عضو المنتدى الفخري [ وسام العطاء الذهبي لعام 2015 ]
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 4,649
رد: تلاوة كتاب الله ( دورة اقرأ وارتق 2 )
سورة الطور من السورة المكية التي تعالج موضوع العقيدة الإسلامية وتبحث في أصول العقيدة وهي " الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء " .
و هناك تشابه كبير بين موضوعات سورة الذاريات وسورة الطور وكلتا السورتين من السور المكية المتقدمة، والسور المكية المتقدمة التي نزلت في المرحلة المكية الأولى لها خاصية معينة يكثر فيها القسم بالأشياء المحسوسة والمحيطة بالإنسان وفي الغالب ما يعايشه الإنسان مثلاً القسم (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴿١﴾ فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ﴿٢﴾ فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ﴿٣﴾) كلها عبارة عن الرياح الحاملة للسحب والمطر ما يتعلق بمعايش الإنسان وأرزاقه.

سورة الطور جاء القسم فيها بخمسة أمور ضخمة من العوالم العلوية والسفلية (وَالطُّورِ ﴿١﴾ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ﴿2﴾ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ﴿3﴾ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴿4﴾ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ﴿5﴾ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴿٦﴾) حكمة القسم بهذه الأمور الضخمة العظيمة تنبيه هؤلاء الناس لأنهم كانوا في غفلة

سُميت سورة الطور لأن الله تعالى بدأ السورة الكريمة بالقسم بجبل الطور الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام ونال ذلك الجبل من الأنوار والتجليات والفيوضات الإلهية ما جعله مكانا وبقعة مشرفة على سائر الجبال في بقاع الأرض .
نستطيع أن نستشف هدف السورة من وراء آياتها والتي تجعل الإنسان في إختيار للطريق الذي يسلكه إما للجنّة أو للنار
وعندما بدأ الحق سبحانه سورة الطور بالقسم بخمسة أمور دليل على أهمية الموضوع وهو أهوال الآخرة وما يلقاه الكافرون في ذلك الموقف الرهيب وأقسمت أن العذاب واقع بالكفار لا محالة ولا يمنعه مانع.

وبما أن الله أعطى الإنسان مسؤولية الاختيار فقد وضح له الطريق وما يلقاه كل صنف في آخر الطريق الذي اختاره
وقد بدأ بوصف جهنم وأهلها لتخويف والترهيب وقال سبحانه :
"فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ"آية 11
"الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ"12
"يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا"13
" هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ "14
" أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ " 15
" اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
تمعنوا هذه الآية حيث يقول فيها للكفار ذوقوا حر هذه النار, فاصبروا على ألمها وشدتها, أولا تصبروا على ذلك , فلن يخفف عنكم العذاب , ولن تخرجوا منها, سواء عليكم صبرتم أم لم تصبروا, إنما تجزون ما كنتم تعملون في الدنيا.

ثم انتقل إلى وصف الجنة وأهلها من المتقين قال تعالى :
" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ " آية 17 .
" فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ " 18
"كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"19
"مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ"20
وصف المتقين والنعيم الذي يلقوه جراء أعمالهم وإيمانهم
نسأل الله أن لا يحرمنا من جنته

ونجد في السورة آية يمكنها أن تكون محورية وهي الآتية قال تعالى :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) آية 21.
هذه الآية خاصة بالآباء المؤمنين فكل جهد يبذله الأب في تربية أولاده، التربية الإيمانية، والتربية الأخلاقية، والتربية الجسمية والتربية العلمية، والتربية النفسية، والتربية الاجتماعية، كل جهد يبذله الأب، في سبيل تربية أولاده، هذا الجهد محفوظ عند الله بشكل لا يصدق، بحيث أن كل أعمال الأولاد في صحيفة أبيهم.
قال بعض المفسرين
" والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين "
أي والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم في الإيمان, ألحقنا بهم ذريتهم في منزلتهم في الجنة, وإن لم يبلغوا عمل آبائهم; لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم , فيجمع بينهم على أحسن الوجوه, وما نقصناهم شيئا من ثواب أعمالهم.
ومن صفات أهل الجنة ما جاء في الآيات التالية قال تعالى
"وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ"25
"قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ"26
"فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ"27
"إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ"28
قالوا في شرح هذه الآيات :
إنا كنا قبل في الدنيا خائفين ربنا , مشفقين من عذابه وعقابه يوم القيامة،فمن الله علينا بالهداية والتوفيق ،و كنا من قبل نتضرع إليه وحده لا نشرك معه غيره أن يقينا عذاب السموم ويوصلنا إلى النعيم , فاستجاب لنا وأعطانا سٌؤلنا, إنه هو البر الرحيم.فمن بره ورحمته بنا أنَلْنا رضاه والجنة,ووقانا عذاب جهنم, ومن نارها وحرارتها.

في آخر السورة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على كل هذا قال تعالى :
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ)
هذا لاطمئنان الرسول الله صلى الله عليه وسلم انه في رعاية الله والله سبحانه وتعالى هو الذي يؤيدك بنصره وبتوفيقه وإذا كان الله معك فلا يهمك كل البشر ولو كانوا ضدك.