غيرة الزوج على زوجته

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
و بعد ..

1 – تحية إكبار مني لكل رجل غيور على أهله
فغيرة الرجل نابعة من رجولته و دينه
و كلما كان أكثر تديناً و قرباً من الله تعالى كانت غيرته أكبر .

2- أرجو الإنتباه إلى أنني أتحدث عن غيرة الرجل على أهله
و هي فطرة فطره الله عليها فقد كان الجاهلي على كفره حريص على
حماية نساءه و ابعادهن عن ما يخدش حيائهن أو يهتك عرضهن
ناهيك عن الزنا و الخنا و غيره .
و لا أقصد الشك المرضي الذي يكون من البعض دون وجود
ريبة أو ذنب من جهة الزوجة .

3- في الصحيحين من حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ :
قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسّيْفِ
غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم فَقَالَ : ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟
فَوَ الله لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَالله أَغْيَرُ مِنّي ).

لاحظوا غيرة هذا الصحابي رضي الله عنه و شديد حرصه
على حماية عرض زوجته من أن يدنسه مدنس .
و كذلك لاحظوا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم له و إيضاح أنه أشد غيرة منه
و كذلك وصف الغيرة أنها صفة لله عز وجل لذلك حرم الله تعالى الفواحش و انتهاك الأعراض .

4- قالت أسماءُ بنت أبي بكر : تَزَوّجَني الزّبَير وما له في الأرضِ مِنْ مالٍ ولا مَمْلوكٍ ولا شيءٍ غيرِ ناضحٍ وغير فَرَسِهِ ، فكنتُ أعلِفُ فرسَهُ وأستقي الماءَ وأخرِزُ غَربَهُ وأعجِن ، ولم أكن أُحسِنُ أخبزُ ، وكان يَخبزُ جاراتٌ لي من الأنصار ، وكن نِسوَةَ صِدق ، وكنتُ أنقل النّوَى من أرض الزّبير التي أقطَعَهُ رسولُ صلى الله عليه وسلم على رأسي ، وهي مِنِّي على ثُلثَي فَرسَخ ، فجِئتُ يوماً والنّوَى على رأسي ، فلقيتُ رسولَ صلى الله عليه وسلم ومعهُ نَفَرٌ من الأنصار ، فدَعاني ثم قال : إخْ إخ ، ليحمِلَني خَلفَه ، فاستحيَيتُ أن أسيرَ معَ الرّجال ، وذكرتُ الزّبيرَ وغَيرَتَه ، وكان أغيَرَ الناس ، فَعَرَفَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أني قد استحييتُ فمضى ، فجئتُ الزّبيرَ فقلتُ : لَقيَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النّوَى ، ومعهُ نفرٌ من أصحابه ، فأناخَ لأركبَ ، فاستَحييتُ منه ، وعرَفتُ غَيرتَك ، فقال : والله لَحملُكِ النّوى كان أشدّ عليّ من ركوبِك معَه . قالت : حتى أرسلَ إليّ أبو بكرٍ بعدَ ذلك بخادمٍ تَكفيني سِياسةَ الفَرَس ، فكأنما أعتَقَني . متفق عليه .

لاحظوا عظمة المرأة المسلمة التي تراعي غيرة زوجها
على الرغم أن من دعاها لركوب الناقة رحمة بها
ليخفف عنها عناء الحمل الثقيل الذي كانت تحمله
و المسافة الطويلة التي كانت تقطعها سيراً على الأقدام
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو و أمي .

ولاحظوا كذلك مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم
لشعور اسماء رضي الله عنها و حيائها و حرصها على مشاعر زوجها .
و انصرافه دون أن يُلح عليها بالركوب حتى لا يُحرجها
أمام نفسها و أمام زوجها
اللهم صلِ عليه وسلم صلاة و سلاماً دائمين ما تعاقب الليل و النهار .

ولاحظوا كذلك صدق أسماء رضي الله عنها مع زوجها
الزبير رضي الله عنه و عدم إخفاء أو إسقاط هذه الواقعة
و ذكرها لها بالتفصيل و توضيحها له و تبيينها مشاعرها
و أسبابها في عدم الركوب مع النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا من ذكاء الزوجة المسلمة حتى لا يحصل بينها و بين زوجها
ما يسبب سوء فهم ينتج عنه خلاف
لأن هذا الموضوع يمسه كزوج بشكل مباشر
خاصة في حال إذا قابله أحد الصحابه رضوان الله عليهم
و أخبره بالواقعة و أن زوجته قد امتنعت عن الركوب
مع النبي صلى الله عليه وسلم
و معروف عن الرجل أنه يكره أن يكون غافلاً عن اهل بيته
أو يسمع أخبارهم من خارج البيت أو من غيرهم
قبل أن يسمعها منهم ..
كذلك ليكون لديه الفهم الكامل لوجهة نظر زوجته
فيستطيع الذب عنها و الدفاع عن تصرفاتها
أمام الآخرين .. حماية لها و غيرة عليها من الألسن .

5- من غيرة الرجل على أهله
حرصه على الحشمة في لباس أهله و كذلك حجابهن
فكما هو معلوم أن الله تعالى قال :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ
ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)

فالخطاب في الآية الكريمة كان للنبي صلى الله عليه وسلم
بصفته ولي الأمر .. و لم يكن الخطاب مباشرا للنساء
و هذا دليل على أن حجاب المرأة و حشمتها لابد ان تكون
ملاحظة من ولي امرها فلا يترك لها الحبل على الغارب
لتقلد فلانة أو علانة أو تتبع هواها أو تتعذر بأن كل نساء المجتمع
يلبسن بهذه الطريقة أو يتحجبن هذا الحجاب
بل يجب على الرجل أن يكون رجلاً و قيماً على أهل بيته
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
( لا يكون الرجل رجلاً حتى يُحسن أن يقول لا )

و مما يؤسف له أن نرى لباس النساء في المناسبات و الأفراح
أقل ما يُقال عنه أنه لباس العاهرات و العياذ بالله
إلا من رحم الله منهن و أنجاها من هذا الوحل .

6- عن أم جعفر أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأسماء بنت عميس :
إني أستقبح ما يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب ، فيصفها .
قالت : يا ابنة رسول الله ، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ، ثم طرحت عليها ثوبا .

هذه القصة المشهورة عن ابنة نبينا رضي الله عنها و أرضاها
تبين مدى إعتزاز المرأة المسلمة بنفسها و بحشمتها و حرصها أن
تكرم جسدها الطاهر حية و ميتة .. وتصونه عن أعين الناس .
اللهم اجعلنا حفيدات بارات بسيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها
و اجعلنا مقتديات بها سائرات على نهجها في الحشمة لا نحيد عنه .

7- أحب أن أنوه أيضاً إلى ضرورة العناية
بلباس البنات الصغيرات و عدم تعويدهن على اللباس الغير محتشم
فهن أمانة في أعناقنا .. و ذلك لحمايتهن و كذلك حماية النساء بشكل عام
من عيون الانس و عيون الجن كذلك
لأنه من المعروف أن الجن يحبون الحوم حول الطفلة أو المرأة التي
تظهر اجزاء من جسدها و تلبس لباس غير محتشم
فتكثر حالات المس الشيطاني في هذه الفئة .. فأرجو الإنتباه .

8- قبل أسابيع قليلة كنتُ جالسة في المسجد النبوي
مع امرأة من جنسية عربية جاءت من بلادها لزيارة المسجد النبوي
المهم أننا تحدثنا في أمور كثيرة و منها أن قصت عليّ قصة
أحب ان أذكرها هنا عسى الله أن ينفع بها و يكتب لي و لتلك المرأة الأجر
و يجمعني بها و إياكم في جنته .. حكت لي
أنها كانت في طريق سفر مع زوجها في بلادهم و لما اقتربوا من بلدتهم
كانت هناك منطقة معروفة في ذلك المكان يوجد بها ما يسمونه ( ترعة )
و كان الناس متجمهرين في ذلك المكان بسبب وقوع حادث لإحدى الأسر
حيث غرقت سيارتهم في مياه الترعة
ثم حكت لي كيف أن الناس المتجمهرين و بعض المتطوعين
كانوا يحاولون اخراج افراد الأسرة من السيارة ولكن واجهتهم صعوبات كثيرة
لكنهم بفضل الله تمكنوا من اخراج الزوج الذي لفظ أنفاسه رغم محاولة اسعافه
ثم أخرجوا الزوجة وحاولوا انقاذها بأن قلبوها رأساً على عقب حتى يخرجوا الماء
الذي ابتلعته .. ما اثر في محدثتي هو منظر المرأة الميتة و قد تكشفت أمام الناس
و قالت أن المنظر كان مؤلما جداً لها لدرجة أنها طلبت من زوجها مغادرة المكان فوراً
و أقسمت بالله أنها بعد ذلك اليوم لن تخرج من بيتها إلا و هي ترتدي بنطلون ساتر
تحت ملابسها و حجابها ..
أسأل الله تعالى ان يرحمنا و يرحم تلك الاسرة الغريقة إن كانوا مسلمين
و أن يرحم موتانا و موتاكم و موتى المسلمين ..
آمين
آمين
آمين

أخيراً أحب التنويه عن أن هذا الموضوع هو جانب تابع
لموضوع : صناعة الزوجة المسلمة
http://www.66n.com/forums/showthread.php?t=257429
كتب الله تعالى أن تكون هذه الجزئية جاهزة عندي كتابة
فأحببت أن أضيفها بموضوع مستقل
حفاظاً على تسلسل الحديث في ( صناعة الزوجة المسلمة )
فغداً - إن شاء الله - سنتكلم في الزواج المبكر و زواج الصغيرات و تعدد الزوجات
أسأل الله العون و التسديد لي و لكم .

__________________
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .. و احفظوا عني :
إن لم تكن إنسان إرادة تلتزم بفعل ما تريد فكن إنسان شغف و أحب ما تريد الالتزام به و ستنجح بإذن الله .