منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - مشكلتي مع رئيستي في العمل !
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-2014, 01:28 PM
  #24
أُحْجِيَة
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية أُحْجِيَة
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 679
أُحْجِيَة غير متصل  
رد : مشكلتي مع رئيستي في العمل !





آهٍ يا بنت الكرام تعرفين ... مررتُ بالألم الذي تمرين به اليوم مذ أربع سنوات -فقط- أوّل يوم التحقتُ بوظيفتي تلك والتي تركتها اليوم ... أوّل يومٍ لي فيها لا أنساه أبدًا شعرتُ بغربةٍ عميقةٍ والله رغم معرفتي السابقة لعددٍ من الموظفات ... أذكر المديرة وهي تنظر إليّ شزرًا وتحرك بعينيها بيني وأوراق على مكتبها: عمركِ صغير على حمل هذهِ المسؤولية, بل أشك بأنكِ تستطيعن القيام بها كما ينبغي نحن نحتاج الخبرة وخبرة سنة لا تكفي, عليكِ بكذا وكذا ... صدمة / صمت / رضوخ ... على أمل أن أتعلّم درسًا في الحياة رغم أن داخلي قد شرخ لاستصغارها, وكانت صفعة الاستصغار هذهِ أول درسٍ أتلقاه في حياتي العمليّة ... واجهتُ خلال السنة الأولى الاستغلال بأشكاله وبحكم صغر السن وقلّة الخبرة, كنتُ لا أعرف كيف أردها بأدب, وأقول: لا, بل هو طبعٌ سيءٌ فيّ لازمني لفترة, أعمل عملي وأساعد غيري بل وصل بها الأمر لتحملني بعض مهامها الإدارية, أن تطلبني العمل في أيام إجازتي ... وبصدق ودون أسفٍ على ذلك الوقت: كنتُ الوحيدة التي لا تملك من زمن الرّاحة إلا نصف ساعة وهذه النصف ساعة قد أعمل فيها أحيانًا, في حين أن البقية فارغاتٍ في أوقاتٍ كثيرةٍ جدًا لا يقل زمن فراغ الواحدة في اليوم الواحد عن الساعتين ونصف, تسمعين أصوات أحاديثهن وقهقهاتهن ويفوح عطر القهوة من غرفتهن دائمًا, كن طيباتٍ جدًا معي أعترفُ بذلك, حاولن كسبي وقد ربحن ... لكن قلّة حديثي معهن ومشاركتي كانت تزعجهن, ... باختصار: لم أكن كما يردن ولم أستطع تكوين صداقات خاصة, الكل أتحدث معه وأبتسم له وأشاركه أفراحه وأتراحه دون أن أتعمّق ...! هذا وقد بليت إضافة للمديرة بإدارية لا تطيقني بل وصل بها الأمر أن تصافح الجميع وحين تراني ترمقني بعينها شررًا وتمضي, وأكثر من مرّة رفعت صوتها عليّ وأكثر من مرة تهينني فيها -برأيها هي- وليتني وقتها أكون وحدي كانت تتعمد فعل ذلك أوقات اجتماعات العمل وكنت أبتسم لها, وفي داخلي شفقةً عليها وعلى عمرها الذي جاوز الـ 44 وهي لم تستطع قبول موظفة بعمر أصغر أخواتها! أخلاقنا لنا وأخلاقهم لهم! لن يضرنا إن أحسنوا أو أساؤوا يا نقيّة وما ذكرتهُ لك غيضٌ من فيض ما لقيت ذلك العام ... وفيه بفضل الله أظهرتُ إمكانياتي وتعمدتُ ألا أظهر كل ما أملك, أثبتُ لمديرتي أنّي أستحقُ أن أكون في المكان الذي نحتني عنه, مع عملي لما كلفتني به, وصنعتُ من درسها لي درسًا لها, اجتهدتُ على أن أثبتَ وجودي وأن أترك بصمتي وتخيلتُ أنها السنة الأولى والأخيرة لي في ذلك المكان, لذا حرصتُ على ترك الأثر المميز, عملتُ بصمت وجعلتُ من مخرجات عملي شاهدًا لي ... مؤمنة بـ: "إنما المرءُ بأصغريه قلبه ولسانه"! ... في السنة الثانية كان أول ما فعلته بعد مصافحتي للجميع الذهاب للمديرة والتحدث معها وكان من بين ما تحدثت معها فيه طلبي العودة للعمل في المجال الذي جئتُ لأجله -فقط- لا ما تريد هي, تحدثتُ معها بحزمٍ ولين في الوقت ذاته شرحتُ لها طموحي والهدف من اختياري هذه المنشأة تحديدًا, بيّنت لها أنّ إمكاناتي في الجانب الذي أطالب بالعمل به أكبر من غيره وأني أحبه وأعلم أني لن أقدم في غيره ما أستطيع تقديمه فيه, ثمّ ولأنّ العقد بيننا سنويّ أخبرتها آخرًا أنّي لن أوقع عقدًا جديدًا حتى توافق على مطالبي ومضيت! لترسل إليّ في وقت متأخر من مساء ذلك اليوم: "هذهِ أحجية غير التي عرفت" أرسلتُ إليها: "بل هذهِ أُحجية ذاتها التي تعرفين", ... قبلت بما طلبت, وعدتُ لأعمل كما أردت بفضل الله, حاولت استغلالي في السنة هذه أيضًا لكنها لم تستطع كما كانت في السنة الأولى !

في السنة الأولى, كنتُ أعمل بصمت وأراقب كل الحركات والسكنات التي تواجهني, ردات الأفعال, اختلاف الشخصيات وعليه أساليب التعامل معها, ... في السنة الثانية اتخذتُ قراري: لا صداقات بل زمالة عمل, استطعتُ أن أعبر عن آرائي بحرية في أوقات الاجتماعات بعد أن كنتُ أحتفظ بآرائي لذاتي, أعارض بأدب, أقترح ولا أفرض ... والمهم أني أصبحتُ أقول: لا, ولا أشعر بالذنب حين تطلب إحداهن مساعدتي, ولا أستطيع تقديمها لها, لم أعد أشعر بالخجل ولا أكلّف نفسي فوق طاقتها لأجل أحد !


اليوم وبعد تركي لهذا المكان وانتقالي لعملٍ آخر,
أقول لكِ بكل صدق: أنا مدينة لتلك السنة الأولى الّتي صقلتني وأخرجت أجمل ما فيّ اليوم,
بل علمتني علمًا ما كنتُ لأناله لو لقيت ما تمنيت وما تخيلتُ في خاطري!

ثقي تمامًا أيتها الطيّبة,
في الوقت الذي تكتبين فيه عن معاناتكِ هذه
يمر الكثيرون بظروفٍ عمليّة تشابهكِ أو هي أصعب بمراحل منكِ
أرجو أن تخرجي بأقل أثر للضررِ النفسي, وبأكبر قدر من الدرس الحياتيّ, وفقكِ الله !



__________________



" أوَّاهُ, ...
مَا أَشْقَى ذَكِيَّ القَلْبِ فِي الأَرْضِ الغَبِيَّة"!


رد مع اقتباس