منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - قراءة يومية في السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 13-07-2016, 09:15 PM
  #8
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: مع الحبيب في روضة الأنوار


اللقاء الثامن من لقاءات السيرة العطرة
القيام بالدعوة :
وقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - على أثر نزول هذه الآيات بالدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – وحيث أن قومه كانوا جفاة لا دين لهم إلا عبادة الأصنام والأوثان ، ولا حجة لهم إلا أنهم ألفوا آباءهم على ذلك ، ولا أخلاق لهم إلا الأخذ بالعزة والأنفة ، ولا سبيل لهم في حل المشاكل إلا السيف ، فقد اختار الله أن يقوم بالدعوة سراً ، ولا يواجه بها إلا من يعرفه بالخير وحب الحق ، ويثق به ويطمئن إليه ، وان يقدم أهله وعشيرته وأصدقاءه وندماءه على غيرهم .
الرعيل الأول :
فلما بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوته بادر إلى الإيمان به عدد ممن كتب الله له السبق إلى السعادة والخير .
1- وكانت أولهم على الإطلاق أم المؤمنين خديجة بنت خويلد – رضي الله تعالى عنها - ، وكانت قد علمت البشارات ، وسمعت عن الإرهاصات ، وأبصرت ملامح النبوة ، وشاهدت تباشير الرسالة ، وتوقعت أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو نبي هذه الأمة ، ثم تأكد لها من حديث ورقة ان الذي نزل في حراء هو جبريل – عليه السلام – وأن الذي جاء به هو وحي النبوة ، ثم شاهدت بنفسها ما مر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول أول المدثر ، فكان من الطبيعي أن تكون هي أول المؤمنين .
2- وبادر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صديقه الحميم أبي بكر الصديق – رضي الله عنه - ليخبره بما أكرمه الله به من النبوة والرسالة ، ويدعوه إلى الإيمان به ، فآمن أول من أمن به على الإطلاق أومن من الرجال ، وكان أصغر منه - صلى الله عليه وسلم - بسنتين ، وصديقاً له منذ عهد قديم ، عارفاً بسره وعلانيته ، فكان إيمانه أعدل شاهد على صدقه - صلى الله عليه وسلم - .
3- ومن أول من آمن به على بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان تحت كفالته - صلى الله عليه وسلم - مقيماً عنده ، يطعمه ويسقيه ، ويقوم بأمره ، لأن قريشاً أصابتهم مجاعة ، وكان أبو طالب مقلاً كثير الأولاد ، فكفل العباس ابنه جعفراً ، وكفل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا ، فكان كأحد أولاده إلى أن جاءت النبوة وقد ناهز البلوغ ، -يقال :كان عمره عشر سنين – وكان يتبعه في كل أعماله ، فلما دعاه إلى الإسلام أجاب إليه ، وهو أول من آمن به من الصبيان .
4- ومن أول من آمن به مولاه زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ، كان قد أسر أيام الجاهلية وبيع ، فاشتراه حكيم بن حزام . ووهبه لعمته خديجة ، فوهبته خديجة لرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلم به أبوه وعمه فجاءا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلماه ليحسن إليهما في فدائه ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيداً ، وخيره بين أن يذهب مع أبيه وعمه وبين أن يبقى عنده ، فاختاره عليهما ، وعندئذ ذهب رسول الله إلى الملأ من قريش ، وقال : اشهدوا أن هذا ابني وارثاً وموروثاً، وذلك قبل النبوة ، فكان يدعى زيد بن محمد حتى جاء الإسلام وأبطل التبني ، فدعي زيد بن الحارثة .
هؤلاء الأربعة كلهم أسلموا في يوم واحد ، يوم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإنذار ، وقام بالدعوة إلى الله ، وقد قيل عن كل واحد منهم إنه أول من أسلم .
ثم نشط للدعوة إلى الله أبو بكر - رضي الله عنه - وصار الساعد الأيمن للنبي - صلى الله عليه وسلم - في مهمة رسالته ، وكان رجلاً عفيفاً ، مألفاً محبباً ، سهلاً كريماً ، جواداً ، معظماً ، أعلم الناس بأنساب العرب وأخبارها ، يقصده رجال قومه لخلقه ومعروفه ، وعلمه وفضله ، وتجارته وجوده ، وحسن معاملته ومجالسته . فدعا إلى الإسلام من توسم فيه الخير ووثق به من قومه ، فأجابه جمع من فضلاء الناس ، في مقدمتهم عثمان بن عفان الأموي ، والزبير بن العوام الأسدي ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري ، وسعد بن أبي وقاص الزهري ، وطلحة بن عبيد الله التيمى ، بين لهم أبو بكر - رضي الله عنه - الإسلام ، وأتى بهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا جميعاً .
ثم تلا هؤلاء أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، وامرأته أم سلمة ، والأرقم بن أبي الأرقم ، وعثمان بن مظعون ، وأخواه قدامة وعبدالله ابنا مظعون ، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ، وسعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل ، وامرأته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب ، وخباب بن الأرت ، وجعفر بن أبي طالب ، وامرأته بنت عميس ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وحاطب بن حارث ، وامرأته فاطمة بنت المجلل ، وأخوه حطاب بن حارث ، وامرأته فكيهة بنت أبي عوف ، ونعيم بن عبد الله بن أسيد النحام ، وهؤلاء كلهم قرشيون من بطون وأفخاذ شتى من قريش.
ومن السابقين الأولين إلى الإسلام من غير قريش : عبدالله بن مسعود الهذلي ، ومسعود بن ربيعة القاري ، وعبدالله بن جحش ، وأخوه أبو أحمد بن جحش ، وصهيب بن سنان الرومي ، وعمار بن ياسر العنسي ، وأبوه ياسر ، وأمه سمية ، وعامر ابن فهيرة .
وممن سبق إلى الإسلام من نساء من غير من تقدم ذكرهن : أم أيمن بركة الحبشية ، مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاضنته ، أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية ، زوج العباس بن عبد المطلب ، وأسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - .
وقد عرف هؤلاء الأقدمون ومن أسلم معهم بلقب السابقين الأولين ، ويظهر بعد التتبع والاستقراء أن عدد من قيل فيه : أنه قديم الإسلام ، أو قيل فيه : إنه من السابقين الأولين ، يصل إلى مائة وثلاثين صحابياً تقريباً . ولكن لا يعرف بالضبط أنهم أسلموا قبل الجهر بالدعوة. أو تأخر إسلام بعضهم إلى الجهر بها .

عبادة المؤمنين وتربيتهم :
أما الوحي فقد تتابع نزوله بعد أوائل المدثر . ويقال : إن أول ما نزل بعدها هي سورة الفاتحة ، وهي سورة تجمع بين الحمد والدعاء ، وتشتمل على جميع المقاصد المهمة من القرآن والإسلام ، كما أن أول ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من العبادات الصلاة : ركعتان بالغداة وركعتان بالعشي ، نزل بذلك جبريل فعلمه الوضوء والصلاة .
فكانت الطهارة الكاملة هي سمة المؤمنين ، والوضوء شرط الصلاة ، والفاتحة أصل الصلاة ، والحمد والتسبيح من أوراد الصلاة ، وكانت الصلاة هي عبادة المؤمنين ، يقيمونها ، ويقومون بها في أماكن بعيدة عن الأنظار ، وربما كانوا يقصدون بها الأودية والشعاب .
ولا تعرف لهم عبادات وأوامر ونواه أخرى في أوائل أيام الإسلام ، وإنما كان الوحي يبين لهم جوانب شتى من التوحيد ، ويرغبهم في تزكية النفوس ، ويحثهم على مكارم الأخلاق ، ويصف لهم الجنة والنار ، ويعظهم مواعظ بليغة تشرح الصدور وتغذي الأرواح .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويحدو بهم إلى منازل نقاء القلوب ، ونظافة الأخلاق ، وعفة النفوس ، وصدق المعاملات ، وبالجملة كان يخرجهم من الظلمات إلى النور . ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ويربيهم على التمسك بدين الله والاعتصام بحبل الله ، والثبات في أمر الله ، والاستقامة عليه .
وهكذا مرت ثلاثة أعوام ، والدعوة لم تزل مقصورة على الأفراد ، لم يجهر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجامع والنوادي ، إلا أنها صارت معروفة لدى قريش ، وقد تنكر لهم بعضهم أحياناً ، واعتدوا على بعض المؤمنين ، ولكنهم لم يبالوا بها بصفة عامة ، حيث لم يتعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لدينهم ولم يتكلم في آلهتهم .
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس