السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

سافرت إلى أحب البلاد على قلبي المملكة العربية السعودية حفظها الله تعالى وشعبها من كل مكروة ، وبالتحديد إلى مدينة الخفجي في زيارة من زياراتي المعتادة إلى إحدى خالاتي "بالرضاع" ، ولا أخفيكم سراً بأن خالتي هذه إمرأة رائعة بكل ماتعنية الكلمات ورزينة وفقيهة بالحياة وكأنها أحد فقهاء الفلسفة وعلوم النفس والإجتماع ، ولا أخفيكم سراً بأني أحد تلاميذها ولازلت ، فأنا أتنفس معاني الحياة من خلالها ، وكم أتشرف أن أكون تلميذاً لهذا النوع من النسوة ولا يضير رجولتي ذلك ، بل يرفعني إلى عالم يرتقي إليه الرجال الحقيقيين ، كيف لا وصحابة رسول الله صلى الله علية وآلة وسلم كانوا يتلقون العلوم من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم ، بعد وفاة النبي.

ذهبت أنا وزوجتي إليها تعبيراً مني على إحترام هذه المرأة ، ولأنه وبلا شك عندما تذهب مصطحباً زوجتك إلى أحدٍ من أرحامك فهذا يدل على "أتيكيت" الإحترام الذي تكنه إلى هذا الشخص الذي ذهبت إليه ، ويعبر أيضاً بطريقة أخرى على إحترام الزوج لزوجتة ومكانتها عندة وإعطائها الثقة في انه يتشرف بوجودها معة أمام نماذج عظيمة من النساء مثل "خالتي" ، وهذا مما لاشك فيه بأنه يقوي اللبنة وأواصر العلاقة بين الزوجين.

قد تقولون ماذا يريد المتفائل هذه المرة من هذه المقدمة !!

أردت أن أقول لجميع الرجال المتزوجين بالذات بأنه لازالت هذه الدنيا تحتفظ بالكثير من النساء العظيمات اللاتي تمتد عظمتهن في إضاءة دروب الرجال الحقيقيين ، أردت أن أقول بأن المرأة الحقيقية هي مخلوق جداً عظيم ولولاة لما ولدت هذه الأمة أعلاماً قد وصل صيتها إلى مشارق الأرض ومغاربها ، أردت أن أقول بأن المرأة ليست أداة متعة ، ووجودها معك لايقتصر على كونه جسداً قد وهبك الله اياه للتشبع الجنسي والنفسي بل قد وهبك الله اياه ليمتد نجاحك بفضلها وبشراكتها وبتعاونها معك ، وتحقيقاً للحياة الفطرية السليمة ، ولولاها لما إستطعت حتى إتمام نصف دينك.

أردت أن أقول للرجال المتزوجين بأن المرأة لم تخلق لخدمتك وتوفير سبل الراحة لك وتنظر لها وكأن الله أصطفاها لك خادمة ، بل هي من خلقت لك هذه الأجواء لكي ترتقي "معها" وبفضلها عليك إلى الحياة الحقيقية التي تُخرج حياتكما معاً على أكمل وجة ، ولو إجتمعنا جميعاً ك رجال وأردنا أن نذكر أفضالهن علينا لما أحصيناها بعد فضل الله علينا ووالدينا ، ولجزمنا بأننا من غيرهن فاشلين ولامعنى لنا في هذه الحياة.

أردت أن أقول لجميع الرجال المتزوجين بأن المرأه لم تُسخِرَ نفسها لك إلا لأجل نجاحك في الحياة ونجاحها معك ، ولا يخفي علينا جميعنا بأن النساء هن من يتسابقن على الإستقرار بشكل عام أكثر من الرجال ويتفانين كثيراً في التضحية ، ويتنازلن عن أكثر حقوقهن من أجلك أنت أيها الزوج ومن أجل نجاحك معها وإمتداداً لنجاحك مع الآخرين.

كم أكرة تلك النظرة الذكورية للمرأة وكأنها مخلوقة أقل منة قدراً ومكانة ، ويرون بأنه لافائدة منها إلا في العامل الجنسي ، وكأنه يراها قريبة من الإستحقار والإشمئزاز ، كم أكرة تلك الكبرة التي يستقلها الذكور في قوتهم على ضعف النساء وقلة حيلتهن ، كم أكرة ناكري العشرة والمعروف.

قرأت مقولة جداً جميلة تقول بأن المرأة لم تخلق من رأس الرجل لئلا تتعالى علية ، ولا من رجله لئلا يحتقرها ، بل من ضلعه لتكون تحت جناحه فيحميها ، وقريبة إلى قلبه فيحبها وتحبة.

ولو لاحظنا وركزنا في كيفية خلق المرأة لوجدنا بأن الله خلقها لنا لنجاحنا وتفوقنا ولإستقرارنا ولإستمراريتنا ، فنحن من غير المرأة لانستطيع أن نحصل على النجاح على أقل تقدير.

لذلك أوجة رسالة إلى كل الرجال المتزوجين!!
أنت تمتلك شيئاً عظيماً ، لا شيئاً حقيراً وذليلاً ، والله بأنها ليست أقل منك ، بل هي متساوية معك في الحقوق والواجبات ، وقد تقول بأن زوجتك ليست عظيمة ك باقي العظيمات ، وأرد عليك بان العظمة هي فطرة كل النساء ولكن عندما تبحث أنت أيها الرجل عن تلك العظمة وتخرجها بالكثير من الإحترام والحب والتفاني وحسن العشرة.

رجعت من سفري القصير وفي طريق عودتنا وجدت بان زوجتي أمسكت يدي وقبلتها ، فأستشعرت قيمة مافعلته وأحسست بأني أصقل فيها العظمة التي أنشدها منها ، فسألتها لما فعلتِ هذا ؟؟ فقالت لأنك تستحق (وكثير من الكلام الرومانسي) ، ولولا أنني أستحي من دموعي لأخرجتها والله في تلك اللحظة .

رغم أنني أعاني معها من الكثير من المشاكل التي تؤرقني ولكن أحسستُ بعد هذا الموقف بأن عظمتها مدفونة وإخراجها هو مسؤوليتي وواجبي ، وهذا واجب كل الرجال المتزوجين.

كل التقدير..

__________________
استغفر الله واتوب إليه