منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-12-2017, 10:27 AM
  #133
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة الرابعة: طريق الحكم وصفته:
يتوصل القاضي إلى الحكم في قضية ما باتباع الخطوات التالية:
- إذا حضر عنده الخصمان أجلسهما بين يديه، وسألهما: أيُّكما المدَّعِي؟ أو يسكت حتى يتكلم المدَّعِي فيستمع دعواه.
- فإن جاءت الدعوى على الوجه الصحيح، سأل القاضي المدَّعَى عليه عن موقفه حيالها، فإن أقرَّ بها قضى عليه، وإن أنكر طالب المدعِي بالبينة.
- فإن كانت للمدعِي بينة طالبه بإحضارها، واستمع شهادتها، وحكم بها بشروطها، ولا يحكم بعلمه.
- فإن لم يكن للمدَّعِي بينة أعلمه القاضي أن له اليمين على خصمه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي الذي ادَّعى أرضاً غلبه عليها الكندي: (ألك بينة؟) قال: لا. قال: (فلك يمينه) (أخرجه مسلم)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (البينة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه) (صححه الألباني).

- فإن قبل المُدَّعي يمين المدعى عليه، حلفه القاضي وخلَّى سبيله؛ لأن الأصل براءة الذمة.
- فإن نكل المدَّعى عليه عن اليمين وأبى أن يحلف، قضى عليه الحاكم بالنكول، فالنكول -يعني: الامتناع- قرينة ظاهرة دالة على صدق المدَّعي، وقد حكم بالنكول عثمان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجماعة من أهل العلم.
وذهب جماعة آخرون إلى أن اليمين ترد على المدعِي إذا نكل المدعَى عليه، فيحلف، ويستحق، ولا سيما إذا قوي جانبه.
- فإذا حلف المدعى عليه وخلَّى الحاكم سبيله، فأحضر المدَّعي بَينة بعد ذلك حكم له بها؛ لأن يمين المنكر لا تزيل الحق، وإنما هي مزيلة للخصومة.
الباب الثاني: في الشهادات،
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في تعريفها، وحكمها، وأدلتها:
1 - تعريفها: الشهادة في اللغة: هي الخبر القاطع، مشتقة من المشاهدة؛ لأن الشاهد يخبر عما شاهده وعاينه.
والمراد بها عند الفقهاء: الإخبار بحق للغير على الغير في مجلس القضاء.
أو: هي الإخبار بما علمه الشاهد بلفظ خاص، وهو: أشهد أو شهدت، أو ما يقوم مقامهما.
2 - حكمها: تَحَمُّل الشهادة في غير حق الله تعالى -يعني في حق الآدميين- فرض على الكفاية، إذا وجد من يقوم بذلك كفى عن الآخرين لحصول الغرض، وإن لم يوجد إلا من يكفي تعيَّن عليه؛ لقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: 282].
وأما أداؤها وإثباتها عند الحاكم: ففرض عين على من تحملها متى دُعي إلى أدائها؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة: 283]، وهذا وعيد شديد لمن كتمها، فدل على فرضية أدائها على من تحملها، متى دعي إلى ذلك.
ويشترط لوجوب تحملها وأدائها: انتفاء الضرر عن الشاهد، فإن كان يلحقه من ذلك ضرر في عرضه أو ماله أو نفسه أو أهله، فلا يجب عليه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا ضرر ولا ضرار) (صححه الألباني).
3 - أدلة مشروعيتها: دلَّ على مشروعية الشهادة الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: 282]، وقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) [الطلاق: 2]. وقوله تعالى:: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة: 283].
وقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]. وقوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282].
ومن السنة: حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (شاهداك أو يمينه) (البخاري ومسلم واللقظ لمسلم)، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (البينة على المدَّعي، واليمين على من أنكر) (صححه الألباني من حديث عمرو بن شعيب بلفظ "واليمين على المدعى عليه).
وقد أجمع العلماء على مشروعيتها؛ لإثبات الحقوق، ولأن الحاجة داعية إليها.
المسألة الثانية: شروط الشاهد الذي تقبل شهادته:
يشترط فيمن تقبل شهادته الشروط التالية:
1 - الإسلام: فلا تقبل شهادة الكافر؛ لقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]. وقوله عز وجل: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282] والكافر ليس بعدل ولا مرضي، وتقبل شهادة الكفار من أهل الكتاب في حال الوصية في السفر لأجل الضرورة، وذلك إذا لم يوجد غيرهم؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) [المائدة: 106]. قال ابن عباس وجماعة كثيرون في قوله: (أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ): من غير المسلمين، يعني أهل الكتاب (تفسير ابن كثير).
2 - البلوغ والعقل: فلا شهادة لصغير وإن اتصف بالعدالة، لأنه غير كامل العقل، فهو ناقص الأهلية. لكن تقبل شهادة الصبيان بعضهم على
بعض في الجروح خاصة، وبخاصة قبل تفرقهم إذا اتفقت كلمتهم. وكذا لا تقبل شهادة المجنون والمعتوه والسكران؛ لأن شهادتهم لا تفيد اليقين الذي يحكم بمقتضاه.
3 - الكلام: فلا تقبل شهادة الأخرس، ولو فهمت إشارته؛ وإنما قبلت إشارته في الأحكام الخاصة به للضرورة. لكن لو أدى الشهادة بخطه كتابة قُبلت؛ لدلالة الخط على الألفاظ.
4 - الحفظ والضبط واليقظة: فلا تقبل شهادة المغفل والمعروف بكثرة الخطأ والسهو؛ لعدم حصول الثقة بقوله؛ لاحتمال أن يكون ذلك من غلطه، لكن تقبل ممن يقلُّ منه ذلك؛ لأنه لا يسلم منه أحد.
5 - العدالة: فلا تقبل شهادة الفاسق؛ لقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]، والعدل: هو المستقيم في دينه، الذي لم تظهر منه ريبة، ذو المروءة، المؤدي للواجبات والمستحبات، المجتنب للمحرمات والمكروهات.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس