والنفاس والاستحاضة)، والإجهاض، وموانع الحمل.. الخ.
ومن هنا فإني أدعو كل طبيب وكل مسلم أن يسعى بكل جهده في أن يتفقه في دينه ليجد الخير الذي وعدنا به ..(من أراد الله به خيرا يفقهه في الدين).
كما أنني أتوجه بالشكر الجزيل و التقدير الكبير لكل من يسعى في إخراج(( منهج فقه الطبيب )) و الذي كنا في أمس الحاجة إليه وسيكون له اثر فعال في تفهم أمور كثيرة لها ارتباط وثيق بصحة المسلم و سلامة أعماله الدينية و الدنيوية .
القارئ الكريم،هنالك في العالم من ينادي بأعلى صوته داعياً للتخلي عن ختان الذكور، بنفس الأسلوب الذي ينادي به للتخلي المطلق عن ختان الإناث،و ذلك في اقرب البلاد العربية إلينا!!!! فأين نحن من هؤلاء؟ إنها خطوات الشيطان… إذا تنازلنا اليوم عن ختان الإناث فسنتنازل غداً عن ختان الذكور ونتنازل بعدها عن باقى السنن وعن ديننا و شرعنا تماشياً مع العلمانية والتي هي ليس الفصل بين الدين والدولة فقط، بل العلمانية الحقيقية هي الفصل بين الحياة وبين القيم في الممارسات اليومية الشاملة، و الاتباع الأعمى للغرب.
إن الدعوة إلي التخلي المطلق عن ختان الإناث من أهم أجنده برامج الصحة الإنجابية ووثيقة (سيداو) التي تدعمها المنظمات الأجنبية و الدولية والتي ليس لها اى مصلحة في الشريعة الإسلامية ولا السنة النبوية الشريفة بل و لها دور فعال في عولمة مفاهيم المسلمين وفصل الدين عن كل مفاهيم الحياة واستبدال عقيدتنا السمحة بعقيدة العالم الجديد . و رحم الله الشاعر حيث قال :
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود