رد : الحياة مع الله ’’’
(الحيي)
وصف الله – سبحانه وتعالى – نفسه بأنه يستحي من العبد،وكان يحيى بن معاذ يقول: سبحان من يذنب عبده، ووصف نفسه بأنه لا يستحي من الحقِّ، فحياؤه من عبده يرجع إلى قضاء حاجته، بصفة كرمه، وكونه لا يستحيي من الحق يرجع إلى صفة عدله، القاضية بجريان الحق على أهله، ولكل ِّ صفةٍ مقام، وكيف، فكان هذا الوصف من أوصاف الأفعال، لأنه عبارةٌ عن إظهار كرمه، وإدرار نِعَمه.
التعبد لله سبحانه باسمه (الحيي) يثمر الحياء منه سبحانه من أن يكون العبد على حالة مشينة يكرهها الله سبحانه، ويسخطها فشعور العبد بجنايته يثمر له حياء من ربه سبحانه، وإجلالاً وعلى حسب معرفة العبد بربه وأسمائه وصفاته يكون حياؤه منه، وهذا هو حياء العبودية الذي عرفه ابن القيم بقوله: "هو حياء ممتزج من محبة وخوف، ومشاهدة عدم صلاح عبوديته لمعبوده وأن قدره أعلى وأجل منها فعبوديته له توجب استحياء منه لا محالة"مدارج السالكين(2/263).
(الحياء خاصة الإنسانية ، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم، وصورتهم الظاهرة ،كما أنه ليس معه من الخير شيء، ولولا هذا الخلق لم يقر الضيف، ولم يوف بالوعد، ولم يؤد أمانة، ولم يقض لأحد حاجة، ولا تحرى الرجل الجميل فآثره والقبيح فتجنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع من فاحشة، وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه لم يؤد شيئا من الأمور المفترضة عليه فإن الباعث على هذه الأفعال إما ديني وهو رجاء عاقبتها الحميدة، وإما دنيوي علوي وهو حياء فاعلها من الخلق، وقد تبين أنه لولا الحياء إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعلها صاحبها) مفتاح دار السعادة(1/278).