منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - رحلة الأحلام في المغرب
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2017, 03:14 PM
  #154
Neat Man
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية Neat Man
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 4,683
Neat Man غير متصل  
رد: رحلة الأحلام في المغرب

ودعت الشباب الفاسيين، وغادرت خنيفرة، ثم توجهت صوب بني ملال، الطريق كما هو سابقه، ضيق وأمامك سيارات وعربات كبيرة يجب أن تأخذ انتباهك لها، من أعلى الجبل رأيت مكاناً كبيراً قد تجمع الماء به وكأنه بحيرة لاحدود لها، عرفت فيما بعد أنه مخزن للماء أنشأته الدولة وتستخدمه في أغراض متنوعة، واصلت المسير حتى بدت لي بني ملّال قبل المغرب بساعة، مدينة صغيرة أو متوسطة، هادئة ساكنة، ذهبتُ إلى فندقٍ صغير قد حجزت فيه، وضعت في غرفتي حقيبتي وبعض أغراضي، واتجهت مباشرة لعين أسردون قبل أن يأتي الظلام، ذلك أني أحب أن أزور الأماكن المختلفة بالنهار، زرت عين أسردون وهي عبارة عن شلال صغير وكأنه قد أعد بطريقة ليبدو شكله جميلاً، إذا أن تحويل الماء من العين لتصبح شلالً من صنع البشر وليس طبيعة، بأن أمضيت مايقارب الساعة هناك، والناس مجتمعون ويلتقطون بعض الصور حوله، توجهت إلى مبنى مرتفع، وهو معلم مشهور عن هذه المدينة، ويطل عليها وتستطيع أن ترى كامل بني ملّال من خله تصميمه أقرب إلى تصميم القصور أو البيوت السعودية النجدية في عقود وقرون خلت والتي تبنى من الطين وتحديداً شبيه بقصر المصمك في الرياض، كنتُ هناك والظلام قد غطى المكان، حتى نزلت منه وذهبت بسيارتي أتجول في شوارع المدينة، ووقفت على مجموعة من الباعة والبائعات، كل واحد منهم يقف أمام الكشك الصغير الخاص به، حيث يبيعون العصائر، والأغلبية تبيع الأكل كالدجاج أو اللحم أو الطحال أو الكبدة التي يعشقها كثيرة من المغاربة بشكل كبير، طلبت من الرجل أن يصنع لي سندويتشاً من الدجاج، ومن المرأة التي بجانبه عصير برتقال، أكلت عشائي وعدتُ إلى الفندق لأنام على أن أسير غداً الصباح إلى بين الويدان.

منطقة بين الويدان عبارة عن مكان ربما لايوجد حوله مدن، وإنما هو مكان للنزهة وقضاء يوم أو أكثر هناك، هو عبارة عن ماء كبير يتكون من واديين أثنين هما وادي انحصال الشهير ووادي العبيد، هناك أماكن للسكن متواضعة وغالية الثمن، وهناك فندقين أسعارهما غالية جداً، الأكثر جاذبية بالنسبة لي كان أثناء السير صوب بين الويدان، حيث وأنتَ تسير يتوجب عليك المرور بمنعطفات خطرة جداً، ليس ذلك الأكثر إثارة، إنما المنظر البديع والجميل حيث لاترى سوى الطبيعة الخضراء البكر التي تبدو لكَ أنه لم يلامسها بشرٌ قط، كنتُ أعلى الجبل وتوقفتُ قليلاً بسيارتي، ورحت أتأمل جمال تلك الطبيعة، في الجبل الذي توقفتُ عنده كان أمامه من بعيد جبلٌ آخر، وكلا الجبلين قد غطيا بالأشجار الفاقعة بالاخضرار، وأسفل الجبلين يترأى لك نهر في مكان سحيق، كان المنظر أستثنائياً وشعوراً لايمكن وصفه.
وصلت إلى بين الويدان حيث بحيرة مترامية الأطراف، لم يكن هناك أحدٌ ذلك أني زرتها في موسم غير سياحي، وفي وقت الدراسة، لم أجد سوى شباباً واقفين مع قواربهم، رحت أتحدث إليهم وأستقي منهم بعض المعلومات عن المكان، حتى جاء الوقت لأواصل المسير، بالفعل تركت بين الويدان، ورحت أواصل هوايتي الجميلة وهو السير على البجال بالسيارة، وتقابلني أطفال قد نزلوا من قراهم الصغيرة ليحاولوا إيقافي وإيقاف أي سيارة تمر من خلال الطريق ليبيعوا له الزعتر، لم يكن لي حاجة به لذلك لم أقف، مررت على بعض القرى حتى وصلتُ أزيلال، زودت هاتفي بالانترنت وكذلك توقفت عند مقهى وشربت فيه الآتاي، حتى قاربت من الخروج منها، بينما أنا أخرج من إزيلال، إذ بإمرأة أربعينية شعثاء غبراء جرداء نحيفة الجسد أوقفتني وأصرت على أن أقف لها، فتوقفتُ بعيداً عنها بمائة متر، فجائتني مزروبة، وركبت دون أن تستأذن وأغلقت الباب، وقلت لا تسرقني! قلت كيف لا أسرقك!؟ فقالت إلى أين أنتّ ذاهب قلت إلى شلالات أوزود، قالت وأنا ذاهبة إليها، نظرت إليه قالت آه أنتا ماشي مغربي، قلت نعم، قلت من وين من تونس؟ قلت لا من السعودية، قالت آه الحمدلله، وراحت تسب المغاربة، فقلت لها توقفي، الناس فيهم خير وفيهم الشر ولاتضعي الجميع في سلة واحدة، قالت أنا أصلاً ما أحب العرب، إلا ثلاثة أشياء أحبها، قلت إيش هيّا؟ قالت أن الرسول عربي وأن القرآن باللغة العربية، وأن كلام أهل الجنة بالعربي، تصرفتها وحركاتها لم تريحني، قلت من أين أنتي؟ قالت أمي من مراكش وأبي من طنجة، بالشمال هل تعرفها!؟ قلت نعم أعرفها، ثم سألتها ماذا تشتغل، فقالت أنها تخدم في الشرطة، مع الملك! هنا توقفت وقلت أنها غير طبيعية فعلاً، كان في يدها شنطة كبيرة قد أوضعتها بجانب قدميها وكأنها صنعت من خوص النخل، وفيها أقمشة وبعض الأغراض التي لا أستطيع رؤيتها، فقالت أنها قد ابتليت بالمسيحية، وأردت أن تخرج شيئاً من تلك الشنطة، فتوقفت على الجنب، وقلت لحظة، خصني أرجع لأزيلال بغيت ناحد شي حاجة نسيتها، قالت تنزلني هنا!؟ قلت نعم، وستجدين من يقلك إلى شلالات أوزود، قالت أخاف يسرقوني، قلت لا ماراح يسرقونك، وأنزلتها وواصلت المسير، وتعوذت من شرها وقرأت المعوذتين وسورة الأخلاص ، التجربة رغم أنها مرعبة وسريعة إلى أنها إضافة جيدة لرصيد التجارب لدي.

واصلت السير حتى تتبعت اللوحات التي تدلني على شلالات أوزود العظيمة، مشيت في الشارع والطبيعة قد لفتني عن يميني وشمالي، والناس الطيبة تسير على قدميها نحو مدارسها أو لقضاء بعض حاجتها ولكلٍ وجهته. وصلت إلى أوزود، ورحت أتمشى فيها من إعلى مصب الشلال ثم مشيت من الخلف بالجهة المقابلة للشلال، فتجولت بها لما يقارب النصف ساعة وكأنني في غابة أدغال لاتسمع سوى صوت العصافير وجريان المياه، والهدوء الذي يلفه والسكينة التي تعتمرك، كانَ شعوراً ممتعاً أن تتجول لوحدك، حتى اقتربت من الشلال وكان على الجنب يوجد الكثير من المطاعم والمقاهي وكلما ارتقيت للأعلى كلما وجدتَ مطعماً، تحت الشلال الشباب القليلين يعومون ويقفزون من الأعلى إلى الأسفل، صوت الشلال مهيب يسقط من علو مائة متر أو أكثر، ولعله أطول شلال في المغرب أو واحد من أطول الشلالات في إفريقيا. أمضيت هناك مايقارب الثلاث ساعات، متسمراً تحت الشلال الذي لاتنفك عينيك عن جماليهات جمال الاشجار المحيطة به، توقفت عند مطعم تناولت فيه الطاجين تحت وقع ألحان ذلك الشلال وتغاريد العصافير والطيور، وطيبة قلوب البشر هناك، حتى انتهيت وصعدت جزء من الدرج الذي هو عبارة عن أكثر من سبع مائة درجة تنزل من أعلى الشلال إلى أسفله، وإذا بي أجد مقهى يتمركز في مكانٍ جميل وباطلالة رائعة على الشلال، أخذتُ منه الآتاي، وجلستُ مايقارب الساعة، حتى شعرت أني أخذتُ كفايتي من شلالت أوزود، فتوجهت إلى مراكش حيث البهجة والسرور.


قريباً سأضع الصور الخاصة ببني ملال، وبين الويدان وشلالات أوزود.
__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..
رد مع اقتباس