منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الطب النبوي الشريف
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-2005, 02:17 PM
  #3
سماااا
قلب المنتدى النابض
 الصورة الرمزية سماااا
تاريخ التسجيل: Mar 2005
المشاركات: 1,857
سماااا غير متصل  
ذكر القسم الأول وهو العلاج بالأدوية الطبيعية فصل في هدية في علاج الحمى

ثبت في الصحيحين عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم فأبر دوها بالماء وقد أشكل هذا الحديث على كثير من جهلة الأطباء ورآه منافيا لدواء الحمى وعلاجها ونحن نبين يحول الله وقوته وجهه وفقهه فنقول
خطاب النبي صلى الله عليه وسلم نوعان عام لأهل الأرض وخاص ببعضهم فالأول كعامة خطابه والثاني كقوله لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستديروها ولكن شرقوا أو غربوا فهدا ليس بخطاب لأهل المشرق ولا المغرب ولا العراق ولكن لأهل المدينة وما على سمتها كالشام وغيرها وكذلك قوله ما بين المشرق والمغرب قبلة وإذا عرف هذا فخطابه في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز وما والاهم إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية العرضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس وهذه ينفعها الماء البارد شربا واغتسالا فإن الحمى حرارة غريبة تشتعل بالقلب وتنبتث منه بتوسط الروح والدم في الشرايين والعروق إلى جميع البدن فتشتعل فيه اشتعالا يضر بالإفعال الطبيعية وهي تنقسم إلى قسمين عرضية وهي الحادثة إما عن الورم أو الحركة أو إصابة حرارة الشمس أو القيظ الشديد ونحو ذلك ومرضية وهي ثلاثة أنواع وهي لا تكون إلا في مادة أولى ثم منها يسخن جميع البدن فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سميت حمى يوم لأنها في الغالب تزول في يوم ونهايتها ثلاثة أيام وإن كان مبدأ تعلقها بأخلاط سميت عفنية وهي أربعة أصناف صفراوية وسوداوية وبلغمية ودموية وإن كان مبدأ تعلقها بالأعضاء الصلبة الأصلية سميت حمى دق وتحت هذه الأنواع أصناف كثيرة وقد ينتفع البدن بالحمى انتفاعا عظيما لا يبلغه الدواء وكثيرا ما يكون حمى يوم وحمى
العفن سببا لانضاج مواد غليظة لم تكن تنضج بدونها وسببا لتفتح سدد لم تكن نصل إلهيا الأدوية المفتحة وأما الرمد الحديث والمتقادم فإنها تبرىء أكثر أنواعه برءا عجيبا سريعا وتنفع من الفالج واللقوة والتشنج الامتلائي وكثيرا من الأمراض الحادثة عن الفضول الغليظة وقال لي بعض فضلاء الأطباء إن كثيرا من الأمراض نستبشر فيها بالحمى كما يستبشر المريض بالعافية فتكون الحمى فيه أنفع من شرب الدواء بكثير فإنها تنضج من الخلاط والمواد الفاسدة ما يضر بالبدن فإذا انضجتها صادقها الدواء متهيئة للخروج بنضاجها فأخرجها فكانت سببا للشفاء وإذا عرف هذا فيجوز أن يكون مراد الحديث من أقسام الحميات العرضية فإنها تسكن على المكان بالانغماس في الماء البارد وسقى الماء البارد المثلوج ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلا علاج آخر فإنها مجرج كيفية حارة متعلقة بالروح فيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة تكنها وتخمد لهبها من غير حاجة إلى استفراغ مادة أو انتظار نضج ويجوز أن يراد به جميع أنواع الحميات وقد اعترف فاضل الأطباء جالينوس بأن الماء البارد ينفع فيها قال في المقالة العاشرة من كتاب حيلة البرء ولو أن رجلا شابا حسن اللحم خصب البدن في وقت القيظ وفي وقت منتهى الحمى وليس في أحشاءه ورم استحم بماء بارد أو سبح فيه لا نتفع بذلك وقال ونحن نأمر بذلك بلا توقف
وقال الرازي في كتابه الكبير إذا كانت القوة قوية والحمى حادة جدا والنضج بين ولا ورم في الجوف ولا فتق ينفع الماء البارد شربا وإن كان العليل خصب البدن والزمان حار وكان معتادا لاستعمال الماء البارد من خارج فليؤذن فيه وقوله الحمى من فيح جهنم هو شدد لهبها وانتشارها ونظيره قوله شدة الحر من فيح جهنم وفيه وجهان أحدهما أن ذلك أنموذج ورقيقة أشتقت من جهنم ليستدل بها العباد عليها ويعتبروا بها ثم أن الله سبحانه قدر ظهورها بأسباب تقتضيها كما أن الروح والفرح والسرور واللذة من نعيم الجنة أظهرها الله في هذه الدار عبرة ودلالة وقدر ظهورها بأسباب توجبها والثاني أن يكون المراد التشبيه فشبه شدة الحمى ولهبها بفوح جهنم وشبه شدة الحر به أيضا تنبيها للنفوس على شدة عذاب النار وأن هذه الحرارة العظيمة مشبهة بفيحها وهو ما يصيب من قرب منها من حرها وقوله فابر دوها روى بوجهين بقطع الهمزة وفتحها رباعي من أبرد الشيء إذا صبرة باردا مثل أسخنه إذا صيره سخنا والثاني بهمزة الوصل مضمومة من برد الشيء يبرده وهو أفصح لغة واستعمالا والرباعي لغة رديئة عندهم قال الحماسي إذا وجدت لهيب الحب في كبدي أقبلت نحو سقاء القوم ابترد هبني بردت ببرد الماء ظاهره فمن لنار على الأحشاء تتقد وقوله بالماء فيه قولان أحدهما أنه كل ماء وهو الصحيح والثاني أنه ماء زمزم واحتج أصحاب هذا القول بما رواه البخاري في صحيحه عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال كنت أجالس ابن عباس بمكة
فأخذتني الحمى فقال أبردها عنك بماء زمزم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء أو قال بماء زمزم وراوي هذا قد شك فيه ولو جزم به لكان أمرا لأهل مكة بماء زمزم إذ هو متيسر عندهم ولغيرهم بما عندهم من الماء ثم اختلف من قال إنه على عمومه هل المراد به الصدقة بالماء أو استعماله على قولين والصحيح أنه ستعمال وأظن أن الذي حمل من قال المراد الصدقة به أنه أشكل عليه استعمال الماء البارد في الحمى ولم يفهم وجهه مع أن لقوله وجهاص حسنا وهو أن الجزاء من جنس العمل فكما أخمد لهيب العطش عن الظمآن بالماء البارد أخمد الله لهيب الحمى عنه جزاء وفاقا ولكن هذا يؤخذ من فقه الحديث وإشارته وأما المراد به فاستعماله وقد ذكر أبو نعيم وغيره من حديث أنس يرفعه إذا حم أحدكم فليرش عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة يرفعه الحمى من كير جهنم فنحوها عنكم بالماء البارد وفي المسند وغيره من حديث الحسن عن سمرة يرفعه الحمى قطعة من النار فأبردوها عنكم بالماء البارد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حم دعا بقربة من ماء فأفرغها على رأسه فاغتسل
وفي السنن من حديث أبي هريرة قال ذكرت الحمى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبها رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبها فإنها تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الحديد لما كانت الحمى يتبعها حمية عن الأغذية الرديئة وتناول الأغذية والأدوية النافعة وفي ذلك إعانه على تنقية البدن ونفي أخبائه وفضوله وتصفيته من مواده الرديئة وتفعل فيه كما تفعل النار في الحديد في نفي خبثه وتصفية جوهره كانت أشبه الأشياء بنار الكير التي تصفى جوهر الحديد وهذا القدر هو المعلوم عند اطباء الأبدان وأما تصفيتها القلب من وسخه ودرنه وإخراجها خبائثه فأمر يعلمه أطباء القلوب ويجدونه كما أخبرهم به نبيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مرض القلب إذا صار مايوسا عن برئه ينفع فيه هذا العلاج فالحمى تنفع البدن والقلب وما كان بهذه المثابة فسبه ظلم وعدوان وذكرت مرة وأنا محموم قول بعض الشعراء يسبها زارت مكفرة الذنوب وودعت تبا لها من زائر ومودع قالت وقد عزمت على ترحالها ماذا تريد فقلت أن لا ترجعي فقلت تبا له إذسب ما نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبه ولو قال زارت مكفرة الذنوب لصبها أهلا بها من زائر ومودع قالت وقد عزمت على ترحالها ماذا تريد فقلت أن لا تقلعي لكان أولى به ولأقلعت عنه فأقلعت عني سريعا وقد روى في أثر لا أعرف حاله حمى يوم كفارة سنة وفيه قولان
أحدهما أن الحمى تدخل في كل الأعضاء والمفاصل وعدتها ثلثمائة وستون مفصلا فتكفر عنه بعدد كل مفصل ذنوب يوم والثاني أنها تؤثر في البدن تأثيرا لا يزول بالكلية إلى سنة كما قيل في قوله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما إن أثر الخمر يبقى في جوف العبد وعروقه وأعضائه أربعين يوما والله أعلم قال أبو هريرة مامن مرض يصيبني أحب إلي من الحمى لأنها تدخل في كل عضو مني وإن الله سبحانه يعطى كل عضو حظه من الأجر وقد روى الترمذي في جامعه من حديث رافع بن خديج يرفعه إذا أصابت أحدكم الحمى وإنما الحمى قطعة من النار فليطفئها بالماء البارد ويستقبل نهرا جاريا فليستقبل جرية الماء بعد الفجر وقبل طلوع الشمس وليقل باسم الله اللهم اشف عبدك وصدق رسولك وينغمس فيه ثلاث غمسات ثلاثة أيام فإن بريء وإلا ففي خمس فإن لم يبرأ في خمس فسبع فإنها لا تكاد تجاوز السبع بإذن الله قلت وهو ينفع فعله في فصل الصيف في البلاد الحارة على الشرائط التي تقدمت فإن الماء في ذلك الوقت أبرد ما يكون لبعده من ملاقاة الشمس ووفور القوي في ذلك الوقت لما أفادها النوم والسكون وبرد الهواء فيجتمع قوة القوي وقوة الدواء وهو الماء البارد على حرارة الحمى العرضية أو الغب الخالصة أعنى التي لا ورم معها ولا شيء من الأعراض الرديئة والمواد الفاسدة فيطفئها بإذن الله لا سيما
في أحد الأيام المذكورة في الحديث وهي الأيام التي يقع فيها بحران الأمراض الحادية كثيرا لا سيما في البلاد المذكورة لرقة أخلاط سكانها وسرعة انفعالهم عن الدواء النافع