تابع
حال الأطفال بعد الطلاق!
إحساس الطفل التوتر الأسري بحد ذاته معاناة! بغض النظر عن حدوث الانفصال وعدمه! فالمشكلات الأسرية الدائمة ترسم في ذهن الطفل عن انشقاق في الأسرة يحرمه من الإحساس بالأمان! وان هذا المنزل قائم مستمر! فضلا عن ما يرسمه في ذهنه من تشويش عن صورة المودة والمحبة مما يكون له أثره في نفسه وعلى شخصيته مستقبلا! فكيف إذا لم تكن القضية مجرد توتر بل انتهت إلى الطلاق فعلا؟!! فإن هذه الصورة أشد إيلاما وجرحا!
وها نحن نرى ونقرأ ونسمع لآراء كثيرة تفترض أن المودة و المحبة مجرد كلام( مسلسلات وأفلام وان لا صورة لها على الواقع!!) أفليس هذا نتيجة تربية خاطئة نعاني منها؟!
هذه أثر نفسي واحد!ولكن الآثار المترتبة كثيرة..
منها..
*في حال زواج الأم وانشغالها بزوج آخر يعرف الطفل انه غير أبيه! فيعود هذا على الطفل بأنه غير مهم ومهمل! وأن هناك من هو أهم منه في قلب أمه! وهذا الاهم لا يمت للطفل بصلة!وهذا أشد المشاعر كسرا في نفسية الطفل وشرخها!
*في حال حياة الطفل بعيدا عن أبيه وأمه! مهما كان الحاضن له طيبا عطوفا فإن الطفل يتساءل لماذا رماني أبواي؟!! وكم هو مؤلم هذا السؤال؟
*حتى في حال حياة الطفل عند أمه أو أبيه يكفي إحساسه بفقد أحد الأبوي أنه ناقص عن الآخرين! ناقص عن الوضع الطبيعي فهو يسمع كلمة الأب مرتبطة بالأم! بل يسمع الوالدين! فأين هما هذان الوالدان إنه لا يرى إلا أما أو أبا!
تراه يتساءل كيف يعيش الآخرون بين أم وأب! ما سعادة فلان حين يسافر بين أبويه؟ جميل أن تكون النزهة بينهما! الخ..ربما تنطلق هذه التساؤلات على شفتيه وربما لا ينطق بهما ولكنه تظل تلح في فؤاده حتى يكبر! وكثيرون كبروا ولما تزل تساؤلاتهم قائمة!
فضلا عن السؤال المتكرر على ألسنة الأطفال الذين حرموا من نعمة العيش بين أبويهم أين أبي؟ أين أمي؟ لماذا لا تعيشين مع أبي؟ لماذا لا ترجع أمي معنا..؟
*أيضا من المحال أن يتولد لدى أحد شعور أكثر رأفة وحنانا للطفل من أبيه أو أمه! وهذا البديل بشر! ينشغل بنفسه وحاله وأمواله وظروفه فهل سيتنازل عنها من أجل طفل لم ينجبه؟! إن الأب الذي انفطر على التضحية من أجل أبنائه تصعب مقاومته لظروفه من أجل أبنائه فكيف بالآخرين!فما هو وضع الطفل حينذاك؟! إنها المعاناة!
*هناك صور أشد إيلاما حين يكتب الله للطفل أن يعيش مع زوج ام ظالم! أو زوجة أب قاسية!وحينها لا يملك الطفل إلا الاستجابة للظروف العاتية بانكسار وذل! وربما أثرت في بنائه أشد الأثر!
*هذا فضلا عن التربية الإيمانية الصحيحة والتي غفل عنها الآباء والأمهات فمن سيتفرغ لهذا الطفل يقدم له النصيحة الصادقة بل وهل لدى الطفل أدنى قدرة على تقبل نصح وتوجيه وهو مشتت الذهن شارد القلب؟
لا شك ان هناك ممن عاشوا حياة كريمة طيبة على الرغم من فقد أحد أبويهم أو كلاهما وآخرون استطاعة مقاومة ظروفهم فنجحوا في صنع حياتهم ولكن ليس الجميع قادر على المقاومة...وعلى هذا نقدم هذه النصائح..
1-ان يربى الطفل على الجدية والسعي لصناعة حياته بيده! فهذا يُشعره بالثقة في نفسه ويمد في نفسه القوة والمقاومة
2-ان لا يُخبر الطفل بتفاصيل المشكلات لان هذا يخلق في نفسه كرها لأحد الأطراف بل ينبغي ان لا نسعى في تشويه أي طرف، وكثيرا ما ينتقم أحد الطرفين من الآخر برسم صورة سيئة ولا يدرك انه بذلك يُحطم كيان الطفل وشموخه! فإن ذلك المخطئ هو امي او أبي رضيت أم رفضت! واختزال صورة سيئة عن احدهما يعني أنني نتاج ذلك السيئ! أيضا الصورة المشرقة للأبوين تصنع الثقة في النفس والأمان في مواجهة الحياة وتثبت للفرد تاريخا مشرفا يلقى به الآخرين! فكيف نهدم هذه الصورة الضرورية لطفل لا ذنب له!
3-التأكيد –للطفل- على أن النجاح لا علاقة له بالظروف فهذا سيد الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم الأبوين! وألوف من الناجحين في لتاريخ صنعوا نجاحهم بأيديهم بعد فضل الله تعالى وألوف آخرين توفرت كافة الفرص والظروف ورغم ذلك انتقصوا من أنفسهم بأن سلموها للشيطان!
4-تقوى الله ومخافته في مال الطفل وحقوقه فتلك أمانة في عنقك فاتق الله فيها..
5-الرحمة الزائدة والدلال غير الطبيعي ربما تكون آثاره السلبية شديدة فقد تُشعره بالنقص عن الآخرين وتولد فيه الضعف والضعة..وفي المقابل لابد من التعويض البسيط وتحمل شي من المعاناة في سبيل تيسير سبل الحياة له حتى يشب ويعتمد على نفسه..
6-إذا كان الطفل فتاة فتقوى الله في تزويجها من يصلح لها لا التخلص منها بأسرع وسيلة! وفيمن ترضاه هي! أيضا حضور الأبوين-إن أمكن- فيه تشريف لها وتقدير ..
وأخيرا على الطرفين أن يفكرا قبل الانفصال فإن آثاره النفسية على الطرفين كبيرة فالمطلقة لن تعود فتاة! حتى في نظرتها للحياة بل وحتى في فرحتها في حال زواج آخر... وكذلك الأمر للشاب,, فإن نظرته لزوجة جديدة ليس فيه الفرح البريء الذي يعيشه من يتزوج لأول مرة! أيضا الظروف المادية والاجتماعية أحيانا يستصغرها المرء عند مشكلته ولكن إذاحصل الانفصال فعلا وبدا الخيال حقيقة اكتشف الطرفان ان الطلاق لم يكن الحل الأمثل وأن المعاناة التابعة لها أشد من المعاناة السابقة قبله!
فضلا عن قدرة الشخص على المقاومة أقل فهو قد بذل الكثير في حياته الأولى وأي عثرة يواجهها يراها أكبر من حجمها! بغض النظر عن وجود ضحايا سيعانون من جراء هذا الخيار الشيء الكثير..
نسال الله ان يوفق الجميع لما يجب ويرضى..